وزير الدفاع التونسي: الحرب على الإرهاب ليست تقليدية.. وتتطلب نفسا طويلا

غازي الجريبي يخص بأول حوار صحافي ويؤكد رفضه لأي محاولة للتدخل أو للتأثير على سير المؤسسة العسكرية مهما كان مصدرها

وزير الدفاع التونسي: الحرب على الإرهاب ليست تقليدية.. وتتطلب نفسا طويلا
TT

وزير الدفاع التونسي: الحرب على الإرهاب ليست تقليدية.. وتتطلب نفسا طويلا

وزير الدفاع التونسي: الحرب على الإرهاب ليست تقليدية.. وتتطلب نفسا طويلا

قال وزير الدفاع الوطني التونسي، الغازي الجريبي، إن الحرب على الإرهاب ليست حربا تقليدية بين جيشين نظاميين، وإنما هي حرب غير متناظرة بين جيش نظامي من جهة ومجموعات متطرفة تعتمد على المباغتة في الزمان والمكان من جهة أخرى، وهو ما يتطلّب مراجعة في التنظيم والاستراتيجيات حتى تتسنى محاربة هذه المجموعات بالأسلوب المناسب، مع ما يترتّب عن ذلك من مراجعة لمنظومة الاستعلامات ولتنظيم الوحدات القتالية ولمناهج التكوين والدفع نحو الاستفادة من تجارب البلدان الشقيقة والصديقة التي مرّت بنفس المحنة، مؤكدا أن «الحرب على الإرهاب تتطلب نفسا طويلا».
وخص وزير الدفاع التونسي «الشرق الأوسط» بأول حديث صحافي له، فلم يسبق لوزير الدفاع التونسي أن أجرى مقابلة صحافية مع أي وسيلة إعلام سواء في الداخل أو الخارج. ولفت الغازي الجريبي إلى أن المؤسسة العسكرية في تونس لها قيم وتقاليد ثابتة تتمثّل بالخصوص في عدم التدخّل في الشأن السياسي، مضيفا أنه «في المقابل فإننا نرفض أي محاولة للتدخل أو للتأثير على سير المؤسسة العسكرية مهما كان مصدرها.. لذا فإن هذه المؤسسة سوف تبقى محافظة على حيادها التام».
«الشرق الأوسط» أجرت حوارا مع وزير الدفاع الوطني التونسي، الغازي الجريبي، في ما يلي نصه:

* يعود نجاح التجربة التونسية سياسيا إلى المؤسسة العسكرية التي نأت بنفسها عن المواقف السياسية مما جعلها محايدة.. فإلى متى يمكن أن تبقى المؤسسة على نفس هذا المبدأ، وهل حان وقت التغيير؟
- المؤسسة العسكرية التونسية حريصة على الدفاع عن استقلاليتها تجاه السياسة والسياسيين، وستبقى ملتزمة بالحياد التام والوقوف على نفس المسافة من كل الأحزاب ومكونات الطيف السياسي بالبلاد، وبعيدة كل البعد عن التجاذبات والمزايدات السياسية. كما أنّها بقيت صامدة، تتولى مهامها الأصلية والظرفية والتكميلية وفق القانون وما يرتضيه الواجب الوطني، إلا أن حيادها هو حياد إيجابي يفرض عليها الدفاع عن الشرعية وحماية البلاد من كل الأخطار الداخلية أو الخارجية التي يمكن أن تهدد أمنها واستقرارها.
وفي هذا المجال، فإن كل العسكريين، على مختلف أصنافهم، ملتزمون الالتزام التام بقوانين الدولة، وتراتيب الجيش الوطني، ويعملون في كنف الانضباط ونكران الذات والتفاني في أداء الواجب خدمة للمصلحة العليا للوطن ودوام عزّته ومناعته وإعلاء شأنه بين الأمم.
وبناء على ذلك، فقد أسهمت بقدر كبير في تأمين المرحلة الأولى من الانتقال الديمقراطي من خلال ضمان السير العادي للحياة الاجتماعية والاقتصادية والتربوية وحماية مؤسسات الدولة والمنشآت الحيوية فضلا عن مهامها الأصلية والمتمثلة في حماية الحدود البريّة والبحرية والمجال الجوي. كما كان لها الفضل في تأمين وضمان أسباب نجاح انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، وهي اليوم تواصل بنفس العزم لاستكمال المرحلة الثانية من الانتقال الديمقراطي بعد أن قطعت تونس أشواطا كبيرة في مسارها الديمقراطي، حيث أصبح لها دستور، وهيئة عليا مستقلّة للانتخابات وموعد محدد للانتخابات. وأحسب أن ذلك يمهّد لميلاد ديمقراطية حقيقية ستكون مدخلا رئيسا لتأسيس دولة القانون والحرية والعدالة والمواطنة.وإذا كان للمؤسسة العسكرية دور في المساهمة في توفير عوامل بناء الديمقراطية الناشئة من أمن واستقرار وصون لمقوّمات الجمهورية ومعاضدة لمجهود الدولة في المجال التنموي، فإن للديمقراطية أيضا دورا مهما في دعم المؤسسة العسكرية، شأنها شأن باقي مؤسسات الدولة، وذلك بالسهر على حيادها والتزامها بمبادئ وقيم الحوكمة الرشيدة، والمراقبة الديمقراطية على القوات المسلحة.
وفي هذا المجال، تحرص المؤسسة العسكرية على مزيد من الاستفادة من الانتقال الديمقراطي، ذلك أن إخضاع هذه المسألة إلى الرقابة من شأنه أن يدعم دورها، وشرعيّتها، ويعزز مكانتها، ومصداقيتها في المجتمع، وأن انضمام تونس الحديث إلى مركز المراقبة الديمقراطية للقوات المسلحة بجنيف (هذا المركز يضم 60 دولة بما فيها تونس، وهي ثاني بلد عربي بعد لبنان ينضم إليه)، وكذلك التفتح على مراكز الدراسات الدوليّة المهتمّة بالتنمية والتسيير الرشيد لقطاعي الأمن والدفاع على غرار مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية، والمركز الإسباني للدراسات والتوثيق الدولي، والاطلاع على تجارب بعض البلدان التي شهدت انتقالا ديمقراطيّا سواء في شرق أوروبا أو في أميركا اللاتينية، كلها أمور تترجم حرص المؤسسة العسكرية على الاستفادة من أنشطة ونتائج أعمال هذه المراكز ومن تجارب هذه البلدان باعتماد منهج الدراسة المقارنة لاختيار أنسب الآليات في عملية المراقبة الديمقراطية على القوات المسلحة واستيعاب معاييرها.
* استقالة رئيس أركان القوات البرية اللواء محمد صالح الحامدي، هل لها علاقة بالجدل القائم في تونس حول أداء المؤسسة العسكرية؟
- قدّم اللواء محمد صالح الحامدي استقالته وذلك لأسباب شخصية، وقد قررت قبولها وفقا لأحكام الفصل 27 من النظام الأساسي العام للعسكريين، علما بأنّه تجاوز السن القانونية للتقاعد وتمّ التمديد له مرّتين لسنة إضافية، بصفة استثنائية. وبهذه المناسبة، فإني أجدد شكري وتقديري إلى كل الضباط القادة وضباط الصف ورجال الجيش، الذين أسهموا في خدمة البلاد للحفاظ على مناعتها طيلة مسيرتهم العسكرية، بكل إخلاص وولاء للوطن والتزام بالمبادئ العسكرية. لذلك فإنّ تعيين رئيس الأركان الجديد اللواء إسماعيل الفتحلّي إنما يندرج في إطار التداول على المناصب ولأنّ التغيير في الاستراتيجيات يتطلّب أحيانا تغييرا في الأشخاص، علما بأن رئيس الأركان الجديد تتوافر فيه شروط القدرة والكفاءة ويتمتّع بمواصفات وخصال تؤهله للنجاح في هذه المهمّة، لذلك فقد تم اقتراحه من قبل وزير الدفاع الوطني لتولّي المنصب، ووافق رئيس الجمهورية على تسميته بعد التوافق مع رئيس الحكومة.
* هل نجحت المؤسسة العسكرية في التأقلم مع متطلبات الحرب على الإرهاب خاصّة في ظل الخسائر التي تكبّدتها؟
- إن الحرب على الإرهاب ليست حربا تقليدية بين جيشين نظاميين وإنما هي حرب غير متناظرة بين جيش نظامي من جهة ومجموعات متطرفة تعتمد على المباغتة في الزمان والمكان، وهو ما يتطلّب مراجعة في التنظيم والاستراتيجيات حتى تتسنى محاربة هذه المجموعات بالأسلوب المناسب، مع ما يترتّب عن ذلك من مراجعة لمنظومة الاستعلامات ولتنظيم الوحدات القتالية ولمناهج التكوين والدفع نحو الاستفادة من تجارب البلدان الشقيقة والصديقة التي مرّت بنفس المحنة.
وعموما فإن الحرب على الإرهاب تتطلّب نفسا طويلا، ولا يجب أن تثنينا بعض الخسائر في الأرواح والمعدّات عن مزيد من الإصرار على اجتثاث هذه الآفة. ولا يفوتني أن أترحّم على أرواح شهداء المؤسستين العسكرية والأمنية الذين نذروا أنفسهم فداء للوطن، وستظل المؤسسة العسكرية وفيّة لذكراهم، حريصة على سلامة الوطن وأمنه والثأر لهم طبقا لما يقتضيه القانون، وستواصل بذل كل العناية الصحية للجرحى والمصابين والإحاطة بعائلات الشهداء من العسكريين بتأمين الرعاية المادية والنفسية والاجتماعية.
* هل دعّمتم تعاونكم مع الأجهزة الأمنية في المرحلة الأخيرة خاصة مع وجود الإرهابيين في تونس؟
- التعاون مع المؤسسة الأمنية قائم وتمّ تدعيمه استجابة لطبيعة المرحلة، وذلك بوضع آليات جديدة لضمان التنسيق المحكم وتسهيل وصول المعلومة في الإبّان تحقيقا لنجاعة التدخّل.
وفي مجال العمليّات الميدانية تمّ تكوين تشكيلات مشتركة للتدخل داخل المدن وخارجها لمكافحة الإرهاب، وقد أكّدت هذه التشكيلات نجاعتها في عديد من العمليات الأخيرة.
جدير بالذكر أنه تم خلال الأسابيع الماضية إدخال تغييرات داخل المؤسسة العسكرية تتمثّل خاصة في:
- تدعيم وظيفة الاستعلام بإحداث وحدة مختصّة بجمع المعلومات في مجال مكافحة الإرهاب.
- تدعيم الاستعلام العملياتي والميداني من خلال إحداث وحدة مختصّة في الاستطلاع وظيفتها رصد المجموعات الإرهابية وتيسير عمل الوحدات المقاتلة.
- إحداث وحدة للإعداد الذهني والمعنوي بغرض التأقلم مع أساليب وطرق هذه العصابات، للتصدّي لها بشكل أكثر نجاعة.
- الاعتماد على العربات المصفحة التي تم اقتناؤها حديثا.
* استقبلت تونس غداة الثورة الليبية مليونا و700 ألف لاجئ.. كيف تقيّمون التجربة، وهل تعتبرونها ناجحة، وما هي الدروس التي تعلّمها الجيش الوطني من هذه التجربة الإنسانيّة؟
- تدخّل الجيش يندرج في إطار السياسة العامة للدولة التي تؤكّد على عمق الروابط بين الشعبين الشقيقين، ورغم دقة المرحلة التي تمرّ بها تونس اقتصاديا واجتماعيا، فإنها لم تتخلّ عن القيام بواجبها الإنساني منذ قيام الثورة الليبية، حيث استقبلت مليونا و700 ألف لاجئ من أكثر من مائة جنسية، ووفّرت لهم الإسناد اللوجيستي والرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية بما مكنها من السيطرة على الوضع والتعاطي معه بكفاءة واقتدار.
كما مثل هذا الواجب الإنساني محكا حقيقيا لمعرفة مدى حرفية الجيش الوطني في تعامله مع هذه الوضعية الاجتماعية والصحية الاستثنائية، التي فرضتها تداعيات الأحداث بليبيا الشقيقة، وتجربة ثرية للإطارات الطبيّة وشبه الطبيّة، بحكم وجودها في موقع جغرافي قريب من الوسط الصحراوي، وفي مناخ تزامن مع حلول فصل الصيف واقترن بحلول شهر رمضان المعظم.
وقد حظي هذا المجهود الإنساني، بالتنويه والإشادة، من قبل المنظمات الإنسانية العالميّة التي اعتبرته نموذجا في التعامل وفي احترام حقوق الإنسان.
* الحدود البريّة الليبية إلى أي حد يمكن السيطرة عليها وهل مرّت البلاد منذ بداية الثورة في البلدين بمرحلة انفلات؟
- من الصّعب جدّا لأي دولة في العالم تأمين حدودها البريّة بصفة كاملة ومطلقة. وفي هذا الشأن وعلى الرغم من دقّة المرحلة قامت المؤسسة العسكرية مباشرة بعد التدهور الأمني في ليبيا الشقيقة بوضع ترتيبة أمنيّة مكّنتها من تأمين حدودها، رغم الصعوبات التي نتجت عن تدفّق اللاجئين في تلك الفترة.
إن التحولات الحاصلة في المنطقة وما حدث في القوس الساحلي مثّل مجالا خصبا لارتفاع وتيرة التهريب وتنامي الجريمة المنظمة العابرة للحدود وتغلغل الإرهاب، مما أسهم في خلق وضع أمني معقّد على الحدود التونسية الليبية خاصة أن الشقيقة ليبيا ما زالت تمر بفترة انتقالية عسيرة تحاول من خلالها إرساء الاستقرار السياسي في البلاد. ونحن اليوم كلّنا عزم على تدارك النقائص التي حصلت إبّان الثورة الليبية سنة 2011 وما تبعها من تهريب للأسلحة وذلك من خلال جعل المنظومة الحدودية الأمنية والعسكرية أكثر متانة ونجاعة ويقظة.
* يدور الحديث عن تعاون أمني بين تونس والجزائر لمواجهة الأخطار على الحدود المشتركة، هل أبرمت اتفاقيات في الفترة الأخيرة في المجال العسكري، وما مدى نجاعتها؟
- يحظى التعاون التونسي الجزائري في المجال العسكري باهتمام كبير من الجانبين، وقد عملنا على دعمه وتطويره وتنويع مسالكه على قاعدة الشراكة الحقيقية، في مجال التكوين والتدريب وتبادل الخبرات، بما يستجيب لحاجيات الجيشين الوطنيين ويعزز قدراتهما العملياتية. واستجابة لطبيعة المرحلة ورهاناتها الأمنية تمّ في شهر مايو المنقضي إبرام اتفاقية بين الطرفين في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وتتمحور هذه الاتفاقية حول أربع نقاط:
- تأمين مراقبة الحدود المشتركة.
- تنسيق العمل الميداني وإرساء تعاون عمليّاتي في مجال تأمين الحدود.
- إنشاء شراكة في مجال تبادل المعلومات والاستعلامات من خلال تكريس الوسائل والآليات اللازمة.
- تبادل التجارب والخبرات في مجالات تأمين الحدود وتكثيف التكوين المتخصص في المجال.
* إلى أي حد تؤثر الحركات السياسية المعارضة في عملكم؟
- المؤسسة العسكرية في تونس لها قيم وتقاليد ثابتة تتمثّل بالخصوص في عدم التدخّل في الشأن السيّاسي. وفي المقابل فإننا نرفض أي محاولة للتدخّل أو للتأثير على سير المؤسسة العسكرية مهما كان مصدرها، لذا فإن هذه المؤسسة سوف تبقى محافظة على حيادها التام، حتّى ينصرف تركيزها الكامل إلى المهام التي حدّدها لها دستور البلاد الجديد وما يقتضيه القانون المنظم لها، وبالتالي فإن دورها يشمل في هذه المرحلة المساهمة في حماية المواطن والممتلكات العامة والخاصّة وصون النظام الجمهوري وتأمين عوامل الانتقال الديمقراطي وحفظ النظام العام حتّى تعود الحياة إلى نسقها الطبيعي وتستعيد البلاد عافيتها عندها يعود الجيش الوطني إلى مهامّه التقليدية.
* إلى أي حد يمكن أن يقدم الجيش تنازلات، إذا ما تمت اتفاقيات سياسية أو صفقات لمصلحة اقتصاد البلاد، مقابل غض النظر عن تحركات على الحدود مع ليبيا أو على السواحل التونسية؟
- لا مجال للحديث عن أي تنازلات مهما كانت، لأن الجيش الوطني هو ضامن استقلال البلاد وحامي الشعب التونسي من أي محاولة ترمي إلى الاعتداء عليه وفقا للدستور ولقوانين الدولة. وعلى هذا الأساس فهو يعمل في نطاق الشرعية وفي إطار السياسة العامّة للدولة مثلما تضبطها السلطات العموميّة، لذلك فلا ولاء له سوى للوطن والذود عنه وخدمة الجمهورية بنظامها المدني الديمقراطي.
ولو فرضنا أن تلك السلطات بمكوناتها التنفيذية والتشريعية تصدر أعمالا قانونيّة مخالفة للمشروعيّة فإن الرقابة القضائية سوف تلعب دورها إن كان ذلك على مستوى الرقابة المسلّطة على دستوريّة القوانين وعلى شرعية القرارات والأعمال الإدارية أو التصرّف في المجال العمومي أو أي انتهاك للحريات الفردية أو العامّة.
وخلاصة القول فإنّ إبرام أي اتفاقيات أو إصدار أي قرارات أو أعمال قانونية من قبل السلطتين التشريعية أو التنفيذية لا يخضع بأي حال من الأحوال إلى تقييم أو تقدير الجيش الوطني بل إلى رقابة السلطة القضائية والهيئات المكونة لها.
* ما مدى صحة الأخبار حول توتر العلاقة بين وزير الدفاع الوطني ورئيس الجمهورية؟
- العلاقة بين رئيس الجمهورية ووزير الدفاع الوطني يحكمها القانون على اعتبار أن التنظيم المؤقت للسلطات يسند لرئيس الجمهورية جملة من الصلاحيات في مجال الدفاع الوطني بصورة حصرية، ويبقى ما خرج عنها من مشمولات وزير الدفاع الوطني إضافة إلى أن الصلاحيات التي يمارسها رئيس الجمهورية لا تمارس في أغلبيتها إلا باقتراح من وزير الدفاع الوطني وبالتوافق مع رئيس الحكومة على غرار تسميات الوظائف العليا العسكرية.
ويحدث أن يتجاوز الواقع ما تقتضيه النصوص القانونية بما يتطلّب في مرحلة ما إعادة الأمور إلى نصابها. فالأمر لا يتعلق بخلافات بالمعنى التقليدي للكلمة وإنّما يتعلّق بقواعد حوكمة المؤسسة العسكرية طبقا لما يقتضيه القانون، خاصّة ونحن في مرحلة انتقال ديمقراطي، ما زالت فيها رواسب الماضي حاضرة في الجانب العملي والتطبيقي رغم تغيير النصوص القانونية.
نحن نبني لتونس الجديدة، والتقيّد بالقانون واحترام مؤسسات الدولة هما من أكد واجبات الحكومة الحالية حتّى نؤسس حقيقة لدولة القانون. لذا يكون من الطبيعي جدا أن تقع بعض الاختلافات، لكنّه من الطبيعي أيضا كون المرجع الوحيد في هذه الحالات هو الالتزام بتطبيق القانون.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.