الميليشيات المسلحة تتخوف من دخول قوات حفتر العاصمة الليبية

وزير دفاع أسبق قال إن مصيرهم «الاعتقال والمحاكمة»

TT

الميليشيات المسلحة تتخوف من دخول قوات حفتر العاصمة الليبية

تسود حالة من الهلع والخوف بين بعض قادة الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس من احتمال إقدام المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، على إصدار التعليمات إلى قواته بالتحرك لتحرير العاصمة التي تهيمن عليها الميليشيات المتنازعة على مناطق السلطة والنفوذ منذ نحو 5 سنوات.
وتوقع وزير الدفاع الليبي السابق محمد البرغثي، لـ«الشرق الأوسط»، الذي حدد أسماء 20 من قادة الميليشيات المطلوبين للعدالة بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين العزل وتهديد استقرار البلاد، الاعتقال والمحاكمة لقادة الميليشيات، في حال لم يتمكنوا من مغادرة طرابلس قبل دخول قوات الجيش الوطني إليها، وأضاف موضحاً: «مصيرهم إما قتلهم أو هروبهم، أو القبض عليهم ومحاكمتهم».
وتضمنت مذكرة كتبها البرغثي بخط يده، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، «أسماء العشرين، بعضهم موالٍ لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، والتي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة. وتشمل المذكرة قائمة أسماء قادة يوصفون بأنهم (خطرين)، وأعدت بتاريخ 15 فبراير (شباط) عام 2013». وقال البرغثي: «الآن، منهم من قتل، ومنهم من هرب إلى الخارج، ومنهم من يحكم العاصمة طرابلس بمجلس رئاستها، وسوف يكون مصيرهم كسابقيهم»، مضيفاً أن «المجلس الرئاسي لحكومة السراج بالعاصمة تحت رحمة الأحياء في هذه القائمة».
ورغم أن مصادر عسكرية وأمنية في طرابلس أبلغت أمس «الشرق الأوسط» أن ثمة اتصالات سرية يجريها منذ بضع أسابيع بعض قادة الميليشيات المسلحة مع المشير خليفة حفتر، فإنها نفت في المقابل تقارير غير رسمية عن هروب بعض قادة هذه الميليشيات إلى خارج ليبيا.
وقال مسؤول عسكري رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن بعض هؤلاء القادة «يحاول التواصل مع القيادة العامة للجيش الوطني، ومنهم من يقوم بترتيب إقامته بالخارج، لكن ليس بالشكل المتداول، الذي يوحي بأنه لم يعد هناك أي قيادي ميليشياوي في طرابلس.
لكن في الوقت نفسه، هناك مجموعات مسلحة ونظامية ومدنيون يتبعون القيادة العامة، ويعملون من داخل طرابلس مستقلين، ولديهم اتصالات مع الميليشيات».
لكن مصدراً عسكرياً آخر قال إن ما يحدث هو رحيل أبرز معاوني بعض قادة تلك الميليشيات. وأضاف المصدر، الذي طلب عدم تعريفه لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام: «حتى الآن كل رؤوس الميليشيات ما زالت موجودة بالعاصمة طرابلس، لكن أفراداً مقربين منهم غادروا، مثل جلال الورشفاني، أحد أهم معاوني هيثم التاجوري، قائد ما يعرف بميليشيات كتيبة ثوار طرابلس، وشخص آخر لقبه المشاي، وهو من معاوني عبد الغني الككلي، الشهير بأغنيوة، والمسؤول الأول عن قوة الردع والتدخل السريع الموالية لحكومة السراج».
وأضاف موضحاً: «هناك بالطبع تحفظ على أسماء الذين يتواصون مع القيادة. لكن حسب معلوماتي، فإن هناك ميليشيات من الزاوية، وأخرى من غريان، وأخرى من طرابلس، وكلما ضاق الخناق سيقفز آخرون خارج السفينة للنجاة».
وقال مصدر عسكري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»: «الناس داخل العاصمة في انتظار الجيش، والميليشيات تستعد لمواجهة عسكرية وشيكة... إنهم يحاولون رص الصفوف»، لافتاً إلى اجتماع بعض قادة ما يسمى بـ«ثوار فبراير»، واتفاقهم على مقاومة الجيش إذا حاول الدخول إلى طرابلس، وأضاف بهذا الخصوص: «لقد تم عقد أكثر من اجتماع لبحث التصدي لتحرير قوات الجيش الوطني للمدينة، لكن الاجتماع الأكبر كان في غريان... إنهم يعملون تحت اسم الجيش الليبي التابع للسراج».
وتزامنت هذه المعلومات مع ما نشره موقع «استيراتيجي بيج» الإلكتروني الأميركي، وتداولته صحف ليبية، حيث قال إن كثيراً من قادة ميليشيات طرابلس البارزين غادروا البلاد مع عائلاتهم، لكنه زعم في المقابل أن الجيش سيدخل إلى طرابلس، بناءً على طلب من حكومة السراج، وهو ما نفته أمس مصادر رسمية مقربة من حفتر لـ«الشرق الأوسط».
وقالت المصادر إن الحديث عن أن حكومة السراج ستتعاون مع الجيش في هذا الصدد أمر خيالي، ولا يمت لصلة بما يجري على الأرض.
ونقلت أمس وسائل إعلام محلية عن حفتر قوله إن تأمين طرابلس، وما تبقى من مدن ليبيا، عبر القوات المسلحة «أمر حتمي»، لافتاً إلى أن قوات الجيش تتمنى دخول هذه المدن دون إراقة قطرة دم واحدة، لكنه تعهد أيضاً بأن كل من سيحاول مواجهة هذه العملية سيتم سحقه دون هوادة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».