واصلت مقاتلات التحالف الدولي ومدفعية «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) الاثنين، قصف أطراف بلدة الباغوز التي ما زالت تحت سيطرة «داعش» وسط تقدم القوات من خمسة محاور، في آخر جيب للتنظيم شرق الفرات.
وقال قائد ميداني في «قوات سوريا الديمقراطية» يقاتل في بلدة الباغوز: «حققت العملية العسكرية التي بدأت مساء (أول من) أمس هدفها، وسيطرنا على عدة نقاط من تنظيم (داعش)، وإن مقاتلات التحالف الدولي وسلاح المدفعية يقومان بقصف المنطقة التي ما زالت تحت سيطرة التنظيم».
وأضاف القائد الميداني: «تتقدم القوات البرية بشكل مستمر، وتسيطر على نقاط جديدة، في حين تتقلص المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم (داعش)». وأكد القائد الميداني: «ما زال تقدم قواتنا يتم بشكل حذر، بسبب العبوات والألغام التي زرعها تنظيم (داعش)، ولكن لدينا القدرة في التقدم وحسم المعركة خلال ساعات، ومع ذلك نعمل على إنهاء وجود (داعش) في بلدة الباغوز بأسرع وقت، والأمر لن يتجاوز الـ48 ساعة القادمة إن استمرت العمليات، أو يقوم عناصر (داعش) بتسليم أنفسهم».
وبدأت «قوات سوريا الديمقراطية» مساء أول من أمس عملية عسكرية للسيطرة على حي الشيخ حمد والمخيم، على أطراف بلدة الباغوز. وشنت طائرات التحالف عشرات الغارات، استهدفت المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم «داعش». وقد استهدفت تلك المقاتلات أمس مستودعاً لتنظيم «داعش»، وشوهدت ألسنة الدخان واللهب تتصاعد من المنطقة.
وتخوض «قوات سوريا الديمقراطية» المعارك ضد آخر جيب لـ«داعش» في شرق سوريا، غداة استئناف هجومها على المتطرفين المحاصرين، وإعلان انتهاء المهلة التي أعطيت لهم للاستسلام.
وفي بداية الشهر الحالي، أطلقت هذه الفصائل الكردية والعربية هجومها الأخير ضد مقاتلي التنظيم، بعد عمليات إجلاء استمرت أسبوعين. وبعد يومين أبطأت وتيرة معاركها إفساحاً في المجال مجدداً أمام الراغبين في الخروج. ومنذ ذلك الحين، تم إجلاء آلاف الرجال والنساء والأطفال من منطقة سيطرة التنظيم.
من جهته، أوضح مسؤول في «قوات سوريا الديمقراطية» أن هذه القوات تقدمت على «خمسة محاور، وتمّ الاستيلاء على مواقع عدّة، وقُتل عشرات الإرهابيين»، من دون أن يحدّد عددهم. وأضاف: «يدافع مقاتلو (داعش) عن أنفسهم بأسلحة ثقيلة، وحاولوا تنفيذ عمليات انتحارية مرات عدة» لإعاقة التقدم.
واستهدفت طائرات التحالف الدولي وعمليات قصف مدفعي ليل الأحد - الاثنين، مخازن أسلحة ومواقع للتنظيم، حسب المسؤول ومدير المركز الإعلامي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مصطفى بالي.
وأظهرت مشاهد بثّتها قناة «روناهي» الكردية ليل الأحد، انفجارات ضخمة داخل الباغوز، أضاءت سماء البلدة وتطايرت شظاياها في الظلام الحالك. وكان يمكن سماع دوي عمليات القصف وهدير الطائرات. وكان مدير المركز الإعلامي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مصطفى بالي، قد قال في وقت سابق، إن «مهلة استسلام (داعش) قد انتهت، قواتنا تلقت الأوامر بالتحرك العسكري للقضاء على ما تبقى من إرهابيين في الباغوز».
وقال قياديون في التحالف العربي الكردي المدعوم من واشنطن، إن القرار اتُّخذ بعدما لم يتم رصد أي تحرك لمدنيين في البقعة المحاصرة الأحد. وتوقع بالي «وجود ما يقارب ألف إلى 1500 إرهابي داخل الباغوز»، مشيراً إلى أن «الأرقام متضاربة والصورة غير واضحة».
ولم يسجل الجمعة خروج أي من المحاصرين، بينما تمكن نحو مائة شخص من الخروج السبت. وأكد بالي أنه في حال رصدت قواته وجود مدنيين «أثناء التقدم، ستقوم بما يجب القيام به لتجنيبهم الاشتباكات، أو حتى العمل على إجلائهم من داخل المعركة».
وتؤكد «قوات سوريا الديمقراطية» أن هجومها سيستمر «حتى تحرير الباغوز، وإنهاء الوجود العسكري المسلح للإرهابيين في تلك المنطقة»، من دون أن تجزم بالمدة التي قد يستغرقها ذلك.
وزار فريق من وكالة «الصحافة الفرنسية» نقطة متقدمة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الباغوز؛ حيث شاهد آثاراً مما تركه عناصر تنظيم «داعش» وعائلاتهم على الأرجح في خيم أخلوها على وقع تقدم خصومهم، منها: قدور ومدفئة وحقائب، ورماد من بقايا نيران استخدمت للطبخ، بالإضافة إلى حفر لا يتخطى عمقها المتر، تحيط بها أغطية من كل جانب، كان يتخذها المحاصرون ملجأ لهم.
وكان في الإمكان من تلك النقطة رؤية خيم خالية وخنادق محفورة، بعضها قرب بعض، وهياكل سيارات محترقة، في مساحة تفصل مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» عن مواقع التنظيم.
ويقتصر وجود التنظيم في الباغوز حالياً على مخيم عشوائي محاط بأراضٍ زراعية، وصولاً حتى الحدود العراقية، يقع على الضفاف الشرقية لنهر الفرات.
ومُني التنظيم الذي أعلن في عام 2014 السيطرة على مساحات واسعة في سوريا والعراق تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبيرة خلال العامين الأخيرين، بعد سنوات أثار فيها الرعب بقوانينه المتشددة واعتداءاته الوحشية.
ولا يعني حسم المعركة في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق المحررة، واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف. وبدأت «قوات سوريا الديمقراطية» منذ سبتمبر (أيلول) عملياتها العسكرية ضد منطقة سيطرة الجهاديين في شرق سوريا.
وعلى وقع تقدمها العسكري، خرج نحو 59 ألف شخص منذ ديسمبر (كانون الأول) من مناطق التنظيم، بينهم أكثر من ستة آلاف مقاتل تم توقيفهم، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وخضع الرجال والنساء والأطفال، وغالبيتهم من عائلات مقاتلي التنظيم، إلى عمليات تفتيش وتدقيق في هوياتهم بعد خروجهم. وتمّ نقل الرجال المشتبه بأنهم جهاديون إلى مراكز اعتقال، بينما أرسل الأطفال والنساء إلى مخيمات في شمال شرقي البلاد، أبرزها مخيم «الهول» الذي يشهد أوضاعاً إنسانية بائسة. وتوفي 106 أشخاص، ثلثاهم أطفال دون عمر خمس سنوات، خلال رحلتهم من جيب التنظيم إلى مخيم «الهول» أو بعد وصولهم بفترة قصيرة، وفق لجنة الإنقاذ الدولية التي أكدت أن الوضع في المخيم على حافة «الانهيار». ومن بين الخارجين من الباغوز، عدد كبير من الأجانب، تتردد الدول التي يحملون جنسياتها في إعادتهم. وأعلنت وزارة الداخلية المغربية، الأحد، إعادة ثمانية مواطنين من مناطق النزاع بسوريا إلى المغرب، على أن يخضعوا لتحقيقات قضائية لـ«تورطهم المحتمل في قضايا مرتبطة بالإرهاب». وأكدت «قوات سوريا الديمقراطية» لاحقاً أنها سلمت عدداً من المواطنين المغاربة لحكومتهم، في خطوة رحبت بها واشنطن.
«قوات سوريا الديمقراطية» تتقدم من 5 محاور في آخر جيب لـ«داعش»
تحت غطاء من التحالف الدولي بقيادة أميركا
«قوات سوريا الديمقراطية» تتقدم من 5 محاور في آخر جيب لـ«داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة