مبادرة «يسارية» لتنسيق جهود المعارضة قبل الانتخابات في تونس

TT

مبادرة «يسارية» لتنسيق جهود المعارضة قبل الانتخابات في تونس

أعلن حزب يساري في تونس عزمه تجميع المبادرات السياسية التي تقودها مختلف أحزاب المعارضة، في الانتخابات البرلمانية المقررة في 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، والرئاسية المقررة يوم 10 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ودعا الجنيدي عبد الجواد رئيس «حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي»، إلى تجميع قوى المعارضة لمنافسة الائتلاف الحاكم الحالي الذي خلف نتائج سلبية على أكثر من مستوى، والتقدم بقوائم انتخابية قادرة على سحب البساط من تحت أرجل الأحزاب الحاكمة، على حد تعبيره. وقال عبد الجواد لـ«الشرق الأوسط» إن حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (حركة التجديد سابقا) قد انخرط في ثلاث مبادرات سياسية واجتماعية «لتجاوز التجارب السلبية السابقة وعدم التفريط في هذه الفرصة التاريخية الجديدة» في إشارة إلى الانتخابات المقبلة. وأشار عبد الجواد إلى أن حزبه انضم إلى مبادرة «قادرون» التي تضم عددا من الأحزاب السياسية بينها الحزب الجمهوري بزعامة عصام الشابي، وحزب المستقبل الذي يتزعمه الطاهر بن حسين المنشق عن حزب النداء، وحزب الحركة الديمقراطية الذي أسسه ويرأسه أحمد نجيب الشابي أحد أهم الوجوه السياسية المعارضة لنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. كما انخرط حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي في مبادرة «مواطنون» التي تضم شخصيات سياسية مستقلة، وعبر عن انخراطه في مبادرة «نشارك» التي رفضت مقترحا حول تعديل القانون الانتخابي وتسعى إلى عدم رفع العتبة الانتخابية من 3 في المائة حاليا إلى 5 في المائة خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
وكان حزب المسار قد دعا الأحزاب التقدمية للعب دور وصفه بـ«الخصوصي والفعال»، لافتا إلى أنه ستكون له إضافة مميزة ضمن هذا التحالف الواسع في إعطائه الدّفع النضالي والبعد الاستراتيجي الضروريين. ويتنافس حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي مع عدد من التحالفات السياسية والأحزاب التي تسعى إلى تقديم نفسها متحدثة باسم اليسار في تونس، على غرار تحالف الجبهة الشعبية الذي يتزعمه حمة الهمامي، وهو تحالف يضم 11 حزبا سياسيا موزعة بين اليسار والقوميين. وخلال الفترة القليلة الماضية سعى عبيد البريكي القيادي السابق في اتحاد الشغل (نقابة العمال) والوزير السابق للوظيفة العمومية إلى إطلاق مبادرة سياسية لجمع «شتات اليسار» ضمن حزب «تونس إلى الأمام» الذي أسسه بهدف تزعم التيار اليساري، ولكن الأحزاب اليسارية لم تبد أي تفاعل مع تلك المبادرة.
في غضون ذلك، أُعلن أمس عن تأسيس حزب سياسي جديد في تونس أطلق عليه اسم «حزب التحالف من أجل تونس» ليصبح العدد الإجمالي للأحزاب في البلاد 216 حزبا، علما بأن عدد الأحزاب لم يكن يزيد على تسعة قبل ثورة 2011 ومعظمها موالية للسلطة القائمة.
وبشأن هذه التحالفات السياسية الظرفية التي تبرز إبان المحطات الانتخابية ثم تختفي بعد ذلك، قال جمال العرفاوي المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن احتمال نجاحها يظل رهين الابتعاد عن منطق «الزعامة والتزعم» وأن تكون لتلك التحالفات غايات سياسية وليس انتخابية فقط. وأشار العرفاوي إلى مجموعة من التجارب التي سبقت انتخابات عام 2014، لكنها لم توفق في خلق جبهات سياسية قوية قادرة على منافسة حزب حركة النهضة الإسلامي وحزب النداء الليبرالي اللذين تحالفا بعد ذلك وتقاسما السلطة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.