أعلنت الولايات المتحدة أمس، استمرار الإعفاء الممنوح إلى العراق لجهة التزامه بالعقوبات التي تفرضها على إيران، ومواصلة السماح له بشراء الطاقة الكهربائية الإيرانية لمدة 90 يوماً إضافية. وكان الإعفاء الأول الذي منحته واشنطن إلى العراق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي قد انتهى أول من أمس الثلاثاء. ويأتي القرار الأميركي غداة زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى العراق، للمرة الأولى منذ توليه منصبه في 2013.
وفيما يبدو أن الإعفاء الأميركي يستهدف مساعدة العراق في تغطية العجز في إمدادات الكهرباء، وقطاع الطاقة بشكل عام، خصوصاً مع المشكلات التي تسببها أزمة الكهرباء لبغداد كل عام في فصل الصيف، ترى مصادر قريبة من الحكومة العراقية، أن الولايات المتحدة تسعى إلى تفادي الحرج الذي قد ينجم من عدم التزام العراق بعقوباتها في حال رفضت منحه إعفاء جديداً.
ويأتي تمديد الإعفاء الأميركي للعراق في غمرة التشدد في الموقف الأميركي ضد إيران، واتهام الأخيرة بالوقوف خلف أغلب مشكلات منطقة الشرق الأوسط. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أمس: «نواصل مناقشة العقوبات الخاصة بإيران مع شركائنا في العراق».
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية، أن «التوسع في استغلال موارد العراق من الغاز الطبيعي وتنويع مصادر وارداته من الطاقة، سيعزز الاقتصاد العراقي، بالإضافة إلى تشجيع قيام عراق موحد ومزدهر ومتحرر من النفوذ الإيراني».
مصدر قريب من الحكومة العراقية، رأى أن «الولايات المتحدة ربما اضطرت لمنح العراق الإعفاء الجديد؛ لأنها تعلم أن العراق ليس من السهل عليه الالتزام بالعقوبات، وأنه بحاجة إلى الطاقة، خصوصاً في فصل الصيف، فإنتاجه من الطاقة غير كافٍ لسد حاجته المحلية».
ويقول المصدر الذي يفضّل عدم الإشارة إلى اسمه، إن «الولايات المتحدة تسعى من خلال إعطاء مهلة جديدة للعراق تجاه الالتزام بالعقوبات على إيران، إلى النأي بنفسها عن الحرج الذي قد يسببه لها عدم التزام العراق بعقوباتها، في حال أصرت على منع استيراده للطاقة من إيران، خصوصاً وهو على أبواب الصيف».
لكن المصدر يشير إلى أن «الولايات المتحدة تتعاون بروح إيجابية مع حكومة عبد المهدي، وترى أنها تقوم بدور إيجابي في استقرار المنطقة وحل أزماتها، كما أنها تحتفظ لبغداد بموقفها المتعاون جداً في الملف السوري؛ حيث ترتبط القوات العراقية اليوم بعلاقات تعاون وطيدة مع (قوات سوريا الديمقراطية) المدعومة أميركياً».
كما يرى أن «العراق حصل على تنازلات كبيرة من إيران فيما يتعلق بشط العرب، بعد زيارة روحاني، وذلك مرتبط بوعود ربما قدمها العراق بشأن موقفه من العقوبات، ولولا ذلك لما استجابت إيران للعراق في موضوع شط العرب».
وعن مدى قدرة العراق على الاعتماد على الطاقة الكهربائية من المملكة العربية السعودية والكويت بدلا عن إيران، يرى المصدر أن «الأمر يتطلب مزيداً من الوقت والأموال للاستفادة من الطاقة الخليجية، نظراً لقرب فصل الصيف، والمشكلات المتعلقة بمد خطوط الطاقة الكهربائية».
وكان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قد أعلن الثلاثاء الماضي، أن «المملكة العربية السعودية ودولة الكويت عرضتا تزويد العراق بالطاقة الكهربائية مجاناً».
من جانبه، رأى رئيس «مركز التفكير السياسي»، والمستشار السابق في رئاسة الوزراء، إحسان الشمري، أن «مهلة الإعفاء الأميركي الجديدة، تكشف عن طبيعة التفهم الأميركي المتواصل لظروف العراق، وحاجته الماسة للطاقة الكهربائية والغاز واستيرادهما من إيران».
وأضاف الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإعفاء الجديد يرتبط أيضاً بسعي الولايات المتحدة إلى إعطاء إيران هامشاً من المرونة، قد يدفعها إلى العودة إلى طاولة المفاوضات من خلال البوابة العراقية».
ولم يستبعد الشمري أن يكون «الإعفاء أتى في ضوء ضمانات عراقية تتعلق بتسديد المبالغ المالية لإيران عبر الدينار العراقي، وبذلك تحقق أميركا شرطها المرتبط بعدم التعامل بالدولار الأميركي مع إيران».
وأشار الشمري إلى بعد آخر يتضمنه الإعفاء الأميركي الجديد، مفاده «اختبار موقف العراق من العقوبات، وقدرته على عدم الخضوع لإيران؛ لأن من شأن ذلك أن يعرضه إلى عقوبات هو في غنى عنها، ومنحه فرصة أخرى لترتيب أوراقه حيال مسألة العقوبات».
أميركا تمدد 90 يوماً مهلة شراء العراق الكهرباء من إيران
أميركا تمدد 90 يوماً مهلة شراء العراق الكهرباء من إيران
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة