القصف على إدلب دفع 40 ألفاً للنزوح الشهر الماضي

TT

القصف على إدلب دفع 40 ألفاً للنزوح الشهر الماضي

أفادت جمعية إغاثية بتعرض مناطق في إدلب لقصف جديد استهدف مراكز حيوية، مشيرة إلى نزوح 40 ألفاً خلال الشهر الماضي، من أصل 200 ألف تشردوا منذ توقيع اتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا حول إدلب.
ويعيش 6.2 مليون سوري في نزوح مطول في البلاد و5.7 مليون فروا لاجئين. وتضم إدلب 1.5 مليون نازح.
وشهدت إدلب في اليومين الماضيين تصعيداً جديداً مع سلسلة من الهجمات شملت المرافق الصحية مثل المستشفيات ومركزاً لطب الأطفال، وبنك دم ومركزاً لسيارات الإسعاف، بحسب منظمة «الإغاثة الإسلامية». وأضافت في تقرير في لندن أن «أحد المراكز الطبية المدعومة من الإغاثة الإسلامية كان بين المرافق الصحية المتضررة، حيث دمرت نوافذ المركز ووصلت الشظايا إلى أسرة المرضى. إذ استخدم في بعض الهجمات تقنية تعرف باسم (الاستهداف المزدوج)، وهو ما يعني أنه بعد الهجوم الأول عندما يتجمع الأهالي لإنقاذ الجرحى والمصابين من تحت الأنقاض، فإن غارة جوية ثانية تستهدف هؤلاء الأشخاص».
وقال ناصر حاجّ حمد، الرئيس التنفيذي لـ«الإغاثة الإسلامية» عبر العالم: «إن الهجمات التي شهدناها في نهاية هذا الأسبوع هي الأسوأ في إدلب منذ شهور، ما أدى إلى تضرر مستشفيات ومراكز صحية. بالإضافة إلى مخبز عام يوفر الغذاء للأهالي وهم في أمس الحاجة إليه ويبقي الأسر المتعثرة على قيد الحياة».
ويعتقد أن أكثر من 450 مدنياً قتلوا منذ يناير (كانون الثاني) الماضي في مختلف أنحاء سوريا، في حين شهد شهر فبراير (شباط) زيادة ملحوظة في عدد الوفيات، حيث قُتل نحو 280 شخصاً، بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال وبعض الموظفين الطبيين. وقامت فرق الطوارئ المتنقلة التابعة للإغاثة الإسلامية وحدها بمعالجة نحو 30 مدنياً تعرضوا لإصابات حربية في الأسابيع الأخيرة.
وفي فبراير وحده، أُجبر 40 ألف مدني على ترك أماكن سكناهم مرة أخرى في شمال غربي سوريا، وقد تم ذلك في أغلب الأحيان في ظروف قاسية من حيث البرودة وهطول الأمطار.
ورغم الهدنة المؤقتة التي دخلت حيز التنفيذ في إدلب في سبتمبر (أيلول) الماضي، تشرد أكثر من 200 ألف شخص في الأشهر الستة، وفقاً لبيانات مجموعة تنسيق وإدارة المخيمات التي جمعتها الأمم المتحدة وائتلاف من مجموعات العون الإنساني على الأرض.
وكثير من هؤلاء نزحوا بالفعل عدة مرات من قبل في ظل وجود 1.5 مليون نازح في إدلب من مناطق أخرى من سوريا. وبدأت المخيمات في إدلب، التي تضم حالياً أكثر من 190 ألف شخص، تمتلئ عن آخرها، في ظل تدهور الأوضاع بالنسبة للكثيرين مع نقص المعونات، وتحويل المجتمع الدولي اهتمامه إلى أماكن أخرى.
وقال حامد: «إن الأزمة في سوريا لم تنتهِ بعد، وبالنسبة لأكثر من 3 ملايين شخص في إدلب - نصفهم قد نزحوا من مناطق أخرى في سوريا - لا يوجد حتى الآن نهاية لهذا الكابوس الذي يعيشون فيه. يوجد نقص كبير في الغذاء والدواء، ولا تزال العائلات تتعرض للنزوح داخلياً بمعدل مروع. فقد نزحت بعض العائلات 10 مرات أو أكثر خلال السنوات الثماني من الأزمة، وما زال هناك ما يقرب من 40 ألف شخص اضطروا للرحيل في الشهر الماضي فقط في منطقة إدلب».
ونقل تقرير لـ«الإغاثة الإسلامية» عن أم قاسم، وهي أرملة لديها 5 أطفال، وقد نزحت بشكل متكرر مع أطفالها داخل إدلب، قولها إن استمرار النزوح وعدم توفر الرعاية الطبية هو أكبر مخاوفها وأنها لا تستطيع الوصول إلى طبيب. وقالت: «نزحنا 7 مرات بسبب الحرب. كلما انتقلنا إلى مكان ما، وصلت إلينا الحرب. لقد ظللنا نتحرك بين قرى صغيرة - كان هناك كثير منها لدرجة أنني نسيت أسماءها. في بعض الأحيان، نمكث في منطقة لمدة شهر ثم نضطر لنتحرك من جديد. لقد تعبنا جداً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».