أقباط مصر يحتفلون بعيد الميلاد وسط اجراءات أمنية مكثفة

تضمنت مجموعات قتالية وعربات مصفحة وكمائن متنوعة ومشاركات شعبية

جنود حول مدرعة عسكرية أمام إحدى الكنائس الرئيسة بوسط العاصمة المصرية، أمس، قبيل ساعات من بدء الاقباط الاحتفال بعيد الميلاد (أ.ب)
جنود حول مدرعة عسكرية أمام إحدى الكنائس الرئيسة بوسط العاصمة المصرية، أمس، قبيل ساعات من بدء الاقباط الاحتفال بعيد الميلاد (أ.ب)
TT

أقباط مصر يحتفلون بعيد الميلاد وسط اجراءات أمنية مكثفة

جنود حول مدرعة عسكرية أمام إحدى الكنائس الرئيسة بوسط العاصمة المصرية، أمس، قبيل ساعات من بدء الاقباط الاحتفال بعيد الميلاد (أ.ب)
جنود حول مدرعة عسكرية أمام إحدى الكنائس الرئيسة بوسط العاصمة المصرية، أمس، قبيل ساعات من بدء الاقباط الاحتفال بعيد الميلاد (أ.ب)

في ظل خطة أمنية مكثفة شملت تأمين الكنائس بمجموعات قتالية ورجال أمن سريين وعربات مصفحة وكمائن متنوعة، بدأ أقباط مصر مساء أمس احتفالاتهم بـ«عيد الميلاد المجيد». ورغم المخاوف والحذر من التهديدات بأعمال إرهابية ضد المسيحيين، فإنه كان لافتا في القاهرة والمحافظات تزايد الإقبال على الكنائس للاحتفال بهذه المناسبة.
تضمنت الخطة الأمنية التي أشرف عليها، مع قيادات الشرطة، وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وضع كل البدائل التي تساعد الأجهزة الأمنية في إحباط أي أعمال شغب أو عنف في محيط الكنائس ودور العبادة، وشن العديد من الحملات الاحترازية لضمان سير الاحتفالات وتأمينها تأمينا محكما يضمن سلامتها في العاصمة القاهرة والمحافظات، كما تولت قوات من الجيش مساعدة الشرطة في تأمين الكنائس. وقال مساعد أول وزير الداخلية للإعلام اللواء عبد الفتاح عثمان، في تصريحات لوكالة الشرق الأوسط الرسمية، إن الخطة شملت أيضا الدفع بقوات شرطية إضافية لتأمين كل المحاور والمنافذ المؤدية إلى الكنائس ودور العبادة، وانتشار الأكمنة الثابتة في تلك الطرق للعمل على رصد أي أعمال شغب والتصدي لمرتكبيها قبل وصولهم لأماكن دور العبادة وإحباط محاولات أعمالهم العدائية.
كما شملت الخطة نشر قوات الحماية المدنية وخبراء المفرقعات والكلاب البوليسية في كافة نطاقات دور العبادة للكشف عن وجود أي مفرقعات، بالإضافة إلى تزويد تلك الكنائس بكاميرات مراقبة عالية الجودة تسمح بتصوير محيطها بصورة واضحة واستخدامها في مراقبة الميادين والشوارع. وكذلك توسيع دائرة الاشتباه الجنائي في محيط دور العبادة المسيحية والمنشآت المهمة والسياحية وأماكن التنزهات، وفحص جميع المترددين عليها.
وقتل أربعة أشخاص وأصيب آخرون في إطلاق نار على كنيسة العذراء بمحافظة الجيزة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أثناء حفل زفاف. وتعرضت نحو 40 كنيسة على مستوى الجمهورية، وخاصة في محافظة المنيا، لاعتداءات منذ فض الأمن لاعتصامي «رابعة» و«النهضة» بالقاهرة والجيزة لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في شهر أغسطس (آب) الماضي.
وحرص عدد كبير من قادة الأحزاب والشخصيات العامة والكتاب والفنانين على مشاركة المسيحيين احتفالاتهم، سواء بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة أو بالكنائس في المحافظات. وبعث وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي برقية تهنئة للبابا تواضروس الثاني أشاد فيها بعطاء رجال الجيش من الأقباط ووفائهم للأمانة المقدسة في حماية الوطن.
في السياق نفسه، أطلقت أحزاب «الوفد» و«المصري الديمقراطي» و«المصريين الأحرار» مبادرة بعنوان «حماية كنائس مصر». وقال الدكتور محمد أبو الغار رئيس حزب المصري الديمقراطي: «تهدف ليلة ميلاد بلا إرهاب، ومساعدة الشرطة في عملها».
وتقوم المبادرة على تأمين شباب الأحزاب للكنائس ليلة الميلاد وحشد الجماهير لذلك، ومشاركة المسيحيين بعيدهم. كما حصلت الأحزاب على ترخيص من وزارة الداخلية بالوجود بمحيط الكنائس والتنسيق معها حول التأمين، مع حمل شارات خاصة تحمل اسمهم والكيانات السياسية التي ينتمون إليها.
وكشفت وزارة الصحة المصرية عن إعداد خطة طوارئ شاملة لتأمين احتفالات عيد الميلاد المجيد، وأشارت وزيرة الصحة الدكتورة مها الرباط إلى أن الخطة ضمت نحو 2002 سيارة إسعاف، جرى توزيعها وتمركزها في جميع محافظات الجمهورية، من بينها 431 سيارة في إقليم القاهرة الكبرى، مع التركيز على أماكن التجمعات والكاتدرائية المرقسية بالعباسية والكنائس الرئيسة، إضافة إلى رفع درجة الاستعداد القصوى بجميع المستشفيات على مستوى الجمهورية، تحسبا لأي مستجدات.
من جهتها، واصلت الأجهزة الأمنية المعنية بوزارة الداخلية حملاتها الموسعة لضبط المتورطين في الاعتداء على المقار الشرطية والتحريض على العنف بمختلف المحافظات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.