عززت «قوات سوريا الديمقراطية»، العربية - الكردية، مواقعها حول الجيب الأخير لتنظيم «داعش» في شرق سوريا، بانتظار خروج مزيد من المحاصرين داخله، فيما قال المبعوث الأميركي جيمس جيفري إنه لم يبق لـ«داعش» سوى بضع مئات من المقاتلين وأقل من كيلومتر مربع من الأراضي تحت سيطرته في آخر معقل له في سوريا، رغم أنه ربما له ما بين 15 و20 ألفاً من الأنصار المسلحين في سوريا والعراق.
وجاء تشديد الخناق على المقاتلين الأخيرين لـ«داعش» في الباغوز في وقت جددت الولايات المتحدة رفضها لما سمته «الحل العسكري» الذي تدعمه روسيا وإيران في سوريا، بحسب ما جاء في بيان مشترك صدر أمس مع كل من ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة. وجاء في البيان: «الحل العسكري الذي يأمل النظام السوري في تحقيقه، بدعم من روسيا وإيران، لن يحقق السلام. السبيل الوحيد لإنهاء العنف والصعوبات الاقتصادية وكذلك لضمان تسوية دائمة للصراع هو الحل السياسي المتفاوض عليه. والحل السياسي وحده هو الذي يمكن أن يوفر الضمانات الضرورية لجميع مكونات المجتمع السوري وكذلك لجيران سوريا».
وأضاف البيان الذي صدر بمناسبة مرور ثمانية أعوام على الصراع السوري: «تكرر حكومات فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة دعمها للعملية التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254 لإقامة سوريا سلمية ومستقرة ولتعزيز المكاسب التي تحققت من خلال تحرير الأراضي من داعش. سوف نستمر في متابعة المساءلة عن الجرائم المرتكبة في النزاع السوري من أجل تحقيق العدالة والمصالحة للشعب السوري. من الواضح أننا لن نفكر في تقديم أو دعم أي مساعدة لإعادة الإعمار حتى يتم إجراء عملية سياسية موثوقة وحقيقية بشكل لا رجعة فيه. يجب على روسيا وسوريا احترام حق اللاجئين السوريين في العودة إلى ديارهم طواعية وأمان، ووضع حد للادعاءات بأن الظروف مناسبة لإعادة الإعمار والتطبيع، وندعوهم إلى المشاركة بجدية في المفاوضات التي وحدها يمكن أن تجلب السلام لسوريا».
وفي إطار الجهود الدولية لدعم اللاجئين والنازحين السوريين، تعهدت الجهات الدولية المانحة خلال مؤتمر عُقد الخميس في بروكسل برئاسة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بتقديم سبعة مليارات دولار لمساعدة ملايين اللاجئين والنازحين السوريين. لكن مصدراً رسمياً في وزارة الخارجية السورية انتقد الجمعة ما وصفه بـ«تباكي» و«نفاق» بعض الدول المشاركة في مؤتمر بروكسل، معتبراً أن «العقوبات الأحادية الجانب اللامشروعة» المفروضة على بلاده تُفقد «الاتحاد الأوروبي أي صدقية عند الحديث عن مساعدة السوريين والتخفيف من معاناتهم»، بحسب ما أورد تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ بدء النزاع السوري في العام 2011 عقوبات اقتصادية صارمة على سوريا شملت أفراداً وكيانات، ما يعني تجميد أصولهم وعزلهم مالياً. كما يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات أخرى بينها حظر على الأسلحة والنفط وقيود على الاستثمارات.
وفي جنيف، نقلت وكالة «رويترز» عن السفير جيمس جيفري، ممثل أميركا الخاص لسوريا والمبعوث الخاص للتحالف الدولي الذي يحارب «داعش»: «نحن على وشك إنهاء الحملة على طول نهر الفرات لاسترداد آخر أراضي الخلافة (المزعومة). لم يبق سوى بضع مئات من المقاتلين وأقل من كيلومتر من الأراضي». وأضاف أن الولايات المتحدة تساعد «قوات سوريا الديمقراطية» في حراسة أسرى التنظيم، لكنه أوضح أنها ستقوم أيضاً بحملة لدفع الدول إلى استعادة مواطنيها الذين قاتلوا مع «داعش» وعائلاتهم لمقاضاتهم أو إعادة تأهيلهم.
وقال جيفري: «نعتقد أنه يوجد ما بين 15 و20 ألف مناصر مسلح لـداعش لكن معظمهم ضمن خلايا نائمة في سوريا والعراق». وفي تصريحات عبر دائرة تلفزيونية بعد حضور مؤتمر في جنيف بشأن الجهود الإنسانية في سوريا، قال جيفري إن المعركة ستستمر للقضاء على فكر «داعش» ولا يوجد إطار زمني لانسحاب الولايات المتحدة. وستسحب الولايات المتحدة بعض قواتها من سوريا لكنها ستبقي على فرقة في شمال شرقي البلاد وذلك بهدف مواصلة القتال والحيلولة دون حدوث أي فراغ يزعزع الاستقرار. وستُبقي الولايات المتحدة أيضاً على قوة في التنف القريبة من الحدود العراقية والأردنية لتعزيز القوات المحلية في مواجهة «داعش». وقال جيفري، بحسب ما أوردت «رويترز»، إنه في ظل تقليص العدد وتراجع الأعمال القتالية بعد خسارة «داعش» أراضيها في سوريا، فإن النفقات الأميركية ستكون أقل كثيراً. وفي العام الماضي، تكلفت العمليات العسكرية الأميركية في سوريا نحو ملياري دولار من إجمالي الميزانية الدفاعية البالغة قيمتها 700 مليار دولار، وذلك للإنفاق بشكل أساسي على ذخائر دقيقة التوجيه.
ميدانياً، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن «قوات سوريا الديمقراطية» عملت أمس الجمعة على تعزيز مواقعها حول الجيب الأخير لـ«داعش» في الباغوز، شرق سوريا. وأفاد صحافي في الوكالة بأن خطوط الجبهة في الباغوز شهدت هدوءاً، بينما حلّقت طائرات التحالف الدولي بقيادة أميركية في الأجواء. وأشارت الوكالة إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية» أبطأت وتيرة عملياتها منذ ظهر الخميس، ما أتاح خروج نحو 1300 من مقاتلي التنظيم وأفراد عائلاتهم.
وقال قيادي في «قوات سوريا الديمقراطية» لوكالة الصحافة الفرنسية الجمعة إن قواته تعمل منذ الليل على تعزيز مواقعها حول الجيب المحاصر، وهو عبارة عن مخيم عشوائي محاط بأراض زراعية تمتد حتى الحدود العراقية على الضفاف الشرقية لنهر الفرات، في انتظار خروج المزيد من المحاصرين. وأفاد جياكر أمد، متحدث في الوحدات الكردية التي تشكل المكون الرئيسي في «قوات سوريا الديمقراطية»، الوكالة الفرنسية بـ«احتمال أن تكون العمليات بطيئة الجمعة إفساحاً في المجال أمام خروج المدنيين». وأضاف: «لا نعرف أعداد المتبقين ولا نستطيع أن نقول المئات أو الآلاف»، موضحاً أن «من بقوا في الداخل لديهم عقيدة قوية، فداعش ليس منظمة عادية ويضم انتحاريين كثر سيقاومون حتى النهاية».
وتراجعت وتيرة القتال الخميس بعد ليلة قصف كثيف واشتباكات بدأت الأربعاء إثر شنّ مقاتلي التنظيم الرافضين للاستسلام هجومين معاكسين على مواقع «قوات سوريا الديمقراطية»، مستفيدين من عاصفة رملية تضرب المنطقة ذات الطبيعة الصحراوية. وقالت «قوات سوريا الديمقراطية» إنها تمكنت من صدهما.
وعلى تخوم الباغوز، شاهد صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية بعد ظهر الخميس، مئات من الرجال، بعضهم على عكازات وآخرون مضمدو الأطراف، برفقة نساء منتقبات وأطفال مذعورين وهم يشقون طريقهم صعوداً في مسارات وعرة وضيقة قادتهم من جيب التنظيم في الباغوز إلى قمة جرف صخري تتمركز عليها «قوات سوريا الديمقراطية».
وكانت هذا القوات أعلنت في وقت سابق أن «ثلاثة آلاف إرهابي.. استسلموا» يومي الاثنين والثلاثاء.
وفي باريس، أوردت وكالة «رويترز» أن وزارة الخارجية الفرنسية أعلنت أمس أنها أعادت خمسة أطفال، إما أيتام أو تم فصلهم عن آبائهم في مخيمات بشمال سوريا، لكنها كررت موقفها بأن المواطنين البالغين الذين انضموا لـ«داعش» في الخارج ينبغي أن يظلوا حيث هم لمحاكمتهم هناك.
تشديد الخناق على «جيب داعش» الأخير... وأميركا تتوقع «نهاية وشيكة» للمعركة
واشنطن لا تلتزم بإطار زمني للانسحاب... ورفض غربي لـ«الحل العسكري المدعوم من روسيا وإيران»
تشديد الخناق على «جيب داعش» الأخير... وأميركا تتوقع «نهاية وشيكة» للمعركة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة