تونس: إعفاء 13 مسؤولاً طبياً بعد كارثة وفاة 15 رضيعاً

TT

تونس: إعفاء 13 مسؤولاً طبياً بعد كارثة وفاة 15 رضيعاً

قررت الحكومة التونسية، التي يرأسها يوسف الشاهد، إعفاء 13 مسؤولاً حكومياً من مناصبهم، على خلفية الضجة الكبيرة التي خلفها موت 15 رضيعاً في مستشفى الرابطة بالعاصمة التونسية.
وشمل الإعفاء المديرة العامة للصحة، والمديرة العامة لمركز التوليد وطب الرضيع، والمديرة العامة للمخبر التونسي لمراقبة الأدوية. كما أجرت الوزارة المسؤولة سلسلة من التعيينات الجديدة داخل عدد من الإدارات المرتبطة بوزارة الصحة، من بينها الإدارة العامة للهياكل الصحية العمومية، وإدارة الموارد البشرية، والوحدة المركزية لتكوين الإطارات. وأكدت الوزارة أن هذه التعديلات تروم «إضفاء مزيد من النجاعة على منظومة الصحة العمومية في تونس، التي تضررت خلال السنوات الماضية».
وأمس كشفت لجنة التحقيق الطبية حول وفيات الرضع، عن وجود حالة «تعفن جرثومية» بمستحضرات طبية، تسببت في وفيات الرضع.
وبهذا الخصوص، أوضح رئيس اللجنة، الطبيب محمد الدوعاجي، في مؤتمر صحافي، أن النتائج الأولية المؤكدة تشير إلى تعفن جرثومي في تركيبة مستحضر التطعيم، الذي
جرى نقله إلى الرضع؛ لكنه نفى ما إذا كانت المستحضرات المكونة له منتهية الصلاحية.
في سياق ذلك، خلف قرار قضائي أصدرته المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية، يقضي بمنع بث تحقيق تلفزيوني حول وفاة الرضع بمركز التوليد وطب الرضع بتونس، جدلاً سياسياً واسعاً حول حدود حرية الإعلام في البلاد، واتهام الحكومة الحالية بمحاولة التغطية على وفاة 15 رضيعاً بأحد المستشفيات الحكومية، وهو الحادث الذي شابته شكوك عميقة في أسبابه.
ولتبرير هذا المنع، أوضح مصدر قضائي أن القرار جاء بهدف الحفاظ على سرية الأبحاث، وعدم التشويش على سير التحقيقات الأمنية والقضائية؛ لكن جهات نقابية وإعلامية اعتبرت هذا القرار بمثابة «كارثة» تضرب حرية الإعلام في العمق، وتحد من مساهمة السلطة الرابعة في كشف الحقائق.
وفي هذا الصدد، قال ناجي البغوري، نقيب الصحافيين التونسيين لـ«الشرق الأوسط»، «إنها سابقة خطيرة، من شأنها أن تنسف ما تحقق بعد ثورة 2011 من مكاسب، في مجال حرية التعبير والصحافة»، معتبراً هذا القرار «مؤشراً على عودة الاستبداد، وتكميم الأفواه، وتطويع القضاء وتوظيفه من قبل السلطة التنفيذية»، على حد تعبيره.
ودعا البغوري الصحافيين المعنيين بالقرار القضائي إلى تحدي القاضي، وبث الحلقات لتنوير الرأي العام وكشف الحقيقة. مشدداً على أن القرار «مجرد واجهة لقرار سياسي»، يقضي بمنع التداول في قضية رأي عام، وقال إن السلطة تسعى إلى التعتيم عليها والتحكم في تفاصيلها، ومنع الإعلام من الاضطلاع بدوره الاستقصائي والرقابي، وهو ما يعزز الشكوك حول الأسباب الحقيقية لكارثة وفاة الرضع في ظروف مشكوك فيها، على حد قوله.
من جانبه قال إياد الدهماني، المتحدث باسم الحكومة، إن الحكومة «لا دخل لها في السلطة القضائية، في ظل نظام سياسي يفصل بين السلطات»، معتبراً أن الحكومة «تعمل على كشف الحقيقة، وهي تتقاطع في هذا الهدف مع وسائل الإعلام التونسية، الساعية بدورها لإنارة العدالة، وكشف ملابسات موت 15 رضيعاً في المستشفى نفسه خلال يومين فقط».
من جهة ثانية، أكد حزب النداء، الذي أسسه الرئيس الباجي قائد السبسي عام 2012، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة، استقالة أربعة أعضاء من بين ثمانية أعضاء، يشكلون لجنة الإعداد للمؤتمر الانتخابي الأول للحزب، المقرر في السادس من أبريل (نيسان) المقبل.
وأكد الحزب استقالة رضا شرف الدين من رئاسة هذه اللجنة، ومن حزب النداء، وأيضاً من الكتلة البرلمانية، وتعويضه بسميرة بالقاضي التي ستتولى المهمة، والتي وعدت بالإعداد للمؤتمر الانتخابي الأول للحزب بـ«عقد مؤتمر نزيه وحر، دون الخضوع لضغوطات» على حد تعبيرها.
على صعيد غير متصل، قررت الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة، رفع منع السفر عن رفيق الحاج قاسم، وأحمد فريعة، وزيري الداخلية السابقين في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وعن عدد من الكوادر الأمنية السابقة العاملة بوزارة الداخلية. وشمل القرار أيضاً عادل التيويري المدير العام للأمن الوطني، ولطفي الزواوي المدير العام للأمن العمومي، وجلال بودريقة مدير وحدات التدخل.
وكان القضاء التونسي قد وجه لهؤلاء تهماً بتعذيب المعارضين لسياسة بن علي قبل الثورة، وقتل المحتجين عمداً في عدد من المدن التونسية خلال ثورة 2011.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.