المنصف المرزوقي: توافق «النهضة» و«نداء تونس» فشل في حكم البلاد

الرئيس التونسي السابق لمح إلى إمكانية ترشّحه للانتخابات الرئاسية المقبلة

TT

المنصف المرزوقي: توافق «النهضة» و«نداء تونس» فشل في حكم البلاد

قال الدكتور المنصف المرزوقي، الرئيس السابق للجمهورية التونسية، إن التوافق بين حزبي النهضة ونداء تونس فشل، وقاد البلاد إلى نتائج سلبية وظروف صعبة، مبرزاً أن فترة حكم «الترويكا» كان أفضل من الفترة الحالية، وأن المؤشّرات والأرقام تؤكد ذلك. وقال إنها (الترويكا) حققت الأهداف التي جاءت من أجلها للحكم سنة 2011، وهي كتابة الدستور، وحفظ الوحدة الوطنية، وإجراء انتخابات ديمقراطية سنة 2014.
وفي حوار خاص مع الشقيقة مجلة «المجلة» في نسختها الفرنسية، برّر المرزوقي إخفاقه في الانتخابات الرئاسية 2014 بالهجمة الإعلامية المكثّفة التي استهدفته، والتي لعبت وفقاً لتصريحاته، دوراً في ترجيح فوز الباجي قائد السبسي. وقال بهذا الخصوص: «إن ذلك لن يتكرر في انتخابات 2019». وأكد المرزوقي أن جوهر خلافه مع حركة النهضة يتمثّل في الموقف من المنظومة القديمة، ويقصد بذلك حزب نداء تونس الحاكم الآن. وأضاف الرئيس التونسي السابق موضحاً: «قد يصف البعض موقفي من النهضة بـ(الثورجي). لكن تجربة التاريخ تقول إنه لا يمكن أن نبني الجديد بالقديم».
وأوضح المرزوقي أن حزب «حراك تونس الإرادة» الذي أسّسه عام 2015، يترأسه اليوم حزب يميني يساري وسطي متعلّق بالهوية العربية الإسلامية، ويؤمن بالحقوق والحريات، ويعطي أهمية كبيرة للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، مبرزاً أن هذا الحزب سيشارك في انتخابات الخريف المقبل. وبخصوص ترشّحه للانتخابات الرئاسية 2019، قال المرزوقي إنه لا يستطيع الآن تأكيد أو نفي نيّته الترشّح، مبرزاً أن ذلك سابق لأوانه. وأضاف: «لا أريد أن أعلن قراري النهائي الآن. فأنا أتحاور حول هذه المسألة مع عدد من الأطراف السياسية، وسيتحدد الموقف النهائي قبل الصيف» المقبل. في غضون ذلك، أكد الرئيس التونسي السابق أن الإعلام في بلاده أفسد الحياة السياسية بتسفيه السياسيين والأحزاب، وهو سبب تدني مستوى الخطاب السياسي، موضحاً أنه يأمل في أن تأتي الانتخابات المقبلة بمجموعة جديدة من السياسيين.
واعترف المرزوقي بأنه ارتكب أخطاء خلال رئاسته للجمهورية التونسية، وقال إن تلك الأخطاء حصلت عن حسن نية، ووصفها بالأمر الطبيعي، وقال بهذا الخصوص: «من غير الطبيعي ألا يُسأل أمثالي عن أخطائهم، أنا أخطأت في عدم تقدير حجم شراسة المنظومة القديمة وبذاءتها، وخطورة الثورة المضادة. فقد كنا متسامحين معها، وهي تحاربنا بالأكاذيب والإشاعات. كان هذا سنة 2014. لكن في هذه السنة سنتخذ إجراءات جديدة ولن نكرر الأخطاء نفسها». وفي حواره المطول مع «المجلة»، تحدث الرئيس التونسي السابق عما يحدث في الجزائر، قائلاً: «نتمنى الخير لأشقائنا في الجزائر لأن ما يصيبهم يصيبنا، ونرجو أن يبقى البلد مستقراً والشعب موحّداً، ويستمر السلم والاستقرار... ونحن مع ما يختاره الشعب الجزائري». وبخصوص الوضع في ليبيا قال المرزوقي: «ما يجري في ليبيا يبعث على القلق، ونحن مع اعتماد الحوار بين الأفرقاء الليبيين سبيلاً لحلّ هذا الملف المعقّد، ونحن أيضاً مع الشرعية، ومع حكومة الوفاق الوطني وندعم هذه الحكومة، ونرجو أن تخرج ليبيا من أزمتها في أقرب وقت». وعن حياته اليومية بعد مغادرته القصر الرئاسي، قال الرئيس التونسي السابق: «منذ أن كنت في القصر الرئاسي عاهدت نفسي ألا أكون أسير هذا القصر... وبمجرد إنهاء عملي عشيّة كل يوم جمعة كنت أعود إلى محيطي الطبيعي، المتمثل في كتبي وبيتي في مدينة سوسة لقضاء عطلة نهاية الأسبوع».

* الحوار كاملاً باللغتين العربية والفرنسية على موقع مجلة «المجلة»



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.