تقرير يحذر من احتمال نشوب «صراع عنيف» بشأن «سد النهضة»

TT

تقرير يحذر من احتمال نشوب «صراع عنيف» بشأن «سد النهضة»

فيما تستعد دول العالم للاحتفال، غداً (الجمعة)، باليوم العالمي للمياه الذي أقرته الأمم المتحدة، حذّر تقرير دولي صدر أول من أمس عن «مجموعة الأزمات الدولية» في بروكسل من مخاطر انجرار دول من حوض النيل (مصر، وإثيوبيا، والسودان)، إلى صراع بسبب بناء أديس أبابا «سد النهضة»، ودعاهم إلى تحاشي «أزمة أشد خطورة عندما يبدأ السد بالعمل، والاتفاق على الانطلاق في خطوات فورية للحد من الأضرار»، بدل «الانتظار (لما بعد الانتهاء من بناء السد)، الذي سيزيد احتمال نشوب صراع عنيف».
وتخوض دولتا المصب (مصر والسودان) ودولة المنبع (إثيوبيا)، مفاوضات طويلة انطلقت قبل أكثر من 6 سنوات، في محاولة لتجنب الإضرار بحصة مصر من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، وتمكنت الدول الثلاث سنة 2016 من التوصل إلى اتفاق مع مكتبين فرنسيين لإجراء الدراسات الفنية اللازمة لتحديد الآثار الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، المترتبة على بناء السد الإثيوبي. لكن المفاوضات لم تصل إلى حلول نهائية. ووفق التقرير، فإن إثيوبيا تمضي «قُدماً في بناء أكبر سد في أفريقيا، رغم مخاوف مصر من أنه سيقلص تدفق مياه النيل أسفل النهر، الذي يشكل مصدراً لنحو 90 في المائة من إمداداتها من المياه العذبة».
ويقدَّر إجمالي الموارد المائية في مصر بنحو 79 مليار متر مكعب من المياه، تحصل عليها من النيل والأمطار والمياه الجوفية، فيما يتجاوز الاستهلاك الفعلي أكثر من 110 مليارات متر مكعب من المياه.
واستعرض التقرير أسانيد كل طرف في المفاوضات، ولفت إلى أنه فيما تقول الحكومة المصرية إن «التلاعب بتدفق مياه النهر سيحول ملايين المزارعين إلى عاطلين عن العمل، ويهدد إمدادات البلاد من الغذاء»، يعول الإثيوبيون في المقابل على «إنتاج سد النهضة لنحو 6.450 ميغاواط من الكهرباء، ما يمثل جائزة كبرى تعزز تطلعات البلاد للوصول إلى مكانة (البلد متوسط الدخل) بحلول عام 2025».
وخلص التقرير إلى أن «التأخير في إكمال بناء سد النهضة، وتحسن المزاج في أعقاب وصول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى السلطة، يجعل من هذه اللحظة مواتية للتفاوض على كيفية المضي إلى الأمام»، بيد أنه أضاف أن «الانتظار حتى يكتمل السد ويبدأ العمل (عندما يصبح أثره على بلدان أسفل النهر أشد وضوحاً) سيزيد من مخاطرة نشوب صراع عنيف».
ويرى الدكتور نادر نور الدين، الأستاذ بكلية الزراعة في جامعة القاهرة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن من بين «تداعيات استمرار بناء إثيوبيا لسد النهضة، وفق التصور الراهن، التسبب في بوار نحو مليوني فدان من الأراضي الزراعية، وما لذلك من تداعيات على الناتج القومي، وزيادة البطالة، وتأثر الإنتاج الزراعي». مبرزاً أنه «من الناحية الفنية، فإن التصميم الراهن للسد يشير، وفق توقعات الجانب الإثيوبي، إلى احتجازه سنوياً 136.5 مليون طن من الرواسب، بما يعني زيادة كبيرة في النشاط الميكروبي في المياه المخزنة في السد، وسينسحب تأثير ذلك على استنزاف الأكسجين في المياه، وبالتبعية اختفاء الأسماك من بحيرة النوبة في السودان، وتهجير الصيادين المقيمين حولها لاختفاء مصدر كسبهم».
وعدّد نور الدين الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الملازمة لاستمرار إثيوبيا في سيناريو البناء، وفق التصور الأول، لكنه أشار إلى أنه «من المرجح أن تلجأ أديس أبابا لبناء سدود أخرى لتوزيع مخاطر تكوين الرواسب». ومع ذلك، أشار نور الدين إلى أن التغيرات السياسية التي جرت في إثيوبيا، والتي تم الإعلان بموجبها عن أخطاء في العمل المصاحب لبناء سد النهضة، وتعديل مدة الانتهاء منه حتى عام 2022، ربما يساعد في خوض مباحثات جادة تنطلق من المواقف الراهنة، المتعلقة بتحقيق مصر للاكتفاء الذاتي من الكهرباء، وبدئها في الربط الكهربائي مع السودان، وبالتالي عدم حاجة دول الجوار إلى كمية الكهرباء المخطط إنتاجها من «النهضة» عبر عمل 8 توربينات.


مقالات ذات صلة

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

يوميات الشرق مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

كشفت بيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) بالتعاون مع ألمانيا، عن تراجع حاد في إجمالي كميات المياه العذبة على كوكب الأرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم «فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

«فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

بسبب البنية التحتية المتقادمة والإهدار

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا سويلم يلتقي سفيرة الإمارات في القاهرة (وزارة الموارد المائية)

مصر تطالب بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي»

طالبت مصر بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي» الذي تعاني منه المنطقة عبر إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع تحديات المياه الأمر الذي عدّه خبراء «ضرورة ملحة».

عصام فضل (القاهرة)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.