تسونامي نزوح يكتسح أحياء شرق غزة بعد أن هجرها الآلاف

فلسطيني لـ {الشرق الأوسط}: مللنا من وضعنا.. نريد أن نعيش مثل باقي البشر

فلسطينيون يعاينون موقع بعد غارة إسرائيلية استهدفت منزل قائد «القسام» محمد الضيف في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يعاينون موقع بعد غارة إسرائيلية استهدفت منزل قائد «القسام» محمد الضيف في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

تسونامي نزوح يكتسح أحياء شرق غزة بعد أن هجرها الآلاف

فلسطينيون يعاينون موقع بعد غارة إسرائيلية استهدفت منزل قائد «القسام» محمد الضيف في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يعاينون موقع بعد غارة إسرائيلية استهدفت منزل قائد «القسام» محمد الضيف في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

بدا المشهد في بعض أحياء غزة كأن تسونامي هائلا سيضربها، في وقت يبحث فيه الأهالي عن ملاذ لا يطاله ذاك الخطر الداهم. عائلات تحمل بعض ملابسها وتخرج من أبواب منازلها، تحاول النجاة بنفسها مجددا بعد أن كانت الصواريخ الإسرائيلية غدرت بالأقرباء والأحبة والجيران وأردتهم ضحايا خلال الحرب التي استعرت من جديد.
حليمة محيسن، هي واحدة من بين الآلاف الذين غادروا منازلهم على عجالة، غير متخيلة أنها ستخلي منزلها المتضرر في حي الشجاعية للمرة الرابعة في غضون أقل من شهر ونصف الشهر بعد أن فرضت الحرب نفسها مجددا على الفلسطينيين.
عند الساعة الثالثة من بعد ظهر الثلاثاء، بدأت ملامح فشل الهدنة الأخيرة التي أعلن عنها لمدة 24 بالظهور، بعد أن شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات على أراض زراعية وأخرى خالية من مناطق متفرقة من القطاع. حينها، نفضت حليمة عن نفسها أوراق «الملوخية» التي كانت تعدها لتجهزها ابنتها لطعام الغذاء، وارتدت ثوبها الفلسطيني المطرز الذي اعتادت ارتداءه كلما خرجت من منزلها، وطلبت من بناتها وأبنائها وزوجاتهم التجهز للخروج فورا من المنزل والعودة مجددا إلى مدارس «الأونروا» التي قضوا في إحداها بحي النصر، غرب مدينة غزة، أياما طويلة منذ الهجوم الإسرائيلي الدامي على حي الشجاعية.
سارت حليمة محيسن، التي بلغت من عمرها 67 سنة، مسافة امتدت لأكثر من كيلومترين مهرولة ومن خلفها بناتها وأبناؤها وزوجاتهم وأطفالهم، حتى استطاعت أن تجد سيارتين نقلتهما إلى مدرسة الرمال الإعدادية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في حي النصر.
وتقول حليمة بلهجة شعبية، وقد بدت قوية ومتماسكة خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما بيرجعوا يقصفوا بنترك بيوتنا وبنروح على المدارس. أنا مش خايفة على حياتي بس خايفة على بناتي وأولادي اللي ما شافوا حاجة من الحياة».
وبينت حليمة أنها المرة الرابعة التي تغادر فيها منزلها الذي تضرر جزئيا إبان المجزرة الإسرائيلية الكبيرة في حي الشجاعية. وأشارت إلى أنها رأت الآلاف من المواطنين يتركون منازلهم متجهين إلى المدارس ومنازل أقربائهم في مناطق احتموا بها منذ بداية الحرب.
امتلأت المدارس وساحة مستشفى الشفاء ومتنزهات عامة بالآلاف من النازحين من منازلهم من مناطق مختلفة من الأحياء الشرقية لقطاع غزة، وعادت المؤسسات لتقدم لهم بعض المساعدات الغذائية، في صورة تدل على مدى المأساة التي وصل إليها حال الفلسطينيين في غزة الذين باتوا رهينة الحرب الإسرائيلية التي غيرت حياتهم.
الكثير من المواطنين عبروا عن استيائهم من الظروف التي وصلوا إليها؛ فيقول أحمد القاضي (من سكان حي الزيتون جنوب مدينة غزة)، إن زوجته وأطفاله ووالدته «ملوا من الحالة التي وصلوا إليها بالنزوح من منزلهم كلما استؤنفت الغارات الإسرائيلية».
وعكست ملامح القاضي قساوة الظرف الذي يمر به، وقال والمرارة تملأ فمه: «الناس كلها تعبت مش لحالي، بدنا نعيش مثل البشر في العالم، بدنا نعيش في بيوتنا بسلام مع أطفالنا وعائلاتنا، إلى متى سيتجبر الاحتلال ومتى سيتوقف عن همجيته في استهدافنا داخل منازلنا ونحن آمنون؟ متى سيتوقف عن استهدافنا داخل المدارس أيضا؟».
وفي صورة مناقضة لتلك التي بدا عليها القاضي، رأى المواطن علي أبو مصطفى أن منازلهم التي دمرت «ليست أغلى من أرواح الأطفال الذين قتلوا بوحشية كبيرة». وأضاف: «عائلات بأكملها استشهدت ولم يبق منها أحد، وأخرى قضت ولم يبق منها إلا فرد أو اثنان ويعيشون بحسرة كبيرة، لكننا - بحمد الله - لم نفقد أيا من أفراد عوائلنا رغم أننا فقدنا منازلنا فقط، وكثيرون لم يفقدوها وما زالت كما هي رغم الضرر الذي لحق بها».
وتوقع أن تكون هذه الجولة هي الأخيرة من الحرب الإسرائيلية على غزة، عادا محاولة اغتيال قائد «كتائب القسام»، محمد الضيف، «محاولة إسرائيلية لإعلان الانتصار وإنهاء الحرب»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط». وأكد «ضرورة تمسك المقاومة الفلسطينية بمطالبها لرفع الحصار عن قطاع غزة حتى يتمكن المواطنون من إعادة إعمار منازلهم والعودة لحياتهم بالبحث عن أعمال بعد أن فقد مئات الآلاف أعمالهم بسبب الحصار والحروب الإسرائيلية التي تشن على غزة كل عام أو عامين».
وأعادت الحرب على غزة، المخاوف لدى أصحاب المحال الذين أغلقوا أبوابها فباتت الأسواق مقفرة كئيبة. ويقول طارق الغزالي، أحد الباعة في حي الرمال، إنه اضطر إلى إغلاق محل لبيع الملابس يملكه وسط المدينة مع استئناف الحرب الإسرائيلية. وبين في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن لديه ثلاثة عمال في المحل، وأن كل واحد منهم يغيب عن العمل «معناه عبء اقتصادي على حياته وحياة عائلته التي تعتاش مما نكسبه من عملنا في المحل الذي يؤثر إغلاقه فينا جميعا».
وأشار إلى أنه توقف عن العمل طوال الحرب، كما المئات من تجار غزة، باستثناء خلال فترات الهدنات.
وعادت الأسواق إلى صورتها خلال الحرب؛ مواطنون يبحثون عن المعلبات والخضراوات وغيرها من احتياجات منزلية من الممكن أن يحتاجوها. وتقول نسرين عمر إنها اشترت بعض المعلبات وإنها لا تتوقع أن تكون أوضاع الأسواق أسوأ مما كانت عليه في الحرب، ولذلك فضلت عدم شراء الكثير منها، على أمل أن تنتهي الحرب هذه المرة قريبا.



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.