الأخضر الإبراهيمي... مفتاح الحل للأزمة الجزائرية؟

الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي (رويترز)
الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي (رويترز)
TT

الأخضر الإبراهيمي... مفتاح الحل للأزمة الجزائرية؟

الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي (رويترز)
الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي (رويترز)

تتجه الأنظار إلى الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا سابقاً، باعتباره مفتاح الحل لما تمر به بلاده من تطورات سياسية، بعد أن أشارت تقارير إعلامية، اليوم (الثلاثاء)، إلى توليه رئاسة مؤتمر يهدف إلى التخطيط لمستقبل الجزائر، بعد إعلان بوتفليقة عدم خوض الانتخابات الرئاسية القادمة.
وظهر الإبراهيمي، أمس (الاثنين)، بين كبار المسؤولين الذين استقبلهم الرئيس، لإعلان قرار عدم الترشح لولاية خامسة، وذلك بحضور قائد الأركان قايد صالح، والوزير الأول المستقيل أحمد أويحيى، وشخصيات سياسية أخرى.
وقال الأخضر عقب الاجتماع: «كان لي الشرف أن أُستقبل من قِبل الرئيس بوتفليقة بعد عودته من العلاج من سويسرا حتى أطمئن على صحته وأوضاعه».
وأشاد الإبراهيمي بسلوك المحتجين قائلاً: «الشباب الذين خرجوا في شوارع بلدنا تصرفوا بمسؤولية أثارت إعجاب الجميع في الداخل والخارج»، داعياً إلى «الاستمرار في التعامل بعضنا مع بعض بهذه المسؤولية والاحترام المتبادل وأن نحوّل هذه الأزمة إلى مناسبة بناء وتشييد».
وتشير تقارير إعلامية إلى أن علاقة الإبراهيمي وبوتفليقة توطدت خصوصاً بعد إصابة الرئيس في 27 من أبريل (نيسان) 2013، بجلطة دماغية أقعدته على كرسيٍّ متحرك، ويظهر الإبراهيمي على الساحة، كلما تناولت الصحافة الحديث عن «تدهور صحة الرئيس» ويخرج لوسائل الإعلام بعد لقائه معه «ليُطمئن الشعب على صحة الرئيس»، حيث وصفته التقارير بأنه صديق الرئيس الذي يستأنس بآرائه الدبلوماسية، حسب ما قال المتحدث باسم «جبهة التحرير الوطني» في تعليق سابق نقلته «الشرق الأوسط» عام 2017.
ويمتلئ تاريخ الدبلوماسي المخضرم بمحطات مؤثرة في تاريخ المنطقة، وتنتظر الآونة الراهنة جولة جديدة للإبراهيمي بعد أن اعتبر البعض «الأزمة السورية» محطته الأخيرة في مسيرته الدبلوماسية والسياسية.
وخاض الإبراهيمي الذي وُلد في يناير (كانون الثاني) عام 1934، طوال تاريخه السياسي، العديد من الأحداث وتولى الكثير من المناصب، منذ أن كان شاباً في العشرينات من عمره، مثل جبهة التحرير الوطني في جاكرتا، بعد أن تلقى تعليمه في الجزائر وفرنسا، حيث درس القانون والعلوم السياسية.
وحمل حقيبة بلاده الدبلوماسية في بريطانيا في سبعينات القرن الماضي في الفترة بين عامي 1971 و1979، كما عمل مستشاراً دبلوماسياً للرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد، في الفترة بين عامي 1982 و1984.
ومع دخوله أروقة الأمم المتحدة حقق نجاحاً واسعاً خلال توليه منصب مبعوث الأمم المتحدة في لبنان عام 1989، ولُقِّب بـ«مهندس الطائف»، خلال الواسطة السعودية بين النواب اللبنانيين بمدينة الطائف للاتفاق على نهاية الحرب الأهلية اللبنانية الأولى والتي استمرت ما يقرب من 15 عاماً.
واستمر عمله الأممي في أفغانستان والعراق في الفترة من 1997 حتى عام 1999، وفي عام 2012 عُيِّن الإبراهيمي مبعوثاً مشتركاً للجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا، بهدف إيجاد حل لسفك الدماء والحرب الأهلية التي دارت لأكثر من 18 شهراً، خلفاً للأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان الذي استقال.
ورغم انشغاله بمنصبه الأممي، فإنه لم يغب عن بلاده الجزائر، وكان لها نصيب من مهامه الأممية في عام 2008، حين ترأس اللجنة الدولية للتحقيق في ملابسات الهجوم الإرهابي الذي استهدف مكاتب الأمم المتحدة في العاصمة الجزائرية يوم 11 ديسمبر (كانون الأول) 2007، وأوقع 17 قتيلاً من موظفي الأمم المتحدة. وشكل اختيار الإبراهيمي آنذاك حلاً وسطاً بعد أن رفضت الحكومة الجزائرية حينها قرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تشكيل اللجنة الدولية بحجة السيادة وعدم التشاور معها قبل اتخاذ قرار تشكيل اللجنة.
وارتبط اسم الأخضر في الفترة الأخيرة بالأزمة السورية، خصوصاً بعد أن أصبح موفد الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا عام 2012، في محاولة لإيجاد حل للأزمة السورية، وحاول الإبراهيمي عبر مفاوضات شاقة أن يجمع ممثلين عن المعارضة والحكومة السورية في مؤتمرين اثنين عُرفا باسم «جنيف1» و«جنيف2»، وفي 13 مايو (أيار) 2014 استقال الإبراهيمي بعد أكثر من عشرين شهراً من الجهود العقيمة، بعد أن حذّر من إجراء انتخابات رئاسية في سوريا، مؤكداً أن حصولها سينسف مفاوضات السلام الرامية لوضع حد لسنوات من النزاع.
وعلى الجانب الاجتماعي، كوّن الإبراهيمي عائلته، ورُزق بـ3 أبناء: صالح وسالم، وابنته ريم المذيعة السابقة في قناة «سي إن إن» التي أصبحت بعدها «الأميرة ريم» بعد زواجها بالأمير علي بن الحسين، شقيق العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
وخلال مشواره حصد الإبراهيمي عدة جوائز، منها جائزة الحكام الخاصة لتفادي النزاعات من مؤسسة «شيراك»، التي أسّسها الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك لنشر السلم العالمي.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.