حكومة كردستان العراق توقف استقطاع جزء من مرتبات عاملي القطاع العام

بعدما أنهكت الخطوة الموظفين وتسببت بكساد

TT

حكومة كردستان العراق توقف استقطاع جزء من مرتبات عاملي القطاع العام

أخيراً، وبعد طول انتظار، قررت حكومة إقليم كردستان العراق، مطلع الأسبوع الحالي، إلغاء قرارها الصادر قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، القاضي بفرض خصومات على رواتب موظفي القطاع العام، المسماة بعملية الادخار الإجباري، التي بموجبها كانت الحومة تستقطع ما نسبته 40 إلى 70 في المائة من رواتب الموظفين، وفقاً لسقف دخلهم الشهري.
وكان سلطات الإقليم قد اتخذت قرار الادخار الإجباري، في محاولة منها لمواجهة تبعات الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي عصفة بكردستان، على أثر اندلاع حرب البيشمركة الكردية ضد تنظيم «داعش»، وما ترتب على ذلك من نفقات وتكاليف باهظة أثقلت كاهل الاقتصاد في الإقليم، إلى جانب قطع السلطات الاتحادية لحصته السنوية من الموازنة العامة للبلاد، البالغة، حسب الدستور العراقي، 17 في المائة، رغم أن الإقليم، وبحسب الجهات المعنية، لم يتسلّم قطّ تلك النسبة من الأموال.
وأنهك قرار الادخار الإجباري شريحة الموظفين، كما فرض حالة من الكساد العام على أسواق الإقليم في جميع القطاعات، في حين تسببت الأزمة الاقتصادية الشاملة، في إفلاس العشرات من الشركات المحلية، وانسحاب المئات من الشركات المحلية والعربية والأجنبية من السوق، في حين خسرت العقارات والوحدات السنية أكثر من 50 في المائة من أسعارها ما قبل الأزمة.
ويأتي قرار الحكومة إلغاء الادخار الإجباري، بعد تحسن العلاقات السياسية بين بغداد وأربيل، التي كانت قد توترت إثر عملية الاستفتاء على مصير الإقليم في 25 سبتمبر (أيلول) 2016، إذ بدأت بغداد أخيراً بإطلاق حصة الإقليم المالية بموجب موازنة العام الحالي رغم تقليصها إلى 14 في المائة فقط، وقد تسلم قسم كبير من الموظفين رواتبهم كاملة، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة، ما أحدث نشاطاً ملحوظاً في الأسواق المحلية، فيما قفزت أسعار العقارات بنسبة بلغت 10 في المائة لا سيما في العاصمة أربيل، بحسب كثير من كبريات شركات العقارات.
ويقول حاجي سلام، صاحب أكبر شركات العقارات، إن الأسعار تواصل الارتفاع تدريجياً منذ نحو شهرين، على أثر زوال التوترات السياسية بين الأحزاب الرئيسية في الإقليم، وتحسن العلاقات الثنائية بين بغداد وأربيل، وأضاف حاجي لـ«الشرق الأوسط» أن الارتفاع الذي طرأ على أسعار العقارات اختلف من منطقة إلى أخرى، داخل أربيل حيث هناك أحياء تُصنف في المرتبة الأولى من حيث الأهمية والخدمات، بلغ فيها سعر قطعة الأرض السكنية بمساحة 250 متراً مربعاً، نحو 340 ألف دولار.
وأكد آراس قادر خوشناو أستاذ الاقتصاد ورئيس مركز العلوم الاستراتيجية، أن أسعار السلع، خصوصاً الاستهلاكية، ربما شهد بعض الارتفاع بسبب زيادة الإقبال، إثر زيادة دخل موظفي القطاع العام، لكن هذه الزيادة ستكون مؤقتة وسرعان ما تزول، لأن أسواق الإقليم مفتوحة على بضائع دول الجوار والعالم، وبالتالي لن تحدث مشكلة في هذا المجال، لا سيما بعد اتخاذ السلطات المحلية إجراءات وتدابير صارمة، من شأنها فرض غرامات مالية تتراوح بين 50 و800 دولار أميركي، على أصحاب المحال التجارية المتلاعبين بالأسعار المحددة رسمياً من قبل الحكومة.
وأضاف خوشناو لـ«الشرق الأوسط» أن أسعار العقارات ستعاود الارتفاع، وبنسبة قد تصل إلى 30 في المائة في أحسن الأحوال، لكنها لن تعود إلى أسعارها ما قبل الأزمة، معرباً عن توقعاته بأن تواجه هذا العام اقتصادات بعض من كبريات الدول، مشكلات اقتصادية عويصة كالتي حدثت عام 2008، ما قد يشكل فرصة مواتية للإقليم لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وإنعاش اقتصاده من جديد.
وبموجب الاتفاق بين بغداد وأربيل، فإن الإقليم سيتلقى شهرياً ما قيمته 881 مليار دينار عراقي، أي ما يعادل نحو 800 مليون دولار، تذهب أكثر من 600 مليون دولار منها إلى رواتب الموظفين، وقوات البيشمركة.
لذا يتوقع خبراء الاقتصاد أن يسهم ذلك مجدداً، في زيادة حجم التبادل التجاري بين الإقليم، ودول الجوار، الذي كان قد بلغ 20 مليار دولار قبل الأزمة لكنه تدنى إلى ما دون 15 ملياراً خلال السنوات الأربع الماضية.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.