المتهم بمجزرة المسجدين يمثُل أمام المحكمة... وتمديد احتجازه حتى 5 أبريل

رئيسة وزراء نيوزيلندا تتعهد بإصلاح قوانين حيازة الأسلحة... وتطمئن الجالية المسلمة

TT

المتهم بمجزرة المسجدين يمثُل أمام المحكمة... وتمديد احتجازه حتى 5 أبريل

وجهت السلطات في نيوزيلندا أمس تهمة القتل إلى برينتون هاريسون تارانت (28 عاما)، المشتبه به الرئيسي في هجوم بالأسلحة النارية على مسجدين، بعد يوم من الهجوم الذي أسفر عن مقتل 50 مصليا وإصابة عشرات آخرين.
ومثل تارانت أمام المحكمة الجزئية في كرايستشيرش مكبل اليدين ومرتديا ملابس السجن البيضاء حيث تم حبسه على ذمة القضية. ومن المقرر أن يمثل ثانية أمام المحكمة في الخامس من أبريل (نيسان). وقالت الشرطة إنه من المرجح أن يواجه اتهامات أخرى. ووصفت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن الهجوم بالإرهابي وهو أسوأ حادث قتل جماعي في نيوزيلندا. ورفعت السلطات مستوى الخطر الأمني إلى أعلى درجة. واعتمادا على نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن تارانت يؤمن بسيادة البيض. وتم بث لقطات حية للهجوم على موقع «فيسبوك» من مسجد في مدينة كرايستشيرش كما تم نشر «بيان» على الإنترنت يندد المسلح فيه بالمهاجرين ويصفهم «بالغزاة». وأظهر مقطع الفيديو رجلا يقود سيارته إلى مسجد النور ثم يدخله ويطلق الرصاص بشكل عشوائي على من بداخله. وأظهر المقطع مصلين، ربما كانوا قتلى أو مصابين، وهم راقدون على أرضية المسجد. وفي مرحلة ما عاد المسلح إلى سيارته وغير الأسلحة وعاود دخول المسجد وبدأ من جديد في إطلاق النار. وكانت الكاميرا مثبتة على رأسه تسجل المذبحة.
وقُتل 50 شخصا في مسجد النور وقال رجل كان داخل مسجد النور لوسائل إعلام إن المسلح اقتحم المسجد بينما كان المصلون راكعين. وذكر أحمد المحمود «كانت معه بندقية كبيرة... دخل وفتح النار على الجميع في المسجد في كل اتجاه». وأضاف أنه تمكن من الهرب مع آخرين بعد أن حطموا بابا زجاجيا. وقالت الشرطة إن المهاجم استغرق سبع دقائق للتوجه للمسجد الثاني في ضاحية لينوود حيث قُتل سبعة أشخاص آخرون. ولم تظهر أي لقطات تصور الهجوم على المسجد الثاني. وتم اعتقال تارانت في سيارة، قالت الشرطة إنه كان يحمل بها عبوات ناسفة بدائية الصنع، بعد 36 دقيقة من الاتصال بها في بادئ الأمر. وقالت أرديرن للصحافيين في كرايستشيرش أمس السبت «كان الجاني متنقلا، وكان هناك سلاحان ناريان آخران في السيارة التي كان يركبها، ومن المؤكد أنه كان ينوي مواصلة هجومه». إلى ذلك، قالت سلطات طبية إن 12 غرفة عمليات عملت طول الليل لعلاج أكثر من 40 مصابا. وما زال 36 شخصا يعالجون أمس السبت بينهم 11 ما زالوا في الرعاية المركزة. ولقي أحد الضحايا حتفه في المستشفى.
وقال جريج روبرتسون كبير الجراحين في مستشفى كرايستشيرش للصحافيين «الإصابات نتيجة أعيرة نارية تكون خطيرة. كثير من الحالات تتطلب نقلها لغرفة العمليات عدة مرات للتعامل مع الإصابات الخطيرة التي لحقت لها».
ونشر أحد الضحايا تسجيلا مصورا على «فيسبوك» من على فراشه في
المستشفى يطلب الدعاء له ولابنه وابنته. ووضع عشرات الأشخاص أكاليل الزهور عند المتاريس التي أقيمت قرب المسجدين في كرايستشيرش، التي ما زالت أعمال إعادة الإعمار جارية بها بعد زلزال مدمر ضرب المنطقة عام 2011 وأسفر عن مقتل نحو 200 شخص.
في غضون ذلك، قالت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن إن تارانت يملك ترخيصا بحمل سلاح واستخدم خمسة أسلحة في الهجوم، منها سلاحان نصف آليين وأضافت في تصريح للصحافيين «الشيء الوحيد الذي يمكنني أن أقوله لكم الآن هو أن قوانينا الخاصة بالأسلحة سوف تتغير»، مضيفة أنه سيتم بحث حظر الأسلحة نصف الآلية أيضا.
وكانت نيوزيلندا سعت من قبل لتشديد قوانين امتلاك أسلحة نارية إلا أن التأييد القوي لامتلاك أسلحة وثقافة الصيد في البلاد عرقلت مثل هذه الجهود. وهناك ما يقدر بنحو 1.5 مليون سلاح في نيوزيلندا التي يقطنها خمسة ملايين نسمة فقط إلا أن معدل العنف باستخدام الأسلحة النارية ضعيف في البلاد. وقال كريس كاهيل رئيس اتحاد الشرطة إن الأسلحة شبه الآلية التي تم استخدامها في الهجوم على المسجدين جرى حظرها في أستراليا بعدم ذبحة بورت آرثر عام 1996 التي راح ضحيتها 35 شخصا.
من جهة أخرى، التقت رئيسة وزراء نيوزيلندا أرديرن مع قادة وأفراد الجالية المسلمة في كرايستشيرش أمس لطمأنتهم إلى أن الدولة تقف إلى جانبهم في أعقاب الهجوم على مسجدين ما أسفر عن سقوط 50 قتيلا. وأبدت أرديرن تضامن نيوزيلندا مع الجالية المسلمة والاستعداد لتقديم يد المساعدة. وارتدت رئيسة وزراء نيوزيلندا أرديرن الحجاب خلال زيارتها أمس مركز «كانتربري» للاجئين في مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا. ووصلت أرديرن أمس إلى مدينة كرايستشيرش التي شهدت الهجوم الإرهابي يوم أمس على المسجدين، والتقت بممثلين عن مركز اللاجئين. وفي حديثها أعربت رئيسة الوزراء عن «تعاطفها وحبها لكل المجتمعات المسلمة». وبدأت نيوزيلندا اليوم بدفن ضحاياها بعد يوم من مقتل أكثر من 50 مصليا وإصابة العشرات على يد متطرف أسترالي. وما زالت السلطات تطوق المسجدين اللذين هوجما أول من أمس في حين يستمر محققون وخبراء البحث الجنائي في فحص الموقعين.
من جهته، قال المدعي العام النيوزيلندي، ديفيد باركر بأن الحكومة لم تلتزم بعد بحظر بعض أو كل الأسلحة الآلية الخفيفة. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها باركر أمس السبت لراديو نيوزيلندا، موضحا فيها تعليقاته التي أدلى بها أمام حشد خلال «وقفة» نظمت في ميدان «أوتيا» في مدينة أوكلاند النيوزيلندية، والتي بدا فيها أنه يقول إن الحكومة سوف تحظر الأسلحة الآلية الخفيفة، حيث ذكرت بعض وسائل الإعلام والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن الحكومة تعهدت باتخاذ إجراء في هذا الصدد.
وقال المدعي العام إنه لا يقصد الذهاب إلى ما هو أبعد مما قالته رئيسة الوزراء. وكانت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن قد تعهدت في وقت سابق أمس بتغيير قوانين الأسلحة في البلاد، وذلك في أعقاب الهجوم الدموي على مسجدين في كرايستشيرش، الذي أسفر عن سقوط 50 قتيلا وإصابة العشرات. لكنها لم تعلن تحديدا أن الحكومة ستحظر تلك الأسلحة.
وقالت أرديرن إنه عُثر مع المهاجم، وهو في أواخر العشرينات من عمره، على خمسة أسلحة، من بينها سلاحان من النوع نصف الآلي حصل عليهما بشكل قانوني وأضافت أرديرن «قوانيننا المتعلقة بالسلاح ستتغير». متعهدة بأنه سيتم بذل المزيد من العمل لتتبع أسلحة المشتبه بهم. وبدأ الرجل المولود في أستراليا في شراء الأسلحة في ديسمبر (كانون الأول) 2017. وأوضحت رئيسة الوزراء أنه تم اعتقال ثلاثة أشخاص على صلة بالهجوم وقالت عن المهاجم الأسترالي «هذا الشخص سافر حول العالم وقضى فترات متفرقة في نيوزيلندا».


مقالات ذات صلة

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».