اتهامات لأطراف في التحالف الشيعي بالسعي لإفشال مساعي العبادي لتشكيل حكومة جديدة

يواجه رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي صعوبات جمة على طريق تشكيل الحكومة الجديدة رغم التأييد المحلي والإقليمي والدولي الذي يحظى به. وفي وقت لا يزال ثمة متسع من الوقت أمامه لتقديم كابينته الوزارية إلى البرلمان العراقي لنيل الثقة قبل انتهاء المهلة الدستورية في 11 سبتمبر (أيلول) المقبل فإن تجربة السنوات الثماني الماضية لسلفه نوري المالكي باتت تلقي بظلالها على الجو العام الذي يحيط بعملية التفاوض بشأنها.
وفي هذا السياق، كشف عضو البرلمان العراقي عن التحالف المدني الديمقراطي وزعيم حزب الأمة، مثال الآلوسي، عن وجود أطراف داخل التحالف الوطني الشيعي تسعى لإفشال مهمة العبادي في حين أعلنت الكتلتان الكردية والسنية وبكل وضوح أنهما متمسكتان بمطالبهما من منطق أنها ليست سقوفا مرتفعة بقدر ما هي ضمانات من أجل استمرار الشراكة.
وقال الآلوسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «بدأ التحالف المدني الديمقراطي وأطراف أخرى في البرلمان بجمع تواقيع من أجل أن ننقذ الحكومة المقبلة قدر الإمكان من مسألة المحاصصة التي أثبتت فشلها ودفعنا بسببها أنهارا من الدماء بالإضافة إلى الفشل في عملية بناء الدولة»، متهما «من يطالب من النواب والسياسيين بحصص الطائفة إنما يعمل بشكل دقيق لإعاقة بناء الدولة على كل المستويات». وأضاف الآلوسي أن «الخرق الذي حققه تنظيم داعش إنما سببه الصراع الطائفي والفشل في بناء دولة المواطنة»، موضحا أن «هناك أطرافا داخل التحالف الوطني الشيعي بدأت تعمل بطرق وأساليب مختلفة على إفشال مهمة العبادي وهو ما يفرض عليه، إذا ما أراد النجاح واستثمار ما حصل عليه من تأييد، ألا يرهن نفسه للتحالف الوطني وما شكله من لجان بل أن يشكل لجانه الخاصة به وينفتح على الكتل المختلفة من أجل تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات، لأن العودة إلى منطق الطائفة وحصصها سيعيدنا إلى المربع الأول وبالتالي نفقد زمام المبادرة على صعيد بناء دولة طالما أن الفرصة تبدو سانحة الآن».
وحول ما إذا كان التحالف المدني الديمقراطي سيشترك في الحكومة، قال الآلوسي إن «تحالفنا وفي إطار حجمه الانتخابي يفترض أن يحصل على وزارة لكن ما يهمنا ليس الوزارة بل الآلية التي ستدار بها دفة الدولة، وبالتالي فإننا لسنا مهتمين بالوزارة قدر اهتمامنا بما يمكن أن تقدمه هذه الوزارة من خدمة للناس».
من جهته، عد عمار الحكيم، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي، الثقة المتبادلة بين الأطراف السياسية أساسا مهما لتشكيل الحكومة ضمن المدة الدستورية. وقال الحكيم خلال استقباله رئيس البرلمان سليم الجبوري إن «الجميع يدرك الظروف الاستثنائية في البلاد وأهمية فتح صفحة جديدة من التعاون الحقيقي بين العراقيين»، موضحا أن «الجميع في اللجان التفاوضية يتواصى بضرورة أن تكون هناك مرونة حقيقية لتشكيل حكومة خدومة بفريق منسجم ورؤية واضحة لإدارة البلد». وأشار إلى أن «الثقة المتبادلة والعميقة بين الأطراف السياسية العراقية فضلا عن التسامح وتكامل الأدوار تمثل أساسا مهما لتشكيل الحكومة المقبلة ضمن المدة الدستورية المقررة»، لافتا إلى أن «جميع القوى العراقية تقف اليوم لدعم رئيس الوزراء المكلف ومساندته ومساعدته في تشكيل الحكومة من خلال ترشيح الأسماء الكفؤة والنزيهة ذات الخبرة والتجربة».
وكان الجبوري قد تسلم مبادرة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشأن برنامج الحكومة المقبلة. وأوضح جواد الجبوري، الناطق الرسمي باسم كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمور حتى الآن تسير بشكل جيد داخل أروقة الكتل السياسية حتى بوجود سقوف مطالب عالية فضلا عن تزاحم المصالح والميل للطائفة وما إلى ذلك، لكن هناك قاسم مشترك بين الجميع اليوم وهو التغيير». وأضاف أن «ما حصل الآن من قطع الطريق أمام الولاية الثالثة والتأييد الإقليمي والخارجي وما بات يبدو من نجاحات على صعيد الوحدة الوطنية يجب أن يترجم على صعيد تشكيل الحكومة بحيث تعكس هذه الرؤية ولا تهتم بالجوانب المتعلقة بالمكاسب فقط لأنها لن تؤدي إلى أي نجاح يذكر». ويرى الجبوري أنه «بالقدر الذي توجد فيه ضغوط خارجية على صعيد تشكيل الحكومة إلا إنها أقل بكثير من المرات السابقة»، مبينا أن «النجاحات التي تحققت بانتخاب الرئاسات الثلاث يمكن البناء عليها في إطار ما يجري النقاش حوله بين مختلف الأطراف لكن علينا ألا نقلل من الصعوبات التي لا تزال كبيرة بسبب تركة السنوات الماضية الثقيلة».
وبشأن ما إذا كان العبادي سينجز كابينته الوزارية قبل الوقت المحدد لها، قال الجبوري إن «مما يؤسف له أن المفاوضات عندنا وبسبب أزمة الثقة تبقى تدور في حلقة مفرغة حتى الساعات الأخيرة بل وأحيانا حتى اللحظات الأخيرة عندها يتفق الجميع بفوائد أقل وخسائر أكثر للوطن».
يذكر أن تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان) بدأت أول من أمس أولى مباحثاتها مع أطراف في التحالف الوطني. ويربط العرب السنة بين ما حصل في محافظاتهم طوال السنوات الماضية من تهميش وإقصاء واعتقالات وغيرها وبين الحراك الجماهيري المستمر منذ سنتين وما نتج عنه من مطالب (14 مطلبا) يضاف إلى ذلك تمدد «داعش» والربط بين تحقيق مطالبهم من قبل الحكومة الجديدة وبين محاربتهم التنظيم المتطرف.
كرديا، فإن التحالف الكردستاني لم يرسل وفد المفاوض إلى بغداد بعد. غير أنه وطبقا لما أفاد به «الشرق الأوسط» عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني عبد العزيز حسين فإن «الوفد الكردي سيصل بغداد قريبا جدا للبدء بمفاوضات لن تكون سهلة»، مؤكدا أن «التحالف الكردستاني سيطالب نظيره الشيعي وليس رئيس الوزراء المكلف فقط بضمانات مكتوبة من أجل تطبيق الدستور وفي المقدمة منه المادة 140 الخاصة بكركوك والمناطق المتنازع عليها».