باتت الصورة الاقتصادية للمملكة المتحدة لعام 2019 أكثر قلقاً، بعدما أعلنت بريطانيا أمس (الأربعاء)، أنها ستلغي رسوم الاستيراد المفروضة على مجموعة واسعة من السلع، وستتحاشى فرض قيود صارمة على الحدود بين جمهورية آيرلندا وآيرلندا الشمالية في حالة الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
وبالتزامن مع الإعلان عن خطط الطوارئ، قال وزير الخزانة البريطاني فيليب هاموند، أمس: إن «خطورة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق تكمن في أن ذلك سوف يؤدي لهيمنة سحابة من الغموض على الاقتصاد»، موضحاً في بيان حول الموازنة، أن «الخروج من دون اتفاق سوف يعني حدوث ارتباك كبير للاقتصاد على المدى القصير والمتوسط، يشمل ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع الأسعار».
وطالب هاموند النواب باستبعاد الخروج من دون اتفاق خلال تصويت أمس، مضيفاً أنه من المتوقع تراجع إجمالي الناتج المحلي إلى 1.2 في المائة هذا العام، مقارنة بالتوقعات السابقة بتراجعه بنسبة 1.4 في المائة، موضحاً أن «اقتصادنا في الواقع ينتعش»... وأشار هاموند إلى أن معدلات النمو المتوقعة ستتسارع في عامي 2021 و2022، لكنه لا يمكن الاعتماد على هذه التوقعات في ظل ضبابية صفقة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت الحكومة عن الإجراءات الاحترازية، التي قالت: إنها مؤقتة، قبل تصويت في البرلمان بخصوص ما إذا كانت بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق في 29 مارس (آذار) الحالي... وذلك بعد أن مُنيت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بهزيمة ثانية ثقيلة في البرلمان يوم الثلاثاء بشأن اتفاق الانسحاب الذي توصلت إليه مع الاتحاد.
وفي إطار خطة الرسوم التي أُعدت تحسباً للانفصال من دون اتفاق، سيتم إعفاء 87 في المائة من إجمالي الواردات إلى المملكة المتحدة من حيث القيمة من الرسوم. وعن الحدود الآيرلندية، قالت الحكومة إنها لن تفرض أي ضوابط أو قيود جديدة على السلع القادمة من جمهورية آيرلندا إلى إقليم آيرلندا الشمالية البريطاني في حالة الخروج من دون اتفاق، مشددة على أن الخطة مؤقتة وأحادية الجانب. ولن يغطي نظام رسوم الاستيراد الجديد السلع العابرة للحدود من آيرلندا إلى آيرلندا الشمالية.
وقال وزير السياسة التجارية البريطاني، جورج هولينبري: إن الخطة تمثل «نهجاً متوازناً» مع «تحرير معتدل للجمارك». لكن الخطة البريطانية المعلنة أمس تعرضت لانتقادات، وحذر اتحاد الصناعات، أمس، من أنها «سوف تكون مطرقة اقتصادية».
وقالت كارولين فيربيرن، رئيسة اتحاد الصناعات البريطاني، لبرنامج «توداي» في محطة «راديو فور» التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): إن الخطة سوف تضم «التغيير الأكبر في التجارة الذي تواجهه الدولة منذ منتصف القرن التاسع عشر». وأضافت، أن الخطة يمكن أن تجعل الاقتصاد البريطاني «محروماً من أقرب شركائه التجاريين».
كما قالت نقابة «يونايت»، وهي واحدة من أكبر النقابات العمالية في بريطانيا: إن السماح بدخول الكثير من السلع من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي من دون جمارك سوف يكون «تخريباً اقتصادياً».
وكان مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني)، أكد في تصريحات الأسبوع الماضي، أن المملكة المتحدة استعدت بشكل جيد للخروج من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة، على الرغم من أن التأثير السلبي لـ«بريكست» على الاقتصاد سيظل أساسياً. مؤكداً أن حكومة بلاده «اتخذت خطوات لحماية الأسواق، والحد من المخاطر المالية، والتقليل من الاحتكاكات التجارية».
وتابع كارني: «إذا غادرت المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي في نهاية الشهر الحالي من دون صفقة، فمن الأرجح أن يكون الأمر غير منظم أكثر من كونه حدثاً مزعجاً»، مشيراً إلى أن جهود الحكومة للحد من الأضرار تعني أن التأثير سيكون أقل حدة من الذي توقعه بنك إنجلترا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وكان بنك إنجلترا قد ذكر، أن «بريكست» من دون صفقة قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8 في المائة، وتراجع أسعار المنازل بنسبة 30 في المائة، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة إلى 7.5 في المائة.
وأوضح كارني، أن الاستعداد الجيد لـ«بريكست» من دون صفقة يقلل من مستوى التأثير السلبي على الاقتصاد البريطاني، لكنه ذكر: «لكي نكون واضحين تماماً، ما زلنا نتوقع أن تكون هناك صدمة اقتصادية كبيرة». وفيما يتعلق بالسياسة النقدية، فإن معدلات الفائدة ليست عالية بما فيه الكفاية، في حين أنه على المدى القصير سيكون هناك ضغط أقل على الأسعار المحلية مع تباطؤ الاقتصاد، والتضخم سيكون أعلى من هدف البنك المركزي البريطاني، وذلك في حالة «بريكست» المنظم، كما ذكر كارني. لكن المخاوف العالمية لا تزال مستمرة، وفي مطلع الشهر الحالي، قالت كريستين لاغارد، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي: إن الخروج غير المنظم لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد تكون له «تداعيات كبيرة»، ويمثل أكبر خطر في الأجل القصير على الاقتصاد البريطاني.
وقالت لاغارد: إن «كل النتائج المرجحة لخروج غير منظم ستتضمن تكاليف صافية لاقتصاد المملكة المتحدة، لكن كلما كانت المعوقات التي تظهر في العلاقة الجديدة مع أوروبا أعلى، ارتفعت التكلفة». وأضافت أن «الخطر الأكثر أهمية في الأجل القصير على اقتصاد المملكة المتحدة» هو مغادرة الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق ودون إطار عمل للعلاقة المستقبلية مع أوروبا. كما أوضحت، أن الآخرين في أوروبا سيتأثرون «بدرجات متفاوتة» بانفصال بريطانيا، وأن «آيرلندا بالطبع، ودولاً أخرى مثل هولندا، لها علاقة وثيقة بالمملكة المتحدة».
«خطط طوارئ» بريطانية لـ«بريكست دون اتفاق»
اتحادات عمالية تقول إنها ستخرب الاقتصاد
«خطط طوارئ» بريطانية لـ«بريكست دون اتفاق»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة