واشنطن وبروكسل تحذران من «دبلوماسية فخ القروض» لبكين

الصين تفتح ثغرة أوروبية... وإيطاليا تصادق على مبادرة «الحزام والطريق»

السفير الأميركي آرثر كالفاهاوس في كانبيرا قال إن الدعم الإقليمي لبكين  يرقى إلى ما يعرف بـ«دبلوماسية قروض يوم صرف الراتب» (إ.ب.أ)
السفير الأميركي آرثر كالفاهاوس في كانبيرا قال إن الدعم الإقليمي لبكين يرقى إلى ما يعرف بـ«دبلوماسية قروض يوم صرف الراتب» (إ.ب.أ)
TT

واشنطن وبروكسل تحذران من «دبلوماسية فخ القروض» لبكين

السفير الأميركي آرثر كالفاهاوس في كانبيرا قال إن الدعم الإقليمي لبكين  يرقى إلى ما يعرف بـ«دبلوماسية قروض يوم صرف الراتب» (إ.ب.أ)
السفير الأميركي آرثر كالفاهاوس في كانبيرا قال إن الدعم الإقليمي لبكين يرقى إلى ما يعرف بـ«دبلوماسية قروض يوم صرف الراتب» (إ.ب.أ)

لطالما اتهمت واشنطن بكين باستخدام «دبلوماسية القروض» لممارسة النفوذ في منطقة المحيط الهادي. إذ تحارب الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون الصين على بسط مزيد من النفوذ في المحيط الهادي، وهي منطقة لها أصوات في المنتديات الدولية مثل الأمم المتحدة وتتحكم في مساحات شاسعة من المحيط الغني بالموارد. وناقش مسؤولون في بروكسل الاثنين الحاجة إلى اتخاذ توجه «أكثر واقعية وحزما تجاه الصين، بالنظر إلى وضعها كقوة عالمية جديدة». وكتبت المفوضية الأوروبية في توصيتها للدول الأعضاء أن أوروبا قلقة من تحول «ميزان التحديات والفرص المطروحة من جانب الصين». وتعرضت مبادرة «الحزام والطريق»، التي أعلنت إيطاليا نيتها للانضمام لها أمس، لانتقادات بوصفها هي الأخرى «فخ ديون» للدول التي توقع على مشروعات للبنية التحتية وغير قادرة بعد ذلك على تسديد تكلفتها للصين.
وفي أول مؤتمر صحافي له انتقد السفير الأميركي الجديد لدى أستراليا النفوذ الاقتصادي الصيني على الدول الأصغر في المحيط الهادي.
وقال السفير الأميركي آرثر كالفاهاوس في كانبيرا، أمس الأربعاء، إن الدعم الإقليمي لبكين، الذي غالبا ما يضم قروضا للبنية التحتية، يرقى إلى ما يعرف بـ«دبلوماسية قروض يوم صرف الراتب» وهي عبارة عن قروض بمبالغ صغيرة وقصيرة الأجل وغير مؤمّنة.
ورد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لو كانغ، أمس الأربعاء، قائلا إن تعاون الصين مع دول جزر المحيط الهادي مفيد لكلا الطرفين وموضع ترحيب على نطاق واسع. وأضاف أن بعض المسؤولين الأميركيين يكرهون رؤية مثل هذا التعاون، وأن الصين تأمل في أن تتمكن الولايات المتحدة من بذل المزيد من الجهد لتنمية هذه الدول وألا تستمر في إثارة المتاعب من لا شيء.
وكان وضع بكين كواحدة من أكبر الجهات المانحة للمساعدات في المنطقة قد تعرض لانتقادات بسبب إلزام الدول الصغيرة بسداد «الديون الصعبة».
ويعد المحيط الهادي أيضا ساحة تنافس دبلوماسي بين الصين وتايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي والتي تطالب بكين بالسيادة عليها باعتبارها أرضا صينية. وستزور رئيسة تايوان ثلاثا من دول جنوب المحيط الهادي الأسبوع المقبل.
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس الأسترالية» (إيه. إيه. بي) عن السفير قوله: «أعتقد أنه علينا - نحن جميع الحلفاء والديمقراطيات الليبرالية الغربية - توعية الناس بشأن مخاطر هذه القروض. المال يبدو جذابا ويتم دفعه مقدما بسهولة لكن من الأفضل أن تقرأوا بنود الاتفاق الدقيقة التي ربما تتغاضون عنها».
وكانت العلاقات بين أوروبا والصين قد تأثرت في الأشهر الأخيرة بسبب الحرب التجارية المستمرة منذ فترة طويلة بين الصين والولايات المتحدة. وطلبت الولايات المتحدة من شركائها الأوروبيين عدم السماح لشركة «هواوي» عملاق التكنولوجيا الصينية بأن تنشئ بنية تحتية للجيل الخامس في أوروبا بسبب مخاوف أمنية.
وكانت الصين قد تعهدت في عام 2017 بأن تدفع أربعة أضعاف المبلغ الذي تدفعه أستراليا لدول المحيط الهادي، التي تعد تقليديا أكبر داعم إقليمي، طبقا لدراسة أجراها مركز أبحاث «لوي»، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية. وقال كالفاهاوس إن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى سيتوجهون قريبا إلى كانبيرا، مضيفا أن ذلك مؤشر على أن واشنطن تضع أولوية أكبر على المحيط الهادي. وأضاف كالفاهاوس: «الآن لدينا حرية العمل، بصراحة، لإعادة التقييم، المزيد من الناس يدركون أننا نحتاج لأن ننفق المزيد من الوقت والاهتمام بتلك المنطقة». وتابع: «إننا دولة باسيفيكية أيضا وربما نحتاج لمزيد من الوقت للتركيز على مصلحتنا الذاتية».
كما حث لو كانغ الاتحاد الأوروبي على النظر إلى «الفرص النابعة من التنمية والانفتاح في البلاد، بعد أن ناقش الاتحاد الأوروبي استراتيجية جديدة للتعامل مع النفوذ المتزايد لبكين». وناقشت المفوضية خطة عمل مكونة من عشر نقاط من شأنها أن تتعامل مع مخاوف مثل الدعم للشركات الحكومية في الصين، والنقل القسري للتكنولوجيا وإنشاء بنية تحتية لشبكة الجيل الخامس. وقال لو كانغ «يمكنني أن أقول لكم إن الصين والاتحاد الأوروبي يحافظان على حوار بناء في جميع تلك المجالات» في إشارة إلى الخطة الأوروبية المكونة من عشر نقاط. وأضاف أن الصين تنظر إلى شراكتها مع أوروبا من منظور استراتيجي طويل المدى وتأمل في علاقة تعود بالنفع على الجانبين. وتابع أن «الجانب الصيني يأمل في أن ينظر الاتحاد الأوروبي بشكل موضوعي ومنصف ومنطقي للتنمية الصينية والجولة الجديدة من الإصلاح والانفتاح ويكون قادرا على رؤية المزيد من فرص التنمية الصينية».
وفي هذا السياق ذكر رئيس وزراء إيطاليا، جوزيبي كونتي، أن بلاده لن تختلف مع حلفائها بالاتحاد الأوروبي ولا حلف شمال الأطلسي (ناتو) من خلال خططها للتوقيع على اتفاق مع الصين بشأن مبادرتها «الحزام والطريق». ومبادرة «الحزام والطريق» هي مشروع ضخم للبنية التحتية يربط بين الصين وأوراسيا وأفريقيا. ومن المتوقع أن توقع إيطاليا على مذكرة تفاهم بشأنها الأسبوع المقبل، خلال زيارة يقوم بها الرئيس الصيني، شي جينبينغ إلى روما.
وقال كونتي لصحيفة «كوريري ديلا سيرا» أمس الأربعاء: «الاتفاق المقترح اقتصادي وتجاري بحت، وهو متوافق تماما مع وضعنا في الناتو وفي النظام الأوروبي المتكامل».
وستكون إيطاليا أولى الدول الصناعية السبع التي تصادق على المشروع، الذي تنظر إليه الولايات المتحدة واليابان ودول أخرى بالاتحاد الأوروبي ببعض القلق بوصفه أداة للصين لتمديد مجال نفوذها في جميع أنحاء العالم. وأضاف كونتي أن إيطاليا، لكونها من الدول الاقتصادية المتقدمة «كانت أقل تعرضا بشكل لا يقارن للاستعمار الصيني عن دول أخرى مشاركة في المبادرة». وتابع أن حكومته سيكون لديها «أقصى عناية» في الدفاع عن مصلحتها الوطنية «في حماية البنية التحتية الاستراتيجية، بما في ذلك الاتصالات، وفي تفادي الاستثمارات الضارة ونقل المعرفة الفنية والتقنيات الرائدة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».