ترجيح تهدئة بين «المستقبل» و«الوطني الحر»

TT

ترجيح تهدئة بين «المستقبل» و«الوطني الحر»

يتجه «تيار المستقبل»، بزعامة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، و«التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى التهدئة، بعد حملات التصعيد المتبادلة، على خلفية التباين حول ملف النازحين ومشاركة الحريري في مؤتمر بروكسل.
وعد عضو تكتل «لبنان القوي»، النائب ماريو عون، أن «هذه الحملات ما هي إلا غيمة عابرة لن تستمر لأننا محكومون بالوفاق»، قائلاً: «إذا سقطت الحكومة، سقط معها سيدر (مؤتمر دعم لبنان)، وكل الأمور التي كنا ننتظرها للخروج من الحفرة والوضع الصعب اللذين نعيشهما، خصوصاً الضغط الاقتصادي والمعيشي».
وقال في تصريحات أمس إن «وزير شؤون النازحين سيضع خطة، ونأمل بأن يوافق عليها الكل في مجلس الوزراء، لتأكيد التضامن الحكومي حول ملف النازحين الذي يعد الأهم في هذه المرحلة»، ولفت إلى أن «أحداً لا يمكنه أن يأخذ على عاتقه مسؤولية نسف الحكومة، والعودة إلى الوراء، في خضم وضع صعب جداً، ففي الأمر انتحار على الصعيد السياسي الداخلي».وإذ أشار إلى أن «كلام الوزير (جبران) باسيل كان يجب أن يقال، والرئيس الحريري الذي شكل الوفد ارتكب نوعاً من الخطأ، من خلال عدم طلبه من الوزير المعني أن يرافقه إلى بروكسل، فكلام باسيل أتى لتفادي إعادة الخطأ»، مستبعداً «ذهاب الأجواء إلى التصعيد، ولكن إلى التهدئة».
وتواصل التصعيد بين التيارين، على خلفية ملف النازحين، واعتبر وزير العدل الأسبق أشرف ريفي أن «ما قاله الوزير باسيل عن تطيير الحكومة يعكس هذه النيات مجتمعة، وهذا أمر مرفوض، ويتجاوز صلاحيات وزير أو فريق ممثل في الحكومة، ولا يستشف منه إلا سلوك الاستقواء بالسلاح لإطاحة (اتفاق الطائف)، والاستمرار بنهج الفساد والمحاصصة».
وعد عضو المكتب السياسي في «تيار المستقبل»، النائب السابق مصطفى علوش، أن باسيل «يتقصد تخريب التسوية السياسية التي أوصلت العماد عون إلى رئاسة الجمهورية، وهذه التسوية تستند إلى تأمين القدر الأقصى من الاستقرار السياسي، لمحاولة الذهاب إلى الإنقاذ المرتبط بالملف الاقتصادي والاجتماعي والسياسي»، وذكّر بأن «هناك التزامات لدى باسيل وحلفائه».
وأبدى موافقته على الكلام الإعلامي الصادر عن «المستقبل»، خصوصاً بعد تأخر تشكيل الحكومة 9 أشهر، بسبب محاولة تأمين الثلث المعطل للوزير باسيل، داعياً الأخير إلى «مناقشة هذا الكلام داخل مجلس الوزراء، وليس على المنابر. فإذا أراد معالجة مسألة اللاجئين، كان عليه الذهاب إلى مؤتمر بروكسل».
ورغم التصعيد منذ الخميس الماضي، فإن النائب أنور الخليل نفى أن تكون هناك أزمة حكومية، إذ أشار إلى أن «ثمة تبايناً بشأن قضية الأخوة النازحين السوريين إلى لبنان، لكن هذا التباين لن يصل إلى مستوى الأزمة الحكومية، كما يرى البعض، ما دام أن رئيس الحكومة هو من ترأس وفد لبنان إلى بروكسل، وهو من تحدث باسم لبنان، بما يتماشى مع مضمون البيان الوزاري للحكومة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.