آلة فلكية بين حطام سفينة برتغالية تدخل موسوعة «غينيس»

تعود إلى نهاية القرن الـ15 وتوجد في متحف عُمان الوطني

موسوعة «غينيس» صدّقت على اعتبار الإسطرلاب الموجود في سلطنة عمان الأقدم عالمياً
موسوعة «غينيس» صدّقت على اعتبار الإسطرلاب الموجود في سلطنة عمان الأقدم عالمياً
TT

آلة فلكية بين حطام سفينة برتغالية تدخل موسوعة «غينيس»

موسوعة «غينيس» صدّقت على اعتبار الإسطرلاب الموجود في سلطنة عمان الأقدم عالمياً
موسوعة «غينيس» صدّقت على اعتبار الإسطرلاب الموجود في سلطنة عمان الأقدم عالمياً

صدّقت موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية على اعتبار آلة فلكية كانت ضمن حطام سفينة استكشاف برتغالية، أقدم «إسطرلاب» بحري في العالم، يرجح أن تاريخه يعود للفترة ما بين عامي 1496 و1501.
والإسطرلاب، آلة فلكية قديمة شبيهة بالقبة السماوية، وتُستخدم لبيان كيف تبدو السماء في مكان محدد عند وقت محدد، وتوجد منها عدة أنواع، منها النوع البحري الذي يستخدم لتعيين زوايا ارتفاع الأجرام السماوية بالنسبة إلى الأفق في أي مكان، لحساب الوقت والبعد عن خط الاستواء.
وعُثر على الإسطرلاب البحري عام 2014 بين نحو ثلاثة آلاف قطعة أثرية خلال سلسلة من عمليات الغوص على ساحل سلطنة عمان، ليخضع لدراسة علمية أجراها باحثون من جامعة وارويك البريطانية، وأثبتت خلاله أنه الأقدم في العالم.
ووفق بيان نشرته الجامعة، أمس، فإن الإسطرلاب الموجود حالياً في المتحف الوطني بمدينة مسقط العمانية، هو أول نوع بحري يتم التحقق منه.
ويوجد في العالم نحو 104 آلات شبيهة، غير أن هذا الإسطرلاب المكتشف في سلطنة عمان يسد فجوة زمنية في تطور هذه الأدوات البارزة.
واستغرقت دراسة هذا الإسطرلاب ثلاثة أعوام، حيث احتاج الفريق البحثي إلى مزيد من الوقت كي تتم تهيئته للدراسة، عن طريق حفظه في محلول للمياه العذبة لإزالة الملح الذي اخترق معدنه، كما يؤكد د. ديفيد ميرنز رئيس الفريق البحثي، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط».
ويقول إنه «بعد تهيئة الإسطرلاب للدراسة، تم استخدام ماسح ضوئي ليزري، قادر على جمع أكثر من 50 ألف نقطة في الثانية بدقة 60 ميكروناً، ما ساعد في إنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد للقطعة الأثرية».
وكشف تحليل النتائج عن وجود سلسلة من 18 علامة مقياس زمني متباعدة على طول طرف قرص الإسطرلاب، وكان الفاصل بين تلك العلامات يعادل 5 درجات، وهو ما يتطابق مع ما ذكره المؤرخون عن تطور الملاحة بالسفن، وأعطى تأكيداً أن تلك الآلة هي الوحيدة المكتشفة للنوع البحري في العالم.



«التقاليد الخالدة» لهيبت بلعة بواب... «الحياة حلوة بس نفهمها»

جانب من معرض «التقاليد الخالدة» (الشرق الأوسط)
جانب من معرض «التقاليد الخالدة» (الشرق الأوسط)
TT

«التقاليد الخالدة» لهيبت بلعة بواب... «الحياة حلوة بس نفهمها»

جانب من معرض «التقاليد الخالدة» (الشرق الأوسط)
جانب من معرض «التقاليد الخالدة» (الشرق الأوسط)

رحلة عبر مراحل العمر ومحطات من يوميات أهل المدينة والقرية تصحبنا بها الفنانة التشكيلية هيبت بلعة بواب. في معرضها «التقاليد الخالدة» في غاليري «آرت أون 56» في الجميزة، تترجم تأثّرها بجذورها. تستوقفك شخصيات لوحاتها من جيل الشباب والمتقدمين في العمر. جميعهم كما تذكر هيبت لـ«الشرق الأوسط» يعبّرون عن فكرة واحدة: «الحياة حلوة بس نفهمها».

تُخبر الفنانة التشكيلية في لوحاتها قصصاً تنبثق من قطار العمر. تأخذ على عاتقها جرّ عربات الركاب على سكّة واحدة عنوانها الإيجابية. في غمرة العمر تتوقف الفنانة في مقهى بيروتي، يضم مجموعة من الشباب المبتهجين. وفي لوحة أخرى تأخذنا إلى القرية ضمن صبحية نسائية حيث يرتشفن خلالها القهوة. يمرّ زائر المعرض على مواسم الربيع والصيف في الطبيعة اللبنانية، فتطالعه باقة لوحات تزدحم بالألوان الزاهية، تُلقي على مشاهدها تحيّة مشبّعة بالتفاؤل.

الفنانة أمام واحدة من لوحاتها «حديث جانبي» (الشرق الأوسط)

بفن «الكولاج» المشهورة به، تلاقي الفنانة بأحجامِ لوحاتها الفضفاضة مساحة حرة للتعبير. وتقول: «بداية رحت أنفّذ لوحاتي على (كارد بورد) لا يتجاوز طولها متراً وعرضها 70 سنتمتراً. لم أشعر بالاكتفاء للتعبير عن أفكاري. حينها، انتقلت إلى مساحات أوسع، لتستريح عليها شخصياتي بحرّية. فالأمل والتفاؤل لا يمكننا تقييدهما بمساحة صغيرة. ولذلك أحلّق ضمن هذه المساحات الشاسعة أترجم رؤيتي الخاصة للقصة المروية في اللوحة».

تصف هيبت نفسها بـ«الإيجابية»، تكره التشاؤم ولا تلتفت أبداً إلى النواحي السلبية في الحياة. وتتابع: «يأتي الإنسان هدفاً أساسياً في لوحاتي. وأعمل على تطوير شكله الخارجي من عمر إلى آخر. أدخل في أدقّ التفاصيل في أزيائه كما في ملامح وجهه ولغة جسده».

تطبق هيبت قاعدتها الذهبية هذه على جميع لوحاتها. وإذا ما دقّق ناظرها في تفاصيلها فلا بد أن يلفته هذا التناغم في قالب اللوحة ككل. وكما في «حديث جانبي» كذلك في لوحات «الاحتفال» و«لقاء الأحد» و«على رصيف المقهى» وغيرها، تحضر جرعات كبيرة من البهجة. الوجوه كما الثياب والأماكن تتّسم بها.

لوحة «البحث عن السلام» وصراع القوى العظمى (الشرق الأوسط)

وفي جميع الحالات لا تستغني عن الأخضر. فتُبرز هذا اللون في خلفية لوحة، أو على نقشة تغطي الأرضية، كما يحضر بشكل لافت من خلال الطبيعة. «انظري هنا إلى بنطال هذا الشاب، تلوّحه ظلال شجرة رسمتها بتأن. وهناك في لوحة (البحث عن السلام) تركت العصافير تنتصر على صراعات القوى العظمى. فكل منهما يشدّ بالحبل من ناحيته. والعصافير الملونة تقطع طريق الحروب ليحلّ السلام».

تهتم هيبت بتأليف قصة كل لوحة. وتعلّق خلال جولتها في المعرض: «تركيبة اللوحة تعني كثيراً لي، وأحياناً أزوّدها بأبعاد مختلفة لتشبه نظرتي المتفائلة للحياة، فتصبح الصورة بشخصياتها الأمامية تتصدر المشهد، في حين زحمة الناس في عمق اللوحة تضع الجميع في فضاء ينبض بالحياة».

تقول هيبت إن شخصيات لوحاتها غير صامتة. فهي تتكلّم عن نفسها إن في التقنية المستخدمة من «كولاج» و«أكليريك» و«سيلك سكرين»، أو في أسلوب حياتها المنعكسة على ملامحها.

معرض «التقاليد الخالدة» لهيبت بواب في غاليري «آرت أون 56» (الشرق الأوسط)

ترتكز لوحات هيبت على مراحل محدّدة، تبدأها بتقطيع الورق ومن ثم بتحديد محتواها ولصقها، فتشرّحها بداية لتعود وتعيش حالة ذوبان مع بعضها بعضاً.

يعود تاريخ لوحاتها المعروضة إلى عامين سابقين 2023 و2024، وتعلّق: «إنها نتاج ذكريات أخزّنها في ذهني، نفّذتها على مرحلتين وكان السلام خاتمتها في العام الماضي».

تتميز لوحات الفنانة اللبنانية بانسيابية مكنوناتها وزهوة ألوانها. وفي معرض «بينال» في الصين تصدّرت واحدة من لوحاتها مشهد فن «الكولاج» بين فنون أخرى مشاركة.

تستغرق الدقة في التصميم والتنفيذ الوقت لتولد اللوحات منسجمة مع رؤية صاحبتها. فذكرياتها المزدحمة بين أناملها الرشيقة لا يمكن ترجمتها بين ليلة وضحاها. وتقول: «لا أتقيّد بوقت معين بل أترك لأفكاري الولادات الحرة والمتتالية». في لوحة «حديقة الصنائع» تصوّر كل ما يلفتها في هذه الواحة البيروتية العريقة. «أحياناً أزورها ومرات أتفرّج على زوارها من بعيد عندما أمارس هواية المشي. أتخيل المشهد أمامي وأنا أنفّذ اللوحة. أنقل طبيعتها والناس الجالسين فيها، وبينهم المتقدمون في العمر يتسلّون بورق اللعب».

العودة إلى الجذور عنوان يطغى على لوحاتها (الشرق الأوسط)

تتنقل شخصيات لوحات هيبت بين مكان وآخر، كل حسب عمره ومزاجه. فهنا جلسة شبابية لفتيات يتسامرن بشتى الأحاديث. وهناك في ركن آخر مجموعة من الرجال المتقاعدين عن العمل، يجلسون على كراسي خيزران يدخنون السجائر أو يشردون بنظراتهم في الفراغ.

وبين الوديان والجبال تمرّ هيبت على قطيع الغنم، وكذلك على حقول الزيتون لتوقظ بزائرها الحنين إلى الجذور. وتختم لـ«الشرق الأوسط»: «رغبت من خلال هذا المعرض أن أوصل رسالة إيجابية. فلوحاتي تقولها بوضوح: تفاءلوا ولا تفقدوا الأمل. وكلما أظهرتم حبّكم للحياة، قابلتكم بالمثل».