الهند تعزز احتياطاتها النفطية لمواجهة تقلبات الأسعار

عضو جديد في نادي الدول الساعية لبناء مخزونات بترولية

الهند تعزز احتياطاتها النفطية لمواجهة تقلبات الأسعار
TT

الهند تعزز احتياطاتها النفطية لمواجهة تقلبات الأسعار

الهند تعزز احتياطاتها النفطية لمواجهة تقلبات الأسعار

تسعى الهند لاجتذاب استثمارات عالمية مباشرة بقيمة 1.6 مليار دولار لبناء احتياطيات إضافية من النفط الخام تحسباً لحالات الطوارئ، بحيث تعمل كحاجز حماية في مواجهة التقلبات التي قد تطرأ على أسعار النفط. وفي إطار برنامجها للاحتياطيات النفطية الذي تلتزم به بصرامة، تملك الهند قدرة تخزين نفطية حالية تبلغ 5.3 مليون طناً تتمثل في مجموعة من الكهوف ذات جدران إسمنتية. وقد بنت هيئة الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الهندي التابعة للدولة، والتي تتولى إدارة احتياطيات النفط لحالات الطوارئ داخل البلاد، قدرة تخزين تحت الأرض بسعة 5.33 مليون طن في فيساخاباتنام (1.33 مليون طن) ومانغالور (1.5 مليون طن) وبادور (2.5 مليون طن)، الأمر الذي بمقدوره تلبية احتياجات البلاد من النفط على مدار نحو 9 أيام ونصف.
وتخطط الهند لبناء منشأتي احتياطي جديدتين، واحدة بسعة 4 ملايين طن في شانديكهول في أوديشا ومنشأة أخرى بسعة 2.5 مليون طن في بادور. جدير بالذكر أنه في العادة تشتري الحكومات النفط عندما تكون الأسعار رخيصة وتتولى تخزينه داخل احتياطيات بترولية استراتيجية بهدف الاعتماد عليه خلال الفترات التي تشهد خروج أسعار النفط عن السيطرة.
ويجري العمل بالفعل على بناء منشآت إضافية للتخزين بسعة نحو 6.5 مليون طن من النفط الخام، وذلك في إطار المرحلة الثانية من المشروع. وبعيداً عن بناء مستودعات جديدة، ستشمل المرحلة الثانية كذلك بناء منشآت «نقاط رسو» في مواقع جديدة.
ومن شأن هذه الجهود رفع القدرة التخزينية للنفط الخام داخل الهند إلى ما يعادل 87 يوماً من الطلب بحلول عام 2020. بينها ما يعادل قيمة 67 يوماً من المخزونات التجارية لدى معامل التكرير (بخلاف مخزونات القوات المسلحة).
تبني الهند مخزونات النفط لديها تحسباً لاشتعال حرب. وفي تلك الحالة، تشير تقديرات إلى أنها ستحتاج إلى قدرة تخزينية إضافية للنفط الخام بقيمة نحو 13.32 مليون طن متري بحلول عام 2019 - 2020.
في هذا الصدد، قال وزير النفط الهندي دارمندرا برادان إن: «بناء منشآت تخزين يشكل جزءاً مهماً من الجهود الهندية بمجال أمن الطاقة». يذكر أن الهند تستورد ما يقرب من 80 في المائة من احتياجاتها من الوقود، الأمر الذي يجعلها عرضة للتأثر سلباً من أي قلاقل خارجية. وعليه، تعمل البلاد على تنفيذ خطة طويلة الأمد للتعامل مع التقلبات العالمية والاستعداد لها، بدلاً عن الاكتفاء بدور رد الفعل.
من ناحيته، قال شيبونتي راي دادوال، الزميل البارز بـ«معهد دراسات وتحليلات الدفاع» في نيودلهي: «رغم نية الحكومة المعلنة بتقليل الاعتماد على واردات النفط، سيبقى الطلب على النفط قائماً على مدار العقود القليلة المقبلة». وأضاف أن هذه الاحتياطيات النفطية ستعين الهند، أكبر مستورد للنفط بين دول العالم الثالث، لإدارة مخاطر العرض.
وقال دادوال: «تأتي هذه التطورات داخل الهند في وقت تتزايد الشكوك داخل أسواق النفط العالمي جراء التوترات القائمة بين الولايات المتحدة وفنزويلا من ناحية، والولايات المتحدة وإيران من ناحية أخرى، وكلتاهما من كبريات الدول المصدرة للنفط إلى الهند».
وفي تقرير صادر عنها، أوضحت «وكالة كير ريتينغز» المعنية بالتصنيف أن بناء احتياطيات استراتيجية إضافية داخل الهند من المتوقع أن يعزز أمن الطاقة لديها، والذي يشكل أهمية محورية لما يحمله من تكاليف فادحة أوقات الأزمات.
تعتبر الهند عضواً جديداً نسبياً في نادي الدول الساعية لبناء مخزونات نفطية لديها تحسباً لحدوث اضطراب في جانب العرض أو وقوع تقلبات شديدة في الأسعار. وقد انضمت الهند عبر جهودها الأخيرة إلى نحو 27 دولة أخرى عالمياً بنت احتياطيات نفطية تحسباً للأزمات الطارئة، مثل الحرب.
من جانبها، تخزن الولايات المتحدة 95 مليون طن متري كاحتياطي استراتيجي لها، الأضخم على مستوى العالم. وتملك اليابان، وهي مثل الهند دولة تعتمد على استيراد النفط، ثاني أكبر مخزون نفطي يقدر بـ44 مليون طن متري (تستثني هذه المخزونات المخزون التجاري من النفط الخام). وتعكف الصين، مثل الهند، على تعزيز احتياطياتها النفطية الاستراتيجية. وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2014. بلغت مخزوناتها 12.4 مليون طن متري.
وتوفر هذه المخزونات حائط حماية في مواجهة أي توترات عالمية كبرى، بجانب أن بإمكانها المعاونة في وقف الطلب خلال الأزمات، مثل الحروب. على سبيل المثال، تضررت الهند بشدة أثناء حرب الخليج الأولى (1990 - 1991). ودون توفر مخزونات ضخمة، تتفاقم أسعار النفط وتؤدي لحدوث تضخم ويتعرض احتياطي النقد الأجنبي لدى الهند إلى الاستنزاف. في ذلك الوقت، وجدت الهند نفسها مضطرة إلى اقتراض ذهب من صندوق النقد الدولي للحفاظ على اقتصادها.
دخلت شركة أبوظبي الوطنية للبترول، المشارك الأجنبي الوحيد حتى هذه اللحظة في برنامج الاحتياطي النفطي الهندي، في تعاون مع هيئة الاحتياطيات البترولية الاستراتيجية الهندية لتخزين نحو 5.86 مليون برميل من النفط الهام في كارناتاكا.
جرى توقيع هذا الاتفاق أثناء زيارة مودي للإمارات العربية المتحدة فبراير (شباط) الماضي. في نوفمبر، وقعت شركة أبوظبي اتفاقاً آخر مع الهيئة لتخزين النفط داخل نصف موقع بادور الاستراتيجي لتخزين النفط. ويسمح الاتفاق للشركة الإماراتية ببيع النفط إلى معامل تكرير محلية، لكنه يمنح حكومة الهند الأولوية الأولى في الحصول على نفط حالة وقوع طوارئ. أما الهند من جانبها، فسوف توفر تكاليف استيراد النفط الخام من أجل تخزينه مع الاحتفاظ بالحق الأول في الحصول عليه حال وقوع طارئ.
كانت شركة أبوظبي قد تخلت عام 2017 عن عقد استئجار مخزن للنفط الخام في كوريا الجنوبية ووافقت بدلاً عن ذلك على تخزين النفط في مانغالور في محاولة لإرساء وجود بري لها داخل أكبر دولة مستهلكة للنفط بين دول العالم الثالث.
من جهتها، تسعى الهند نحو اجتذاب استثمارات من المملكة العربية السعودية لبناء مخزونات نفط للطوارئ تعمل كحائط سد في مواجهة تقلبات الأسعار وأي خلل في جانب العرض. وجرت مناقشة مسألة مشاركة السعودية في برنامج الاحتياطي البترولي الاستراتيجي في الهند أثناء اجتماع بين وزير الطاقة السعودي خالد الفالح ونظيره الهندي برادان في نيودلهي منذ قترة قريبة، وذلك تبعاً لبيان صدر عن الحكومة. أيضاً، ناقش الجانبان مقترح مشروع لبناء معمل لتكرير النفط بقيمة 44 مليار دولار على الساحل الغربي الهندي باستثمار من الشركة الوطنية السعودية للنفط، حسبما أضاف البيان.
يذكر أن السعودية واحدة من أهم الدول المصدرة للنفط إلى الهند، وصدرت خلال العام المنتهي في مارس (آذار) 2018، بقيمة 36.8 مليون طن من الخام إلى معامل التكرير الهندية، مما شكل 16.7 في المائة من إجمالي الواردات الهندية.
ووقعت «أرامكو» السعودية وشريكتها «شركة أبوظبي» الإماراتية اتفاقات لشراء حصة بنسبة 50 في المائة في أكبر معمل تكرير داخل الهند. أما الـ50 في المائة المتبقية فتمتلكها شركات نفطية تنتمي للقطاع العام، «آي أو سي» و«بي بي سي إل» و«إتش بي سي إل».
من جانبه، ذكر «إتش بي إس أهوجا»، الرئيس التنفيذي للشركة الهندية لاحتياطيات البترول الاستراتيجية أن: «شركة الاحتياطيات النفطية الاستراتيجية الهندية بنت ثلاثة مخزونات نفطية استراتيجية في غضون سبع سنوات، تزامنت مع فترة وفرة عالمية. يبلغ متوسط التكلفة العالمية لاحتياطيات النفط الاستراتيجية 23 دولاراً للبرميل. أما نحن فقد بنينا هذا المخزون عند معدل نحو 17 دولاراً للبرميل، وذلك نظراً لانخفاض تكلفة العمالة هنا».
تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن ست شركات نفط عالمية على الأقل أبدت اهتمامها على نحو مبدئي إزاء التعاون مع الهند في تطوير مرحلة ثانية من احتياطياتها البترولية الاستراتيجية.
وعن هذا، قال أهوجا: «أبدت بالفعل ست شركات اهتمامها بالمشاركة في المرحلة الثانية، وذلك على مدار الشهور الثلاثة الماضية. وتنتمي معظم هذه الشركات إلى شركات السلع أو البناء والتعمير أو بنوك استثمارية. وبينما ترغب معظم هذه الشركات إلى الاضطلاع بمهمة إما التشغيل أو البناء أو التسويق، فإننا نتطلع نحو شركة قادرة على الاضطلاع بالمهام الثلاثة».
من ناحيتها، أبدت شركات عالمية بمجال تجارة النفط مثل «فيتول غروب» و«ترافيغورا غروب» و«غلينكور» اهتمامها بالتعاون مع الهند في مشروع الاحتياطيات النفطية الاستراتيجية لديها.
ويعارض أهوجا الآراء التي تذهب إلى أن الكهرباء ستصبح مصدر الطاقة الأساسي للمركبات خلال العقد المقبل، مؤكداً على الحاجة لبناء قدر هائل من المخزونات النفطية الاستراتيجية.



المستثمرون يترقبون بيانات الوظائف الأميركية ومحضر «الفيدرالي» لرسم مسار مستقبل الفائدة

عرض قصاصات الصحف والبضائع الداعمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ب)
عرض قصاصات الصحف والبضائع الداعمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

المستثمرون يترقبون بيانات الوظائف الأميركية ومحضر «الفيدرالي» لرسم مسار مستقبل الفائدة

عرض قصاصات الصحف والبضائع الداعمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ب)
عرض قصاصات الصحف والبضائع الداعمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ب)

يترقب المستثمرون، الأسبوع المقبل، مجموعة كبيرة من البيانات الاقتصادية الأميركية، بما في ذلك بيانات الوظائف الشهرية الرئيسية، ومحضر اجتماعات «الاحتياطي الفيدرالي»، عن كثب مع دخول عام 2025. كما سيقومون بقياس صحة الاقتصاد الأميركي وما يترتب على ذلك من توقعات لأسعار الفائدة قبل تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

بيانات الوظائف

ينصب التركيز خلال الأسبوع على بيانات الوظائف الشهرية الرئيسية غير الزراعية لشهر ديسمبر (كانون الأول)، التي ستعطي قراءة حديثة لمستويات التوظيف والأجور. ومن المرجح أن يكون الاقتصاد الأميركي اختتم عام 2024 بإضافة وظائف بشكل مطرد، استمراراً لاتجاه الأشهر الأخيرة. إذ إنه من المرجح أن يُظهر تقرير سوق العمل الذي من المقرر أن يصدره مكتب إحصاءات العمل يوم الجمعة أن الاقتصاد الأميركي أضاف 153 ألف وظيفة في ديسمبر، وفقاً لتوقعات الإجماع للاقتصاديين الذين استطلعت آراءهم «بلومبرغ». وهو سيكون أقل من 227 ألف وظيفة تمت إضافتها في ديسمبر، وأعلى قليلاً من 143 ألف وظيفة تمت إضافتها في المتوسط ​​لكل من الأشهر الستة الماضية. كما يتوقع المتنبئون أن يظل معدل البطالة ثابتاً عند 4.2 في المائة، وهو منخفض نسبياً وفقاً للمعايير التاريخية.

محضر «الفيدرالي»

كذلك، يصدر يوم الأربعاء محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي. وقد دفعت الأدلة المتزايدة على قوة الاقتصاد الأميركي المستثمرين إلى تقليص توقعات خفض أسعار الفائدة في عام 2025. وتقدر أسواق المال الأميركية أسعار الفائدة الأميركية بما يزيد قليلاً عن 40 نقطة أساس لخفض أسعار الفائدة بحلول ديسمبر، وهو فرق كبير عن بداية العام الماضي عندما كانت الأسواق تسعّر ما يصل إلى 150 نقطة أساس لخفض أسعار الفائدة.

وقد يؤدي المزيد من البيانات الأميركية القوية إلى خفض توقعات خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر، لا سيما أنه من المتوقع أن يعلن الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن سياسات تشمل التعريفات التجارية والتخفيضات الضريبية، التي قد تعزز الاقتصاد وتؤجج التضخم بعد تنصيبه في 20 يناير.

وقال الخبير الاستراتيجي في بنك «نورديا» للائتمان وأسعار الفائدة، لارس مولاند، إن السياسة النقدية الأميركية دخلت مرحلة جديدة حيث يتوقف خفض أسعار الفائدة على انخفاض التضخم أو ضعف سوق العمل. وأضاف في مذكرة أن هناك خطراً أن تنتهي أسعار الفائدة الأميركية إلى أعلى مما تتوقعه الأسواق، وفق ما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال».

وقد سجل الدولار مؤخراً أعلى مستوى له في عامين مقابل سلة من العملات، ومن المرجح أن تؤدي البيانات الاقتصادية القوية إلى ارتفاعه أكثر من ذلك، في حين قد ترتفع عوائد سندات الخزانة الأميركية أيضاً.

وكان «الاحتياطي الفيدرالي» قد خفّض أسعار الفائدة في ديسمبر، لكنه خفض أيضاً توقعاته لخفض أسعار الفائدة في المستقبل. ويتوقع الآن خفض أسعار الفائدة مرتين فقط في عام 2025.

وقال خبراء اقتصاديون في «إنفستيك» إن محضر اجتماع يوم الأربعاء يمكن أن يقدم تفاصيل حول كيفية تأثير سياسات ترمب المخطط لها على الاقتصاد وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على توقعات أسعار الفائدة.

وقبل صدور بيانات الوظائف غير الزراعية يوم الجمعة، سيتم توفير المزيد من الدلائل على صحة سوق الوظائف من خلال أرقام الوظائف الشاغرة لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، الصادرة يوم الثلاثاء، وبيانات الوظائف الخاصة لشهر ديسمبر الصادرة يوم الأربعاء. بالإضافة إلى أحدث أرقام مطالبات البطالة الأسبوعية يوم الخميس.

ومن المؤشرات الرئيسية الأخرى التي سيراقبها المستثمرون لقياس مدى جودة أداء الاقتصاد الأميركي هو مؤشر مديري المشتريات التصنيعي لشهر ديسمبر، المقرر صدوره يوم الثلاثاء، بالإضافة إلى استطلاع ثقة المستهلكين الأولي لجامعة ميشيغان لشهر يناير، المقرر صدوره يوم الجمعة. ومن المقرر صدور بيانات التجارة لشهر نوفمبر يوم الثلاثاء.