فتح أول مقبرة جماعية للإيزيديين في سنجار

بحضور ممثلين عن الحكومة العراقية وفريق «يونيتاد» وجهات رسمية وشعبية

عنصر من البيشمركة امام حطام احد المنازل في سنجار (غيتي)
عنصر من البيشمركة امام حطام احد المنازل في سنجار (غيتي)
TT

فتح أول مقبرة جماعية للإيزيديين في سنجار

عنصر من البيشمركة امام حطام احد المنازل في سنجار (غيتي)
عنصر من البيشمركة امام حطام احد المنازل في سنجار (غيتي)

تفتح اليوم الجمعة أول مقبرة جماعية حفرها تنظيم «داعش» وتضم رفات مواطنين إيزيديين بمنطقة كوجو في قضاء سنجار معقلهم الرئيسي الذي سيطر عليه التنظيم الإرهابي بعد نحو شهرين من سيطرته على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى في يونيو (حزيران) 2014، وقام التنظيم بعد ذلك التاريخ بقتل وتشريد آلاف الإيزيديين وخطف وسبي نسائهم، وما زال مصير المئات مجهولاً. وكوجو هي المنطقة التي تنحدر منها الإيزيدية نادية مراد التي فازت بجائزة نوبل للسلام في العام الماضي.
وتؤكد المصادر الإيزيدية أن عملية الفتح اليوم، ستشمل 11 مقبرة جماعية في كوجو؛ من بين 71 مقبرة يحتمل وجودها في عموم قضاء سنجار. وتولي الجهات المعنية باستخراج رفات الضحايا الإيزيديين، عناية استثنائية للقضية، خصوصاً الأوساط الحكومية والشعبية وبالذات الإيزيدية منها، حيث سيشارك في مراسم فتح المقابر الجماعية، ممثلون عن الحكومة العراقية والأمم المتحدة وفريق التحقيق الدولي «يونيتاد» و«مؤسسة الشهداء» في الحكومة الاتحادية وممثلون عن حكومة كردستان و«مؤسسة شؤون الشهداء والمؤنفلين» في الإقليم، فضلاً عن مجموعة من منظمات المجتمع المدني.
وأبلغ الباحث والناشط الإيزيدي خلدون إلياس نيساني «الشرق الأوسط» بأن «الطقوس الإيزيدية سترافق مراسم فتح المقابر الجماعية، كما سيلقي (بابا شيخ)؛ (مرجع روحي إيزيدي رفيع)، كلمة يعطي خلالها الإذن بفتح المقبرة». وأضاف: «ستنطلق أيضاً مسيرة الأدعية والبخور لرجال الدين الإيزيديين (القوالون) إلى موقع المقبرة».
وعن أعداد ضحايا المقابر الجماعية لـ«داعش» التي يحتمل وجودها في كوجو، يؤكد نيساني أن «التنظيم الإرهابي قتل في يوم واحد في 15 أغسطس (آب) 2014 نحو 400 رجل إيزيدي».
من جهته، أعلن فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من قبل «داعش» (يونيتاد)، أنه سيقوم (اليوم الجمعة) بدعم عمل الحكومة العراقية في إجراء عمليات استخراج الرفات المتعلقة بضحايا جرائم «داعش» في سنجار.
وذكر الفريق الأممي في بيان، أمس، أن عملية اليوم (الجمعة): «ستكون أول عملية لاستخراج الرفات في منطقة سنجار، وسيتم إجراؤها في قرية كوجو». وذكر أن «الدلائل تشير إلى أن المئات من سكان كوجو، من رجال وفتيان في سن المراهقة ونساء (ينظر إليهن) ممن فاتهن سن الإنجاب، قد قُتلوا على يد مقاتلي (داعش) في أغسطس عام 2014، وتم اختطاف أكثر من 700 امرأة وطفل».
ونقل البيان عن المستشار الخاص رئيس فريق التحقيق كريم أسعد أحمد خان، قوله إن «يوم الجمعة المصادف 15 مارس (آذار) 2019 سيشكل لحظة مهمة ومنعطفاً حاسماً؛ حيث سيتم استخراج رفات الضحايا الأوائل في المقبرة من بين كثير من المقابر في سنجار التي تحتوي على رفات ضحايا (داعش)».
وأشار إلى أن «أولوية فريق (يونيتاد) خلال هذه العملية ستكون الأدلة بطريقة تفي بالمعايير الدولية مع المراعاة الكاملة لحقوق ومصالح الناجين وأسر الضحايا». وكشف بيان الفريق عن أن «(دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية) المنطوية تحت (مؤسسة الشهداء) وكذلك (دائرة الطب العدلي) التابعة لوزارة الصحة العراقية، ستتوليان عملية استخراج واسترجاع الأدلة الجنائية، وسيتم إجراء العملية بتوجيه ودعم من فريق (يونيتاد)». كذلك سيتم رفع الرفات المستخرجة وأي أدلة أخرى يتم استردادها من الموقع من أجل إجراء تحليل الطب الشرعي، بحسب البيان. وكان فريق «يونيتاد» أنشئ وفقاً للقرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي بالرقم «2379» عام 2017، ومهمته دعم الجهود المحلية الرامية إلى مساءلة عناصر «داعش» عن الجرائم التي ارتكبوها ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية، من خلال عملية جمع الأدلة في العراق وحفظها وتخزينها بما يتماشى مع المعايير الدولية.
ورأت الناشطة الإيزيدية نازك شمدين، التي ستحضر مراسم فتح المقابر، أن «العملية خطوة إلى الأمام باتجاه توثيق جرائم (داعش) ضد الإيزيديين ومعرفة وتوثيق الأعداد الحقيقية للضحايا والمفقودين نتيجة الأعمال الإجرامية التي ارتكبها التنظيم الإرهابي».
وعن الخطوة التالية التي ستعقب عملية فتح المقابر، تقول شمدين لـ«الشرق الأوسط»: «أولويتنا معرفة وتثبيت هوية وأسماء المفقودين والتأكد من أعدادهم، ثم بعد ذلك، سنسعى إلى المطالبة بحقوق (ذوي) الضحايا، وسنطالب الحكومة الاتحادية بعمل نصب يخلد ذكرى الضحايا».
أما عضو «منظمة حقوق الإنسان» في محافظة واسط الجنوبية هادي نايف الزبيدي، فرأى أن «الخطوة مهمة جداً لجهة إنصاف الضحايا وعوائلهم، وإن جاءت متأخرة بعض الشيء».
وقال هادي، الذي سيشارك هو الآخر في عملية فتح المقابر الجماعية، لـ«الشرق الأوسط»: «جئت من محافظة واسط لمساندة ودعم إخوتي وأصدقائي الإيزيديين، وقد نشطت منذ سنوات للمطالبة بحقوقهم وإنصافهم وتعويضهم عن المآسي التي ألحقها بهم (داعش)».
ورأى الزبيدي أن «عملية فتح المقابر الجماعية ستتيح لعوائل الضحايا معرفة مصير أبنائهم بدلاً من انتظارهم للمجهول».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.