غياب طويل للصدر عن المشهد السياسي العراقي ينعش سوق التكهنات

مصادر عزته إلى «زَعَله» من الأوضاع وأخرى إلى «مرضه»

مقتدى الصدر (غيتي)
مقتدى الصدر (غيتي)
TT

غياب طويل للصدر عن المشهد السياسي العراقي ينعش سوق التكهنات

مقتدى الصدر (غيتي)
مقتدى الصدر (غيتي)

أنعش الغياب الطويل لزعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر عن المشهد السياسي العراقي سوق التكهنات لدى مختلف الأوساط السياسية في البلاد. فبعد آخر تغريدة له قبل أكثر من 3 أشهر اختفى الصدر، الذي كان له الدور الأبرز في تشكيل الحكومة الحالية بما في ذلك المجيء برئيسها عادل عبد المهدي.
وباستثناء ما قيل عن وجود الصدر في بيروت وما أجراه من لقاءات مع قيادات لبنانية وإيرانية، وهو ما لم يتم تأكيده من مكتبه أو المقربين منه، فإن ما زاد المشهد غموضاً هو عدم صدور أي بيان أو موقف يبرر الغياب وأسبابه التي تتراوح، في ضوء التكهنات والتسريبات الإعلامية هنا وهناك، بين مرض مفاجئ ألمّ به وحال دون ظهوره سواء عبر البيانات أو التغريدات التي اشتهر بها، و«زَعَل» على ما يجري، لا سيما في ظل عدم قدرة الكتل السياسية على إكمال الكابينة الحكومية. فضلاً عن عدم رضاه، طبقاً للتكهنات، عن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
بهاء الأعرجي، القيادي الصدري ونائب رئيس الوزراء السابق، فجّر مساء أول من أمس ما بدت أنها قنبلة سرعان ما اضطر المتحدث باسم الصدر إلى الرد عليها. الأعرجي وفي تصريحات متلفزة نفى أن يكون الصدر مصاباً بأي مرض، وأكد أن تواريه عن الأنظار منذ أشهر «يعود إلى زعله مما يجري»، وأنه على وشك العودة بمشروع جديد قد يقوم على قلب المعادلة السياسية الحالية بما في ذلك إقالة حكومة عبد المهدي واحتمال ترشيح رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بدلاً منه.
كما أن الظهور المفاجئ للنائب السابق المستقيل في البرلمان العراقي جعفر محمد باقر الصدر، وهو ابن عم مقتدى الصدر، أجج بورصة التكهنات. فجعفر الصدر الذي كان استقال من عضوية البرلمان العراقي إثر فوزه بانتخابات عام 2010 لم يكن له أي حضور سياسي أو اجتماعي طوال تلك السنوات. وأجرى جعفر الصدر خلال الأيام الأخيرة سلسلة من اللقاءات مع عدد من أبرز القادة السياسيين؛ في المقدمة منهم رئيس الوزراء وسلفه العبادي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي وزعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، فضلاً عن لقاء وشيك سيجمعه غداً مع المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني في النجف.
المتحدث باسم الصدر صلاح العبيدي رفض في بيان له التعليق على التحركات الأخيرة لجعفر الصدر، وقال في بيان: «ليس لدي علم بالتحركات الأخيرة للسيد جعفر الصدر ولقاءاته بعدد من المسؤولين وزعماء الكتل السياسية». وأضاف العبيدي أنه لا يستطيع نفي أو تأكيد الأنباء التي تحدثت عن أن جعفر الصدر «يمارس دور المبعوث للسيد مقتدى الصدر»، مؤكداً في الوقت نفسه أنه «لا توجد عودة قريبة للسيد مقتدى الصدر».
ووسط هذه الأجواء، لا يوجد ما يشير إلى قرب الانتهاء من أزمة استكمال تشكيل الحكومة. ويقول عضو البرلمان العراقي الحالي عن «كتلة البناء» محمد شياع السوداني، وزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق، لـ«الشرق الأوسط» إن «ما أشيع من وجود تفاهمات بين بعض الأطراف السياسية لم تنتج حتى الآن أي خطوة عملية باتجاه تسمية باقي الوزراء». وأضاف السوداني أن «من شأن ذلك أن يعزز الانطباع السلبي عن متانة وقوة التحالف الذي أنتج الحكومة»، متسائلاً: «كيف يمكن لتحالف مثل هذا أن يتصدى لقضايا شائكة وتحديات مستقبلية».
من جهته، نفى «ائتلاف النصر» الذي يقوده العبادي أن تكون لديه نية لإسقاط حكومة عادل عبد المهدي. وقالت ندى شاكر جودت عضو البرلمان عن الائتلاف إن «اللقاء الذي جمع حيدر العبادي مع جعفر باقر الصدر كان مهماً؛ حيث تمت خلاله مناقشة تقويم المسار السياسي وتطورات العملية السياسية»، مشيرة إلى أن «اللقاء لم يتطرق إلى تقييم أداء الحكومة، كما لا توجد نية لإقالة عبد المهدي». وأكدت أن «(ائتلاف النصر) ورغم تهميشه وعدم منحه أي منصب تنفيذي، وهو رابع كتلة فائزة ولديه 42 نائباً، لم يفكر في إقالة الحكومة لأن الوقت قصير والكابينة لا تزال غير مكتملة».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.