اليمين الإسرائيلي يخطط انقلاباً ضد المحكمة العليا

بعد سماحها للقائمة العربية بالترشح ومنع ناشط يميني متطرف

نقاش حاد بين إسرائيلي يميني ومرشح عربي للكنيست في المحكمة الإسرائيلية العليا مؤخراً (أ.ف.ب)
نقاش حاد بين إسرائيلي يميني ومرشح عربي للكنيست في المحكمة الإسرائيلية العليا مؤخراً (أ.ف.ب)
TT

اليمين الإسرائيلي يخطط انقلاباً ضد المحكمة العليا

نقاش حاد بين إسرائيلي يميني ومرشح عربي للكنيست في المحكمة الإسرائيلية العليا مؤخراً (أ.ف.ب)
نقاش حاد بين إسرائيلي يميني ومرشح عربي للكنيست في المحكمة الإسرائيلية العليا مؤخراً (أ.ف.ب)

اتحدت كل أحزاب اليمين الإسرائيلي، من الليكود الحاكم وحتى أشد المتطرفين، ضد المحكمة العليا، بسبب قراراتها ضد ترشيح ميخائيل بن آري، أحد كبار ناشطي التطرف لانتخابات الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، والسماح لناشط في اليسار الراديكالي ولقائمة الحركة الإسلامية والتجمع الوطني، بالاستمرار في الترشح. وأعلنت وزيرة القضاء، أييليت شاكيد، أنها وضعت خطة لإحداث انقلاب في الجهاز القضائي يمنع المحكمة العليا من شطب قرارات تصدر عن الكنيست. فيما طالب حزب بن آري بتعيين أحد رفاقه وزيراً كبيراً في الحكومة المقبلة.
وكانت المحكمة قد بحثت في طلبات عدة تتعلق بقرار لجنة الانتخابات المركزية، الذي أجاز ترشيح بن آري من جهة وأوصى بشطب القائمة العربية التي تضم الحركة الإسلامية (برئاسة منصور عباس) وحزب التجمع الوطني (برئاسة مطانس شحادة) وشطب الناشط اليساري والمرشح في قائمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، د. عوفر كسيف. وقد توقع اليمين الإسرائيلي، الذي حسم في قرارات لجنة الانتخابات، قرار المحكمة، لأن شطب القائمة العربية جاء لدوافع عنصرية وبهدف تهديد الوطنيين العرب، وهو غير قانوني، وإجازة بن آري أيضاً غير قانونية كونه يدير سياسة عنصرية تعتمد على خطط لترحيل العرب وتدعو للتفوق العرقي اليهودي وتدعو للعنف، فأعد مسبقاً هجمته على المحكمة. وعقد آري وزميلاه في قائمة حزب «عظمة إسرائيل»، مؤتمراً صحافياً اعتبروا فيه المحكمة «عصابة قضائية تسيطر على إسرائيل». وقال بن آري: «اليوم وقعت مذبحة باليهود (عملية سلفيت أول من أمس)، يبحثون عن منفذ العملية الوحيد. وهم يتهمونني بالعنصرية لأنني أقول إنه يوجد غلاف حاضن لمنفذ العملية، أي توجد أمة دموية تدعمه... توجد هنا طريق لوثبة يهودية. للعظمة اليهودية (اسم الحزب الذي يرأسه). وعلى (المستشار القضائي أفيحاي) مندلبليت، و(المدعي العام) شاي نيتسان وكل هذه الجماعة أن تعرف أنه توجد نهاية للعصابة القضائية».
وطالبوا رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بأن يتعهد من الآن بتعيين باروخ مارزل وزيراً كبيراً في حكومته المقبلة وتسليم النائب الآخر المتوقع انتخابه من هذا الحزب، ايتمار بن جبير، رئيساً للجنة القانون والدستور في الكنيست.
واعتبر حزب «البيت اليهودي»، الذي يضم عدة أحزاب يمينية متطرفة بينها «عظمة يهودية»، قرار المحكمة العليا «خزياً وعاراً». وقال: «سنوقف هذا الاندفاع النشط لتدخلات المحكمة العليا في السياسة. هذه مسرحية ساخرة، ونتيجتها معروفة مسبقاً. المحكمة تختار الانعزال المطلق عن الشعب. ولكن، لن يطول الوقت الذي يقرر فيه 9 قضاة من يكونون منتخبي الشعب. ولعل بن آري شُطب، لكن الشعب سيمنحنا القوة من أجل إعادة المحكمة العليا إلى حجمها الحقيقي والطبيعي».
وهاجمت وزيرة القضاء الإسرائيلية، أييليت شاكيد، المحكمة العليا، رغم أنها كوزيرة مسؤولة عن هذه المحكمة. وقالت إن «قضاة هذه المحكمة قطعوا الحبل وحولوا أنفسهم إلى هيئة سياسية». وأضافت شاكيد، أن شطب بن آري «تدخل فظ ومضلل في صلب الديمقراطية الإسرائيلية، ودوس على قرار لجنة الانتخابات». ونشرت عناوين خطتها «لاستكمال الانقلاب القضائي في ولايتها المقبلة» بعد الانتخابات، التي ستشمل «تعيين عشرات القضاة اليمينيين، وتقليص صلاحيات المحكمة ومنعها من إبطال قرارات تصدر عن الكنيست».
كذلك هاجمت كتلتا الأحزاب الدينية «يهدوت هتوراة» الشكنازية و«شاس» الشرقية، قرار شطب بن آري، واعتبرت أن «قرار المحكمة العليا يوضح أننا كنا على حق منذ عشرات السنين عندما قلنا إنه لا توجد صلاحية للمحكمة العليا بالتدخل في أمور ضميرية وأخلاقية ومواضيع الدين والدولة. وهذه المرة تفوق قضاة المحكمة على أنفسهم». واعتبر رئيس الكنيست، يولي إدلشتاين، من حزب الليكود، القرار «خطأ بالغ وسيدفع الجمهور كله ثمناً باهظاً. لا مكان لحزب التجمع في الكنيست، فهو حزب ينفي وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية».
يذكر أن المحكمة العليا أعطت قراراتها من دون تفسير، بسبب ضغط الوقت وقالت إنها ستنشر تفسيرها لاحقاً. وجاءت قرارتها بأغلبية الأصوات، إذ إن قاضيين وقفا ضد أي شطب لمرشحين.
وعقّبت القائمة العربية على قبول استئنافها وعدم منعها من خوض الانتخابات، في بيان جاء فيه: «كما قلنا في السابق، إن شطب قائمة التحالف في لجنة الانتخابات المركزية هو قرار سياسي نابع من خشية إسرائيل من مشروع وطرح القائمة الديمقراطي الذي يناهض المشروع الصهيوني، فقرار الشطب السياسي فشل في اجتياز شروط المحكمة العليا التي تتعامل مع الموضوع من منظار قانوني قضائي». وأضاف البيان: «بينما يتنافس نتنياهو و(رئيس تحالف «كاحول لافان» بيني) غانتس، وغيرهما من الأحزاب الصهيونية على العدائية والتحريض ضد المجتمع العربي، نقف في قائمة التحالف أمام المحكمة العليا وندافع عن مشروع (دولة لجميع مواطنيها) وعن مبادئنا الديمقراطية العادلة وعن حقّنا الأساسي بتمثيل مجتمعنا. فمن عليه أن يقف أمام محكمة العدل الدولية هم أولئك الذين يفتخرون بجرائمهم ضد الشعب الفلسطيني ويهدرون دمه ويحرّضون ضده».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.