«محكمة حقوق الإنسان الأوروبية» تقبل استئناف تركيا على قرار الإفراج عن دميرطاش

TT

«محكمة حقوق الإنسان الأوروبية» تقبل استئناف تركيا على قرار الإفراج عن دميرطاش

قبلت «المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان» طلب تركيا بشأن الاستئناف على قرارها القاضي بإطلاق سراح المرشح الرئاسي السابق، الرئيس المشارك السابق لـ«حزب الشعوب الديمقراطي» صلاح الدين دميرطاش، الموقوف منذ أكثر من عامين بتهم تتعلق بدعم الإرهاب ومحاولة زعزعة استقرار البلاد.
وذكر بيان لوزارة العدل التركية، أمس، أن الوزارة تقدمت في 18 فبراير (شباط) الماضي بطلب إلى «المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان» لإعادة النظر في قرارها حول قضية دميرطاش مجدداً، وأن هيئة قضاة المحكمة وافقت على طلب أنقرة وقررت إحالة الملف إلى «الغرفة الكبرى» بها للنظر مجدداً في الملف.
وستقوم «المحكمة الأوروبية» لاحقاً بعقد جلسة جديدة في مدينة ستراسبورغ الفرنسية للنظر في الملف، وستنطق بالحكم بعد الاطلاع على آراء الأطراف المعنية. وكانت المحكمة قالت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن تمديد حبس دميرطاش لا يستند إلى ركائز قانونية كافية، وإن على السلطات التركية إطلاق سراحه.
وتم توقيف دميرطاش عام 2016 على ذمة التحقيق في تهم من بينها «الترويج لمنظمة إرهابية»، في إشارة إلى «حزب العمال الكردستاني» المحظور، و«تحريض الشعب على الكراهية»، و«الانتساب لمنظمة إرهابية مسلحة»، و«محاولة إطاحة النظام الدستوري». ويواجه دميرطاش، وهو أبرز سياسي كردي في تركيا، أحكاماً بالسجن يصل مجموعها إلى 143 عاماً بسبب الاتهامات الموجهة إليه.
في سياق مواز، نفّذت الشرطة التركية عملية أمنية في مدينة كوجالي (شمالي غرب) تم خلالها اعتقال 9 أشخاص؛ من بينهم بعض المرشحين من حزبي «السعادة» و«الشعوب الديمقراطي» المؤيد للأكراد، لعضوية مجلس بلدية كوجالي في الانتخابات المحلية التي تجرى نهاية شهر مارس (آذار) الحالي، بتهمة دعم «حزب العمال الكردستاني»؛ (المحظور)، الذي تصنفه تركيا تنظيماً إرهابياً.
ووجهت النيابة إلى المعتقلين اتهامات بالترويج لـ«حزب العمال الكردستاني» في المدينة. وجاءت حملة الاعتقالات في صفوف «حزب السعادة» المنحدر من «حزب الرفاه» الذي أسسه رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، بعد اتهام وزير الداخلية التركي سليمان صويلو الحزب، أول من أمس، بمساندة «حزب الشعوب الديمقراطي».
على صعيد آخر، أصدرت محكمة تركية في إسطنبول حكماً بالسجن المؤبد بحق 15 شخصاً لمشاركتهم في التحقيقات حول ما سميت «فضائح الفساد والرشوة الكبرى»، التي أجريت في 17 و25 ديسمبر (كانون الأول) 2013، وطالت وزراء وأبناء وزراء ورجال أعمال مقربين من رئيس الوزراء في ذلك الوقت الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان.
وأفادت «وكالة أنباء الأناضول» بأن من بين المدانين 4 من قيادات الشرطة السابقين، قالت المحكمة إنهم «حاولوا إطاحة الحكومة». وكانت المحاكمة انطلقت على خلفية قضية تتعلق بتسجيلات قيل إنها تظهر تورط إردوغان وعدد من وزرائه في وقائع فساد ورشوة، عدّها إردوغان تسجيلات «مفبركة»، واتهم «حركة الخدمة» التابعة لفتح الله غولن بتلفيقها لإطاحة حكومته.
وسرّحت الحكومة آلافاً من عناصر الشرطة والمئات من القضاة ومدّعي العموم الذين عملوا في هذه القضية، ولاحقاً طالت المحاكمات نحو 70 شخصاً. وذكرت «وكالة أنباء الأناضول» أن محكمة إسطنبول أصدرت أحكاماً بالسجن بحق آخرين، أدانتهم بـ«الانتماء إلى منظمة إرهابية مسلحة»، وبـ«التنصت غير الشرعي».
وتتهم حكومة إردوغان غولن وأتباعه بتدبير محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016، وهو ما ينفيه غولن. وبعد محاولة الانقلاب، أطلقت السلطات التركية حملة قمع واسعة النطاق اعتقلت خلالها عشرات آلاف الأشخاص للاشتباه في ارتباطهم بغولن، وأوقفت أكثر من 175 ألف موظف في القطاع العام عن العمل، أو أقالتهم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم