نمو قياسي غير متوقع للطلب على سندات الدين العام الروسي

خبراء: مستثمرو فنزويلا وجدوا فيها ملاذاً آمناً

نمو قياسي غير متوقع للطلب على سندات الدين العام الروسي
TT

نمو قياسي غير متوقع للطلب على سندات الدين العام الروسي

نمو قياسي غير متوقع للطلب على سندات الدين العام الروسي

أثار إعلان البنك المركزي الروسي عن إقبال غير مسبوق خلال الشهر الماضي على سندات الدين العام من جانب المستثمرين الأجانب، تساؤلات عدة في أوساط المحللين الاقتصاديين، ولا سيما أن هذا التطور جاء في وقت يفترض فيه أن يكون الإقبال الخارجي على السندات الروسية محدوداً بسبب المخاوف من العقوبات الأميركية.
ورجح مصرفيون روس، فضلوا عدم الكشف عن أنفسهم، أن الأمر مرتبط بالأزمة التي يواجهها نظام حكم الرئيس مادورو في فنزويلا، وأن مستثمرين فنزويليين كانوا خلف نمو الطلب الخارجي على السندات الروسية، التي وجدوا فيها «ملاذاً» آمناً لتهريب المبالغ التي حصلوا عليها جراء عمليات بيع جزء من الذهب من العقوبات الأميركية.
وفي تقريره الشهري حول «سيولة القطاع المصرفي الروسي»، قال البنك المركزي الروسي في 12 مارس (آذار) الحالي، إن المستثمرين الأجانب اشتروا خلال يوم واحد في نهاية فبراير (شباط) الماضي سندات دين عام روسي بقيمة 28.5 مليار روبل (450 مليون دولار)، ولفت التقرير إلى أن هذا مؤشر قياسي خلال عام ونصف عام. ولأول مرة منذ أبريل (نيسان) العام الماضي، ارتفعت حصة المستثمرين الأجانب في السندات الروسية من 24.4 حتى 25 في المائة في شهر يناير (كانون الثاني) مطلع العام الحالي، ومن ثم حتى 25.5 في المائة في فبراير.
وحسب تصنيف وكالة «بلومبيرغ» احتلت السندات الحكومية الروسية المرتبة الأولى بين الدول النامية من حيث الربحية للمستثمرين، ويمكن الحصول منها على أرباح بنسبة 8.5 في المائة سنوياً، بينما لم تزد أرباح سندات الدين العام المكسيكية على سبيل المثال عن 6.3 في المائة، والتركية بنسبة 5.2 في المائة، بينما كانت أرباح السندات في الدول النامية الأخرى أقل من ذلك.
وفي تقرير، تناولت فيه هذا الإقبال القياسي من جانب المستثمرين الخارجيين على السندات الروسية، رغم المخاوف من عقوبات أميركية متشددة تشمل بما في ذلك قيوداً على السندات الروسية، قالت صحيفة «آر بي كا» الروسية إن المحللين لاحظوا «أثراً فنزويلياً» في هذا الوضع، ونقلت عن 3 محللين ماليين من مصارف روسية، يتعقبون تداولات سندات الدين العام، قولهم إن «شراء مستثمرين من فنزويلا سندات الدين العام، قد يكون سبب النمو الملموس للطلب عليها في نهاية فبراير». وقال أحد المحللين الثلاثة، الذين فضلوا عدم الكشف عن هويتهم، إن «المستثمرين غير المقيمين، الذي اشتروا حصة كبيرة من السندات الروسية، على الرغم من تهديدات العقوبات الجديدة، ربما يكونون من فنزويلا، ويحاولون تشكيل محفظة استثمارية للحفاظ على مدخراتهم» خشية من العقوبات الأميركية. وأكد محلل آخر أن «الاهتمام بسندات الدين العام الروسية كان بالدرجة الأولى من جانب المستثمرين الفنزويليين، نظراً لأن عدم استقرار الوضع سياسياً واقتصادياً في فنزويلا بات مسألة واضحة في فبراير».
دور الاستثمارات الفنزويلية في نمو الطلب على السندات الروسية أمر لم يستبعده كذلك ريتشارد سيغال، كبير المحللين، المتخصص بأسواق الدول النامية في مؤسسة «مانيولايف أسيت مانجمنت» العالمية للاستثمارات، وقال إن عمليات شراء فنزويلا للسندات الروسية أمر محتمل جداً أنه جرى، بما في ذلك على حساب الأموال التي تم تحصيلها بعد بيع جزء من الذهب الفنزويلي.
وتتهم المعارضة نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ببيع 73 طناً من الذهب عام 2018 لعدد من الدول. وفي نهاية فبراير الماضي، كشفت «رويترز» عن سحب 8 أطنان إضافية من الذهب من خزينة البنك المركزي في كاراكاس لبيعها خارج البلاد.
وكانت صحيفة «نوفايا غازيتا» الروسية، قالت في وقت سابق، إن طائرة شحن روسية من طراز «بوينغ 757» قامت بنقل جزء من الذهب الفنزويلي من روسيا وباعته لواحدة من الدول، ونقلت قيمته بالدولار الأميركي إلى كاراكاس. وأشارت إلى أن طائرة الشحن قامت بأول رحلة كهذه في 18 أو 19 يناير الماضي، وبعد 10 أيام قامت بالرحلة الثانية، وحطت يوم 30 يناير في كاراكاس، في إشارة إلى أنها قامت بتسليم ثمن الذهب إلى حكومة مادورو، الذي أعلن بعد تلك الرحلات عن تخصيص مليار دولار لتحسين المدن في البلاد.
ويقدر المجلس العالمي للذهب امتلاك فنزويلا 161.2 طناً من الذهب، الذي يشكل 76.6 في المائة من إجمالي احتياطياتها الدولية. وتحتفظ كاراكاس بنحو 30 طناً من الذهب في البنك المركزي الروسي، وفق ما ذكرت وسائل إعلام روسية.



«ستاندرد آند بورز»: نمو قوي للإقراض في الإمارات بدعم من السياسة النقدية

منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)
منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)
TT

«ستاندرد آند بورز»: نمو قوي للإقراض في الإمارات بدعم من السياسة النقدية

منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)
منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)

توقعت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال رايتنغز» في تقريرها عن توقعات القطاع المصرفي لدولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2025 تحت عنوان «توازن النمو والمخاطر في ظل التوسع الاقتصادي»، أن يستمر النمو القوي للإقراض في عام 2025، بدعم من استمرار تيسير السياسة النقدية والبيئة الاقتصادية الداعمة، مشيرة إلى أن البنوك شهدت زيادة ملحوظة في الودائع خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مما سيدعم زخم نموها القوي. ومع ذلك، فإن بعض الودائع خارجية وقد تكون عرضة للتقلبات بسبب جوانب الضعف الاقتصادية.

كما توقعت أن يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإمارات قوياً في الفترة من 2025 إلى 2027 مع زيادة إنتاج النفط والغاز، بدعم من النشاط القوي في القطاع غير النفطي. وتعتقد أنه على الرغم من احتمال التعرض لتصعيد مفاجئ في التوترات الجيوسياسية الإقليمية ولانخفاضات كبيرة في أسعار النفط، فإن المخاطر الاقتصادية ستظل قابلة للإدارة بدعم من المرونة التي أظهرتها المنطقة خلال فترات انخفاض أسعار النفط وتفاقم عدم الاستقرار الجيوسياسي في الماضي.

استمرار تحسن جودة الأصول

بحسب الوكالة، من المتوقع أن تظل القروض المتعثرة وخسائر الائتمان في البنوك الإماراتية منخفضة، وذلك لأن الأداء القوي للقطاعات غير النفطية والخفض المتوقع الأسعار الفائدة سيساعدان في تحسين جودة الأصول الأساسية.

وعلى مدى العامين الماضيين، استخدمت البنوك ربحيتها العالية للاحتفاظ بمخصصات للقروض القديمة وقامت بشطبها، مما أدى إلى انخفاض قروض المرحلة الثالثة لأكبر 10 بنوك إلى 4 في المائة من إجمالي القروض كما في 30 سبتمبر (أيلول) منخفضة من أعلى مستوى لها في عام 2021 حين بلغ 6.1 في المائة.

بالإضافة إلى ذلك، أدى تحسن البيئة الاقتصادية إلى ارتفاع معدلات التحصيل من القروض المشطوبة، مما أسهم في خفض الخسائر الائتمانية الصافية.

كما تحسنت ربحية البنوك مع تشديد السياسة النقدية، حيث ساعد ارتفاع أسعار الفائدة في زيادة هوامش الأرباح. وتوقعت الوكالة أن تظل تكلفة المخاطر منخفضة، وبالتالي من المتوقع أن تظل ربحية البنوك مرتفعة، وإن بمستويات أقل من الذروة التي وصلت إليها في عام 2023.

الرسملة تظل عامل دعم

دَعَّمَ رأس المال القوي البنوك الإماراتية في السنوات الماضية، مع تعزيز هوامش رأس المال من خلال توليد رأس مال داخلي مدفوع بالربحية العالية ودعم المساهمين. كما تمتلك البنوك الإماراتية مركز أصول خارجية قوي، مما يخفف تأثير تقلبات أسواق رأس المال. وتمثل الودائع الأجنبية 29 في المائة من المطلوبات، فيما يشكل الاقتراض بين البنوك وتمويل السوق 20 في المائة. وعلى الرغم من المخاطر الجيوسياسية، تقدر الوكالة قدرة البنوك على تحمل الضغوط.

كما شهدت الإمارات ظهور البنوك الرقمية والتكنولوجيا المالية، مع زيادة في المنتجات الرقمية من البنوك التقليدية. وتمهد الموافقة على خطة تسجيل العملات المستقرة لإصدار العملات المدعومة بالدرهم الإماراتي. ومن المتوقع أن تكمل البنوك الجديدة وشركات التكنولوجيا المالية البنوك التقليدية، بينما يواصل مصرف الإمارات المركزي الحفاظ على استقرار النظام المصرفي وتشجيع التحول الرقمي.

ويمكن إدارة الإقراض المباشر من البنوك المحلية للقطاعات المعرضة لتحول الطاقة، حيث يمثل نحو 11 في المائة من إجمالي الإقراض في 2023، رغم التركيز العالي على النفط والغاز. كما أن التنويع الاقتصادي، والثروة العالية، والأصول السائلة الضخمة، وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة، ستسهم في تقليل مخاطر الانتقال من المصادر الملوثة للكربون.

كما ارتفعت أسعار العقارات في الإمارات خلال الأربع سنوات الماضية، مع تسليم عدد كبير من الوحدات في الأشهر الـ12-24 المقبلة، مما قد يزيد من مخاطر فائض العرض. ومع ذلك، تظل المخاطر للبنوك محدودة لأن معظم المعاملات تتم نقداً، ويتم تمويل 30-40 في المائة من المبيعات الجاهزة عبر الرهن العقاري. كما انخفض انكشاف القطاع المصرفي على العقارات والبناء إلى 15 في المائة من إجمالي الإقراض في يونيو (حزيران) 2024، مقارنة بـ20 في المائة عام 2021.

التقييم لمخاطر القطاع المصرفي

ترى الوكالة اتجاهاً إيجابياً للمخاطر الاقتصادية في الإمارات بفضل الأداء القوي للاقتصاد غير النفطي، مما حسّن جودة الأصول المصرفية وقلل الخسائر الائتمانية. ويشير تصنيف الوكالة الائتماني للبنوك إلى استقرارها حتى عام 2025، مدعومة بنمو الإقراض والربحية المرتفعة، لكن هناك مخاطر من التوترات الجيوسياسية وتقلبات أسعار النفط.