مصر تحتج «رسميا» على تصريحات إيرانية.. وتعتزم سحب سفيرها لدى قطر عقب استفتاء المغتربين

«الإخوان» دعوا للاحتشاد تزامنا مع محاكمة مرسي.. وفريقه الدولي أقام دعوى أمام «الجنائية الدولية»

مصر تحتج «رسميا» على تصريحات إيرانية.. وتعتزم سحب سفيرها لدى قطر عقب استفتاء المغتربين
TT

مصر تحتج «رسميا» على تصريحات إيرانية.. وتعتزم سحب سفيرها لدى قطر عقب استفتاء المغتربين

مصر تحتج «رسميا» على تصريحات إيرانية.. وتعتزم سحب سفيرها لدى قطر عقب استفتاء المغتربين

أكدت الخارجية المصرية، أمس، استدعاء القائم بالأعمال الإيراني في القاهرة للاحتجاج على تصريحات إيرانية تتعلق بالشأن الداخلي وإبداء قلق من «تصاعد العنف» في البلاد، كما جرى إبلاغ القائم بالأعمال المصري في طهران بإيصال رسالة احتجاجية لذات الغرض. في وقت قال فيه مصدر مسؤول بالخارجية لـ«الشرق الأوسط»، إن القاهرة تعتزم سحب السفير المصري في الدوحة للتشاور، عقب انتهاء استفتاء المصريين في الخارج، احتجاجا على ما تعده الحكومة المصرية تدخلا قطريا في شأنها الداخلي.
ويقرأ مراقبون التصعيد المصري في سياق المواجهة الشاملة مع جماعة الإخوان المسلمين، التي أعلنتها الحكومة نهاية العام الماضي «تنظيما إرهابيا». وتسعى الجماعة من جهتها لتدويل صراعها مع السلطات المصرية في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو (تموز) الماضي، وقال محامون دوليون في فريق الدفاع عن مرسي، خلال مؤتمر صحافي عقدوه في لندن أمس، إن فريق الدفاع تقدم بدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، للتحقيق في وقائع قتل المتظاهرين عقب عزل مرسي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير بدر عبد العاطي، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الوزارة استدعت (أمس) القائم بالأعمال الإيراني في القاهرة، مجتبي أماني، للاحتجاج على تصريحات إيرانية بشأن الأوضاع في مصر»، مضيفا أنه «جرى إبلاغ القائم بالأعمال المصري في طهران إيصال رسالة للخارجية الإيرانية، فحواها الاحتجاج على تصريحات وردت على لسان المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية».
وقبيل ساعات من ذلك التصعيد الدبلوماسي، قال عبد العاطي في بيان إن التصريحات الإيرانية تعد «تدخلا مرفوضا شكلا وموضوعا في الشأن الداخلي للبلاد»، مشددا على أن بلاده «لن تسمح مطلقا لأي دولة بالتدخل في شؤونها الداخلية»، مؤكدا «حق الحكومة المصرية في اتخاذ القرارات الضرورية لتوفير الأمن للمواطنين وفرض النظام العام، في إطار تطبيق القانون، وأن الحكومة مسؤولة أولا وأخيرا أمام الشعب المصري».
وكانت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إيرنا» نقلت على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، قولها إن «طهران تتابع بقلق التحولات الأخيرة في مصر، التي أدت إلى مقتل وجرح الكثير من أبناء الشعب المصري، وتعرب عن أسفها لوتيرة الاشتباكات المتزايدة بين القوات النظامية والأمنية مع المتظاهرين».
وقتل خلال الأسبوعيين الماضيين ما يزيد على 20 متظاهرا في مواجهات عنيفة بين أنصار جماعة الإخوان وقوات الأمن في عدة مدن مصرية.
وتعلق السلطات المصرية أملا كبيرا على تمرير دستور البلاد الجديد في الاستفتاء الذي يبدأ يوم غد بالنسبة للمصريين في الخارج، ويومي 14 و15 من الحالي بالنسبة للمصريين في الداخل. ويعتقد على نطاق واسع أن إقرار الدستور يكسب ثورة 30 يونيو (حزيران) التي أطاحت بحكم «الإخوان» شرعية دستورية.
وعلى صعيد ذي صلة، قال وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أمس في مؤتمر صحافي بالجزائر إن الموقف القطري «يسير في طريق غير سوي، وبيان الخارجية القطرية الأخير غير مسبوق ومرفوض شكلا وموضوعا، ومليء بالأخطاء والتجاوزات».وشدد على أن «تدخل أي دولة في الشأن المصري مرفوض ولن يمر مرور الكرام».
وفي غضون ذلك، قال مصدر مسؤول بالخارجية، طلب الحفاظ على سرية هويته، أمس، إن «القاهرة حسمت أمرها وقررت سحب السفير المصري من الدوحة للتشاور، على أمل أن تدرك الدوحة جدية الموقف المصري، في رفضه تدخل أي بلد كان في شأن داخلي»، مشيرا إلى أن بقاء السفير في الدوحة مرتبط بإجراءات عملية الاستفتاء.
واستدعت القاهرة السفير القطري سيف بن مقدم البوعينين إلى مقر وزارة الخارجية قبل أيام لإبلاغه استياء مصر من بيان قطري انتقد إعلان الحكومة جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، وعده «مقدمة لسياسة تكثيف إطلاق النار على المتظاهرين بهدف القتل».
وكانت قطر داعما رئيسا لحكم مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان، قبل عزله بعد عام واحد من توليه السلطة. وتستضيف الدوحة حاليا قيادات إخوانية وإسلامية أخرى مطلوبة على ذمة قضايا جنائية في مصر.
في المقابل، تسعى جماعة الإخوان وقوى إسلامية داعمة لها إلى حث المصريين على مقاطعة الاستفتاء على الدستور، لكن ظهر خلال اليومين الماضيين تباين في موقف التحالف الإخواني. فبينما دعت أجنحة للتحالف في محافظة الإسكندرية للتظاهر تحت شعار «خروج بلا عودة»، حرصت القيادة المركزية في القاهرة على نفي وجود تصعيد في الفعاليات المقررة.
وعقد محامون دوليون عن الرئيس السابق مرسي مؤتمرا صحافيا في لندن أمس، أعلنوا خلاله «بدء تحركات دولية جديدة ضد السلطات الحالية؛ برفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية بشأن الإطاحة بالرئيس محمد مرسي والقبض على أنصاره».
وتأسس فريق الدفاع الدولي عقب الإطاحة بمرسي، بتوكيل من حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ويختص عمله بالإجراءات القانونية لمواجهة السلطات الحالية خارج مصر.
وقال الطيب علي، رئيس الفريق، في مؤتمر صحافي أقيم بأحد فنادق العاصمة البريطانية، إن الفريق القانوني رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فيما سماه «الاختطاف القسري للرئيس مرسي، واعتقال الآلاف من مؤيديه منذ الإطاحة به».
ولم توقع مصر على ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، وهي واحدة من ضمن شروط أخرى لقبول إقامة الدعوى أمام المحكمة الدولية. وتستطيع المحكمة تلقائيا ممارسة سلطة قضائية على الجرائم المرتكبة في أراضي أي دولة عضو أو المرتكبة من أشخاص ينتمون إلى أي دولة عضو في الاتفاقية.
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بخصوص أن مصر لم توقع على ميثاق روما، قال الدكتور عبد الموجود الدرديري، القيادي الإخواني والمتحدث الرسمي باسم لجنة العلاقات الخارجية عن حزب الحرية والعدالة، الذي شارك أمس بكلمة في المؤتمر: «لدينا أدلة تثبت إمكانية قبول إقامة الدعوى أمام المحكمة الدولية»، مشيرا إلى أن «الملف قدم بالفعل إلى (الجنائية الدولية) في 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي للتحقيق فيما حدث من انتهاكات بعد عزل مرسي واعتقال العشرات من أنصاره».
وقال الدرديري إن «رفع دعوى قانونية أمام (الجنائية) كان أحد الخيارات، رغم أن الفريق القانوني يضع في الاعتبار رفع دعاوى في البلدان الأوروبية بسبب تضرر مصريين في الخارج مما حدث لعائلاتهم داخل مصر بعد عزل مرسي، الرئيس الذي انتخب ديمقراطيا لأول مرة في تاريخ مصر».
ومن المقرر أن يمثل مرسي يوم غد (الأربعاء) أمام المحكمة في ثاني جلسات قضية قتل متظاهرين أمام قصر الاتحادية، كما تقرر أن تبدأ محاكمة الرئيس السابق في اتهامات بالتخابر يوم 28 الحالي.
ودعا «تحالف دعم الشرعية» للتظاهر والاحتشاد لرفض محاكمة مرسي، أمام مقرها في أكاديمية الشرطة (شرق القاهرة) تحت شعار «الشعب يدافع عن رئيسه»، وسط مخاوف من موجة أعمال عنف جديدة.
ويرفض مرسي توكيل محامين للدفاع عنه. ورفض في جلسة المحاكمة الأولى الاعتراف بشرعيتها، لكن مصادر قضائية أكدت أمس أن محكمة استئناف القاهرة أصدرت ثلاثة تصاريح لكل من الدكتور محمد سليم العوا، ومحمد طوسون، وإسماعيل الوشاحي، لتمكينهم من الدفاع عن مرسي في جلسة يوم غد.
وأشارت المصادر إلى أن التصاريح جاءت بناء على توكيلات رسمية من الرئيس السابق للمحامين الثلاثة، سبق أن أصدرها خلال توليه السلطة، لافتا إلى أن مرسي لم يحرر أي توكيل جديد بشأن المرافعة في هذه القضية أو غيرها من القضايا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.