«قوات سوريا الديمقراطية» تتقدم من 5 محاور في آخر جيب لـ«داعش»

تحت غطاء من التحالف الدولي بقيادة أميركا

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» يساعدون جرحى قرب الباغوز (أ.ب)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» يساعدون جرحى قرب الباغوز (أ.ب)
TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تتقدم من 5 محاور في آخر جيب لـ«داعش»

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» يساعدون جرحى قرب الباغوز (أ.ب)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» يساعدون جرحى قرب الباغوز (أ.ب)

واصلت مقاتلات التحالف الدولي ومدفعية «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) الاثنين، قصف أطراف بلدة الباغوز التي ما زالت تحت سيطرة «داعش» وسط تقدم القوات من خمسة محاور، في آخر جيب للتنظيم شرق الفرات.
وقال قائد ميداني في «قوات سوريا الديمقراطية» يقاتل في بلدة الباغوز: «حققت العملية العسكرية التي بدأت مساء (أول من) أمس هدفها، وسيطرنا على عدة نقاط من تنظيم (داعش)، وإن مقاتلات التحالف الدولي وسلاح المدفعية يقومان بقصف المنطقة التي ما زالت تحت سيطرة التنظيم».
وأضاف القائد الميداني: «تتقدم القوات البرية بشكل مستمر، وتسيطر على نقاط جديدة، في حين تتقلص المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم (داعش)». وأكد القائد الميداني: «ما زال تقدم قواتنا يتم بشكل حذر، بسبب العبوات والألغام التي زرعها تنظيم (داعش)، ولكن لدينا القدرة في التقدم وحسم المعركة خلال ساعات، ومع ذلك نعمل على إنهاء وجود (داعش) في بلدة الباغوز بأسرع وقت، والأمر لن يتجاوز الـ48 ساعة القادمة إن استمرت العمليات، أو يقوم عناصر (داعش) بتسليم أنفسهم».
وبدأت «قوات سوريا الديمقراطية» مساء أول من أمس عملية عسكرية للسيطرة على حي الشيخ حمد والمخيم، على أطراف بلدة الباغوز. وشنت طائرات التحالف عشرات الغارات، استهدفت المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم «داعش». وقد استهدفت تلك المقاتلات أمس مستودعاً لتنظيم «داعش»، وشوهدت ألسنة الدخان واللهب تتصاعد من المنطقة.
وتخوض «قوات سوريا الديمقراطية» المعارك ضد آخر جيب لـ«داعش» في شرق سوريا، غداة استئناف هجومها على المتطرفين المحاصرين، وإعلان انتهاء المهلة التي أعطيت لهم للاستسلام.
وفي بداية الشهر الحالي، أطلقت هذه الفصائل الكردية والعربية هجومها الأخير ضد مقاتلي التنظيم، بعد عمليات إجلاء استمرت أسبوعين. وبعد يومين أبطأت وتيرة معاركها إفساحاً في المجال مجدداً أمام الراغبين في الخروج. ومنذ ذلك الحين، تم إجلاء آلاف الرجال والنساء والأطفال من منطقة سيطرة التنظيم.
من جهته، أوضح مسؤول في «قوات سوريا الديمقراطية» أن هذه القوات تقدمت على «خمسة محاور، وتمّ الاستيلاء على مواقع عدّة، وقُتل عشرات الإرهابيين»، من دون أن يحدّد عددهم. وأضاف: «يدافع مقاتلو (داعش) عن أنفسهم بأسلحة ثقيلة، وحاولوا تنفيذ عمليات انتحارية مرات عدة» لإعاقة التقدم.
واستهدفت طائرات التحالف الدولي وعمليات قصف مدفعي ليل الأحد - الاثنين، مخازن أسلحة ومواقع للتنظيم، حسب المسؤول ومدير المركز الإعلامي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مصطفى بالي.
وأظهرت مشاهد بثّتها قناة «روناهي» الكردية ليل الأحد، انفجارات ضخمة داخل الباغوز، أضاءت سماء البلدة وتطايرت شظاياها في الظلام الحالك. وكان يمكن سماع دوي عمليات القصف وهدير الطائرات. وكان مدير المركز الإعلامي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مصطفى بالي، قد قال في وقت سابق، إن «مهلة استسلام (داعش) قد انتهت، قواتنا تلقت الأوامر بالتحرك العسكري للقضاء على ما تبقى من إرهابيين في الباغوز».
وقال قياديون في التحالف العربي الكردي المدعوم من واشنطن، إن القرار اتُّخذ بعدما لم يتم رصد أي تحرك لمدنيين في البقعة المحاصرة الأحد. وتوقع بالي «وجود ما يقارب ألف إلى 1500 إرهابي داخل الباغوز»، مشيراً إلى أن «الأرقام متضاربة والصورة غير واضحة».
ولم يسجل الجمعة خروج أي من المحاصرين، بينما تمكن نحو مائة شخص من الخروج السبت. وأكد بالي أنه في حال رصدت قواته وجود مدنيين «أثناء التقدم، ستقوم بما يجب القيام به لتجنيبهم الاشتباكات، أو حتى العمل على إجلائهم من داخل المعركة».
وتؤكد «قوات سوريا الديمقراطية» أن هجومها سيستمر «حتى تحرير الباغوز، وإنهاء الوجود العسكري المسلح للإرهابيين في تلك المنطقة»، من دون أن تجزم بالمدة التي قد يستغرقها ذلك.
وزار فريق من وكالة «الصحافة الفرنسية» نقطة متقدمة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الباغوز؛ حيث شاهد آثاراً مما تركه عناصر تنظيم «داعش» وعائلاتهم على الأرجح في خيم أخلوها على وقع تقدم خصومهم، منها: قدور ومدفئة وحقائب، ورماد من بقايا نيران استخدمت للطبخ، بالإضافة إلى حفر لا يتخطى عمقها المتر، تحيط بها أغطية من كل جانب، كان يتخذها المحاصرون ملجأ لهم.
وكان في الإمكان من تلك النقطة رؤية خيم خالية وخنادق محفورة، بعضها قرب بعض، وهياكل سيارات محترقة، في مساحة تفصل مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» عن مواقع التنظيم.
ويقتصر وجود التنظيم في الباغوز حالياً على مخيم عشوائي محاط بأراضٍ زراعية، وصولاً حتى الحدود العراقية، يقع على الضفاف الشرقية لنهر الفرات.
ومُني التنظيم الذي أعلن في عام 2014 السيطرة على مساحات واسعة في سوريا والعراق تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبيرة خلال العامين الأخيرين، بعد سنوات أثار فيها الرعب بقوانينه المتشددة واعتداءاته الوحشية.
ولا يعني حسم المعركة في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق المحررة، واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف. وبدأت «قوات سوريا الديمقراطية» منذ سبتمبر (أيلول) عملياتها العسكرية ضد منطقة سيطرة الجهاديين في شرق سوريا.
وعلى وقع تقدمها العسكري، خرج نحو 59 ألف شخص منذ ديسمبر (كانون الأول) من مناطق التنظيم، بينهم أكثر من ستة آلاف مقاتل تم توقيفهم، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وخضع الرجال والنساء والأطفال، وغالبيتهم من عائلات مقاتلي التنظيم، إلى عمليات تفتيش وتدقيق في هوياتهم بعد خروجهم. وتمّ نقل الرجال المشتبه بأنهم جهاديون إلى مراكز اعتقال، بينما أرسل الأطفال والنساء إلى مخيمات في شمال شرقي البلاد، أبرزها مخيم «الهول» الذي يشهد أوضاعاً إنسانية بائسة. وتوفي 106 أشخاص، ثلثاهم أطفال دون عمر خمس سنوات، خلال رحلتهم من جيب التنظيم إلى مخيم «الهول» أو بعد وصولهم بفترة قصيرة، وفق لجنة الإنقاذ الدولية التي أكدت أن الوضع في المخيم على حافة «الانهيار». ومن بين الخارجين من الباغوز، عدد كبير من الأجانب، تتردد الدول التي يحملون جنسياتها في إعادتهم. وأعلنت وزارة الداخلية المغربية، الأحد، إعادة ثمانية مواطنين من مناطق النزاع بسوريا إلى المغرب، على أن يخضعوا لتحقيقات قضائية لـ«تورطهم المحتمل في قضايا مرتبطة بالإرهاب». وأكدت «قوات سوريا الديمقراطية» لاحقاً أنها سلمت عدداً من المواطنين المغاربة لحكومتهم، في خطوة رحبت بها واشنطن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.