حملة مصرية لتنظيم الأسرة تثير انتقادات أهل الصعيد

جدل بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي حول شعارها

ملصقات حملة «2 كفاية» التي تعرضت لانتقادات في مصر
ملصقات حملة «2 كفاية» التي تعرضت لانتقادات في مصر
TT

حملة مصرية لتنظيم الأسرة تثير انتقادات أهل الصعيد

ملصقات حملة «2 كفاية» التي تعرضت لانتقادات في مصر
ملصقات حملة «2 كفاية» التي تعرضت لانتقادات في مصر

مشهدان بصبغة كوميدية بطلهما شخصية «أبو شنب» المنتمي لصعيد مصر، والتي جسدها الفنان المصري أكرم حسني، جرى عرضهما على المشاهدين المصريين في الأسابيع الأخيرة، ضمن إعلانات الحملة التوعوية التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي لمكافحة الزيادة السكانية وأهمية تحديد النسل تحت عنوان «2 كفاية»، واختارت لها شعار «السند مش في العدد».
الهدف من الحملة، بحسب الوزارة، أن يكون عدد أفراد الأسرة ملائماً لإمكانية رعايتهم صحياً واجتماعياً وتعليمياً وتربوياً وثقافياً، وأن إنجاب اثنين من الأطفال فقط يجعلهما السند الحقيقي للأسرة في ظل هذه الرعاية. إذ تعد الزيادة السكانية إحدى المعضلات التي تواجه المجتمع المصري، وتستهدف حكومة البلاد خفضها في إطار «استراتيجية التنمية المستدامة 2030».
وفيما تتجاوز أعداد المصريين 104 ملايين نسمة، «تتم ولادة طفل جديد كل 15 ثانية، بما يعتبر تحدياً كبيراً وأزمة كبرى يجب التصدي لها»، بحسب ما أعلنه المجلس القومي للسكان الأسبوع الماضي.
رغم ما تحقق للحملة من مشاهدات تلفزيونية وإلكترونية تقدر بالملايين، وتثمّين جهات رسمية لها؛ فإنها نالت انتقادات كثيرة من قبل جمهور مواقع التواصل، لا سيما على الصفحة الرسمية للحملة.
وتركزت الانتقادات حول الطريقة التي قُدمت بها الحملة، وما حملته من «تشويه للصعيد، مع المبالغة في شخصية (أبو شنب)، سواء من خلال الشكل أو الفعل، فهو يقوم بالرقص رغم أن الرجل الصعيدي رمز للرجولة والهيبة». بحسب وصف المنتقدين.
كذلك أثار شعار الحملة موجة سخرية، حيث أكد قطاع عريض على صفحة الحملة أنه «مع كل طفل ربنا يوسّع في الرزق»، بل زاد الأمر إلى قول البعض أنهم «سيتعمدون الإنجاب بعد الحملة، خاصة مع عدم توفر وسائل تنظيم الأسرة في الأسواق وغلائها إن توافرت».
كما طالت الانتقادات الموجهة للحملة أيضاً مسؤولين مصريين، لإنجابهم أكثر من 4 و5 أبناء، مطالبين أن تتوجه لهم الحملة أولاً.
وفي تطور آخر، انتقل انتقاد الحملة إلى البرلمان المصري، حيث قدم أحد النواب طلب إحاطة لوقف بثها، قائلاً إنها «قدمت بطريقة هزلية لا تتناسب مع الفكر التوعوي الجاد التي يجب أن تتضمنه تلك الحملات».
بدورها، تقول الدكتورة ليلى عبد المجيد، العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة: «إن فكرة الحملة جاءت مباشرة، لكنها قُدمت من قبل بنفس الصيغ، مثل المقارنة بين أسرتين في كيفية المعيشة، وبالتالي فهي فكرة ليست جديدة، وكانت تحتاج لمعالجة أخرى حتى تكون فارقة لدى الجمهور المستهدف الوصول إليه، فالجمهور ذاته اختلف، فمن نخاطبهم الآن ليس هم من كنا نخاطبهم خلال حقب سابقة، فهذا الجمهور انفتح على التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، فنحن نوجه الحملة للمتزوجين حديثاً أو من هم في سن الإنجاب، وعلينا أن نضع في حساباتنا كيف نكلمهم، وكيف نصل لهم، وكيف نقنعهم».
وتوضح ليلى عبد المجيد أنه إذا كان هناك بعض الأخطاء فيجب على الوزارة أن تقوم بعمل قياس لدى الجمهور بشكل مباشر، وإذا وجدت سلبيات يتم العمل عليها بطريقة علمية لتصحيح المسار، فلدى مصر تاريخ وتجارب سابقة في هذا الشأن حققت نجاحات، لكن حدث تقهقر وتراجع نتيجة لعدم الاستمرارية.
بدورها؛ تقول الدكتورة إنشاد عز الدين، أستاذة علم الاجتماع العائلي إن «حملات تنظيم الأسرة الحالية لا تقدم بالشكل الجيد، وبالتالي تكون غير مقنعة»، موضحة أن حملة «2 كفاية» جاءت مستفزة للجمهور.
كما تطرح إنشاد أسباباً أخرى مجتمعية تؤثر على هدف الحملة، تكشف عنها لـ«الشرق الأوسط» بقولها: «هناك ثقافة ذكورية سائدة في المجتمع المصري، وموروثات اجتماعية خاطئة خاصة بين الفئات قليلة التعليم والفقراء، وهو ما يجعل كثرة الإنجاب تمثل العزوة، والسند في الحياة، والمساعد للأب في العمل، والحفاظ على الميراث، فكافة هذه العوامل تؤثر على عدم الاقتناع بفكرة طفلين للأسرة».



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.