مقترحات من «الأزمات الدولية» لموسكو وأنقرة لـ«تجنب أفضل الخيارات السيئة» في إدلب

توسيع نطاق الدوريات التركية وتخلي «هيئة التحرير» عن الطرق... وضغوط على دمشق لوقف الهجمات

بعد غارة على إدلب شمال غربي سوريا (أ. ف.ب)
بعد غارة على إدلب شمال غربي سوريا (أ. ف.ب)
TT

مقترحات من «الأزمات الدولية» لموسكو وأنقرة لـ«تجنب أفضل الخيارات السيئة» في إدلب

بعد غارة على إدلب شمال غربي سوريا (أ. ف.ب)
بعد غارة على إدلب شمال غربي سوريا (أ. ف.ب)

اقترحت «مجموعة حل الأزمات الدولية» قيام تركيا بالمزيد في إدلب و«توسيع نطاق دورياتها بشكل يغطي كامل المنطقة منزوعة السلاح وتعزيز نقاط المراقبة الثابتة لقواتها، لثني مسلحي إدلب والنظام على حد سواء عن استعمال العنف»، إضافة إلى ضغط موسكو وأنقرة «على الطرفين معاً لوقف الهجمات المتبادلة بينهما وتخلي هيئة تحرير الشام عن سيطرتها على الطرق الرئيسية السريعة».
وجاء في تقرير لـ«حل الأزمات الدولية» أن الاتفاق بين تركيا وروسيا الذي وقع في سبتمبر (أيلول) ويحمي محافظة إدلب السورية التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة من هجمات النظام يتعرض لضغوط متزايدة؛ إذ تصاعدت الصدامات بين المتطرفين وغيرهم من المسلحين داخل إدلب من جهة وقوات النظام من جهة أخرى. الدوريات التي بدأت تركيا مؤخراً بتسييرها تشكل تقدماً نحو تنفيذ الاتفاق الثنائي، لكن ما يزال هناك المزيد مما ينبغي فعله.
وقُتل 13 مدنيّاً على الأقلّ، بينهم ستّة أطفال، الأربعاء بضربات جوّية روسيّة على محافظة إدلب السورية هي «الأولى» منذ اتفاق موسكو وأنقرة، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وقال: «خلال الـ24 ساعة الماضية، استهدف الطيران الروسي بعشرات الصواريخ مناطق عدّة في محافظة إدلب، شملت مدينة إدلب التي تعرّضت لقصف الطيران الروسي لأوّل مرّة منذ نحو عام، بالإضافة لقصف طال بلدة سراقب».
ولفت «المرصد» إلى أنّ تلك الضربات الروسيّة هي الأولى التي «تستهدف مدينة إدلب منذ أكثر من عام» بعد الغارات الروسيّة الأخيرة عليها في فبراير (شباط) 2018.
ومنذ مطلع فبراير، دفعت عمليات القصف التي يشنّها النظام أكثر من سبعة آلاف شخص إلى النزوح من مدينة خان شيخون في جنوب إدلب في اتجاه شمال المحافظة.
وتشكل منطقة إدلب آخر المعاقل الرئيسية للمعارضة السورية، ويقطنها نحو ثلاثة ملايين نسمة. ليس هناك وسيلة واضحة لتحييد جهاديي إدلب دون أن يكون لذلك كلفة إنسانية مروّعة؛ حيث إن هجوماً للنظام سيرسل موجات من اللاجئين نحو الحدود التركية ويمكن أن يؤدي إلى نشر جهاديي إدلب حول العالم.
في التفاصيل، تحاشت محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها هجوماً عسكرياً شاملاً – لكن من غير الواضح إلى متى ستتمكن من تجنب ذلك، إذ أن روسيا والنظام السوري قالا إنهما «لن يسمحا باستمرار الوضع الراهن في إدلب وأنهما حريصتان على استعادة دمشق للمنطقة في أقرب فرصة ممكنة. لكن هجوماً للنظام مدعوماً من روسيا سيحدث كارثة إنسانية، ويخرج أعداداً كبيرة من اللاجئين بشكل يؤدي إلى زعزعة استقرار تركيا المجاورة ويبعثر مسلحين قد يحدثون فوضى عارمة عالمياً».
منذ سبتمبر 2017. ساعد وقف جزئي لإطلاق النار بموجب اتفاق «خفض التصعيد» بين تركيا وإيران وروسيا في حماية إدلب. كما منع اتفاق تم التوصل إليه في سبتمبر 2018 بين تركيا وروسيا، وأعلن في منتجع سوتشي على البحر الأسود، ما كان يبدو هجوماً وشيكاً للنظام وعزز الاتفاق السابق.
لكن من المهم أن اتفاق «خفض التصعيد» الأصلي ألزم جميع الأطراف بعزل ومحاربة التنظيمات المتطرفة، وأن اتفاق سوتشي حدد إجراءات إضافية لتطهير منطقة منزوعة السلاح داخل إدلب من «التنظيمات الإرهابية المتطرفة». وأفاد التقرير: «يقع عبء تنفيذ اتفاق سوتشي بشكل رئيسي على تركيا، التي قصّرت حتى الآن في الوفاء بمسؤولياتها. في هذه الأثناء، تصاعدت الهجمات المتبادلة بين مسلحي إدلب وقوات النظام. إن تسيير دورية تركية في المنطقة منزوعة السلاح في 8 الشهر الجاري، يشكل تقدماً كبيراً، لكن اتفاق سوتشي يتطلب المزيد».
داخل إدلب، تشكل «هيئة تحرير الشام»، وهي النسخة الأحدث لـ«جبهة النصرة» فرع تنظيم «القاعدة» في سوريا، الفصيل المسلح الأكثر أهمية. بعد أن كسر خصومها المسلحون سيطرتها المطلقة على إدلب في مطلع العام 2018. أعادت «هيئة تحرير الشام» إحكام قبضتها على كل منطقة إدلب في يناير (كانون الثاني) 2019. إضافة إلى «هيئة تحرير الشام»، فإن بعض المجموعات المسلحة الأخرى في إدلب تضم متطرفين لهم أطماع عالمية، إلا أن معظمها إسلامية بشكل عام ولكن يمكن فهمها على نحو أفضل بوصفها تجليات شعبية مسلحة للمجتمعات المحلية في إدلب.
بالنسبة إلى «هيئة تحرير الشام»، ليس من الواضح تماماً ما تمثله اليوم. فمع عدم إمكانية تحقيق نصر عسكري في سوريا، استثمر الفصيل في مشروع حكم إسلامي محلي. ويعبّر كبار شخصياتها علناً عن الالتزام بـ«الجهاد»، لكنهم عملياً أظهروا بعض البراغماتية والمرونة. لقد توصلت «هيئة تحرير الشام» بشكل متكرر إلى تسويات مع تركيا تخالف المسلّمات بينما تضمن حتى الآن بقاء التنظيم.
لا يبدو أن الهجوم العسكري على إدلب وشيك الحدوث؛ إذ إن هجوماً للنظام مدعوماً من روسيا سيكون مكلفاً جداً، عسكرياً، وبالنظر إلى الكلفة الإنسانية المرتفعة، سيكون ذا كلفة سياسية مرتفعة أيضاً. بدلاً من ذلك، تبدو روسيا ميالة لإعطاء الأولوية لعلاقتها مع تركيا والمحافظة على العملية السياسية في سوريا.
«ما الذي ينبغي فعله؟»، تسأل «مجموعة حل الأزمات». تجيب: «ينبغي على تركيا أن تفعل المزيد في إدلب إذا أريد لوقف إطلاق النار أن يستمر. كما ينبغي على تركيا توسيع نطاق دورياتها داخل منطقة إدلب بشكل يغطي كامل المنطقة منزوعة السلاح وتعزيز نقاط المراقبة الثابتة لقواتها، لثني مسلحي إدلب والنظام على حد سواء عن استعمال العنف. كما ينبغي على تركيا وروسيا أن تضغطا على الطرفين معاً لوقف الهجمات المتبادلة بينهما. إضافة إلى ذلك، على تركيا أن تضغط على هيئة تحرير الشام كي تتخلى عن سيطرتها على الطرق الرئيسية السريعة التي تعبر المنطقة، وأن تقوم مع روسيا بتأمين الطرق أمام التجارة».
«لا يشكل تجنب مواجهة عسكرية كارثية في إدلب واحتواء مسلحي المنطقة حلاً دائماً. لكن حتى الآن، يشكل ذلك أفضل خيار متوفر يحمي حياة السكان»، بحسب التقرير.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».