أشتية يبدأ مشاوراته لتشكيل حكومة بغلبة «فتحاوية»

لا توقعات بتغيير في العلاقة مع غزة الرافضة للحكومة الجديدة

عباس لحظة تكليفه أشتية بتشكيل حكومة جديدة أول من أمس (رويترز)
عباس لحظة تكليفه أشتية بتشكيل حكومة جديدة أول من أمس (رويترز)
TT

أشتية يبدأ مشاوراته لتشكيل حكومة بغلبة «فتحاوية»

عباس لحظة تكليفه أشتية بتشكيل حكومة جديدة أول من أمس (رويترز)
عباس لحظة تكليفه أشتية بتشكيل حكومة جديدة أول من أمس (رويترز)

بدأ رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف محمد أشتية مشاورات تشكيل حكومته الجديدة، باتصالات داخل حركة «فتح»، من أجل رسم صورة أوضح لشكل الحكومة التي من المتوقع أن تسيطر عليها الحركة بنسبة كبيرة، بمساعدة فصائل في «منظمة التحرير» ومستقلين.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن أشتية سيلتقي زملاءه في اللجنة المركزية، من أجل مناقشات داخلية، ثم يلتقي فصائل «منظمة التحرير» ومنظمات مجتمع مدني ومستقلين، من أجل تشكيل حكومة سياسية في غضون أسبوعين.
ويمنح القانون الأساسي الفلسطيني رئيس الوزراء المكلف فترة أسبوعين لتشكيل حكومته، فإذا تعذر ذلك يمكن منحه أسبوعاً آخر. ولا يتوقع أن يواجه أشتية مشكلات في ظل توجه حركة «فتح» لـ«تشكيل حكومة بمن حضر».
وقالت مصادر في حركة «فتح» لـ«الشرق الأوسط»: «(فتح) ستشكل هذه الحكومة بمن حضر، أو بشكل أدق بمن يرغب من الفصائل الفلسطينية والمستقلين في المشاركة في حكومة مواجهة التحديات. ومن لا يرغب فهذا شأنه. لن تتم ملاحقة أي فصيل».
وسيستمع أشتية وفريق من «فتح» إلى ملاحظات الفصائل ورغباتهم وأسماء مرشحيهم. وقالت المصادر إنه سيترك للفصائل اختيار مرشحين للمشاركة في الحكومة، بينما سيختار أشتية بالتشاور مع قيادة «فتح»، أسماء الوزراء الذين سيمثلون الحركة التي يفترض أن تبقي الوزارات السيادية لها.
وعادة يحمل رئيس الوزراء المكلف تشكيلة أولية لعرضها على الرئيس الفلسطيني، الذي يتدخل في إبقاء أو إقصاء وزراء. وفي مرات سابقة أصر عباس على إبقاء وزراء في منصبهم، ورفض آخرين.
وينتظر مبدئياً أن تقاطع الجبهتان «الشعبية» و«الديمقراطية» تشكيلة الحكومة، بينما تشارك فصائل أخرى من المنظمة، مثل «حزب الشعب»، و«جبهة النضال الشعبي»، و«جبهة التحرير الفلسطينية»، و«الجبهة العربية»، و«منظمة الصاعقة»، و«حزب فدا».
وقال نائب رئيس حركة «فتح» محمود العالول، إن أشتية بدأ اتصالاته بالجميع؛ مؤكداً أنه يجب دعم ومساندة الحكومة المقبلة، في هذه المرحلة الاستثنائية والصعبة التي تواجهنا. وأكد العالول أن المهمة الأولى لهذه الحكومة هي الصمود ومواجهة كل هذه التحديات.
وتنهي الحكومة المزمع تشكيلها اتفاقاً واجه كثيراً من المشكلات بين حركتي «فتح» و«حماس»، نتج عنه تشكيل حكومة الوفاق، كما تضع هذه الحكومة حركة «حماس» خارج الحسابات.
وأكدت مصادر مقربة من مركز صنع القرار في رام الله لـ«الشرق الأوسط»، أن الهدف من تشكيل الحكومة كان قطع الطريق على «حماس» وإقصاؤها عن المشهد، من أجل وضعها أمام خيارين، إما أن تبقى خارجاً وإما أن تأتي للمشاركة في انتخابات تنهي حالة الانقسام.
وجاءت هذه الخطوة، بعد قرار للمحكمة الدستورية الفلسطينية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بحل المجلس التشريعي الذي كانت «حماس» تسيطر على غالبية مقاعده، وإجراء انتخابات تشريعية خلال ستة أشهر.
وطلب عباس من محمد أشتية دعم جهود استعادة الوحدة الوطنية، وإعادة غزة إلى حضن الشرعية، واتخاذ الإجراءات اللازمة كافة وبالسرعة الممكنة، لإجراء الانتخابات التشريعية، وترسيخ الديمقراطية والتعددية السياسية.
لكن «حماس» رفضت تكليف أشتية بتشكيل الحكومة، كما رفضت سابقاً حل المجلس التشريعي الفلسطيني وإجراء انتخابات تشريعية فقط، مطالبة بانتخابات عامة تشمل الرئاسة. وعزز رفض «حماس» هذا إصرار «فتح» على تشكيل حكومة تقودها الحركة، وتسمح لها باستعادة الدور الذي فقدته منذ 2007.
ولم تعر «فتح» موقف «حماس» أي أهمية. وقال العالول: «لا مشكلة لدينا، نحن معتادون أن ترفض (حماس) كل شيء»، مضيفاً: «وماذا قبلت قبل ذلك؟».
وفوراً دعمت «فتح» أشتية، وقالت إنها ستقف خلفه في هذه الظروف الاستثنائية، في مواجهة رفض «حماس» و«الجهاد الإسلامي» والجبهتان «الشعبية» و«الديمقراطية» لتكليفه.
وقالت «حماس» إن تكليف محمد أشتية برئاسة الحكومة الجديدة، انتهاك لكل اتفاقيات المصالحة، وترسيخ للانقسام، مما يساهم في «فصل غزة عن باقي الوطن».
وقالت «الجبهة الديمقراطية» إن الأولوية هي لتصويب العلاقات، وإن حكومة جديدة بالصيغة الفصائلية التي دعت لها اللجنة المركزية لحركة «فتح»، لا تشكل في المرحلة الحالية أولوية وطنية، ومن شأنها تعميق الانقسام، وأن تفاقم المأزق السياسي.
واتفقت «الشعبية» مع «الديمقراطية»، وقالت إن خطوة تكليف أشتية ليست في الاتجاه الصحيح.
أما «الجهاد الإسلامي» فقالت إن هذه الخطوة تعمق الانقسام، وليست في الاتجاه الصحيح؛ داعية إلى ضرورة رفض هذه الخطوة من الكل الفلسطيني.
وتأتي الحكومة الجديدة في ظل خلافات متصاعدة مع «حماس» حول الرعاية الحكومية لقطاع غزة، وفي ظل أزمة مالية متفاقمة مع قطع الولايات المتحدة الأموال عن السلطة، واحتفاظ إسرائيل بأموال العوائد الضريبية، بعد خلاف حول خصم بدل أموال تدفعها السلطة لعائلات الأسرى والمقاتلين.
ولا يتوقع حدوث تغيير جوهري على سياسة الحكومة في العلاقة مع «حماس»؛ لكن يتوقع أن تشهد العلاقة مع الفصائل الأخرى وقوى المجتمع المدني والنقابات، وحتى مع الرئيس و«منظمة التحرير»، فيما يخص السياسات الاقتصادية والاجتماعية، تغييرات كبيرة، في ظل أن أشتية هو جزء من الحلقة الضيقة حول عباس.
ورئيس الحكومة الفلسطينية المكلف، مقبول من المجتمع الدولي بطريقة قد تساعد أكثر على الانفتاح، إضافة إلى كونه رجل اقتصاد مهماً.
واتخذ أشتية أول قراراته أمس، بنداء للفلسطينيين بالاستعاضة عن تهنئته بتكليفه تشكيل الحكومة، من خلال الصحف والمواقع الإلكترونية وغيرها من المنصات، بالتبرع لمؤسسة قرى الأطفال العالمية (SOS) في بيت لحم ورفح، التي تقدم خدماتها إلى الأطفال الأيتام وتوفر لهم العناية والمساعدة.



غروندبرغ يغادر صنعاء ويحض الحوثيين على خفض التصعيد وإطلاق المعتقلين

غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غروندبرغ يغادر صنعاء ويحض الحوثيين على خفض التصعيد وإطلاق المعتقلين

غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)

حض المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قادة الجماعة الحوثية على خفض التصعيد المحلي والإقليمي وإطلاق المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية، مؤكداً تصميمه على حماية التقدم المحرز في خريطة الطريق اليمنية التي تجمدت بعد تصعيد الجماعة البحري منذ نهاية 2023.

وجاءت تصريحات المبعوث غروندبرغ، الخميس، عقب اختتام زيارة إلى صنعاء هي الأولى له منذ منتصف 2023، وسط آمال أممية بأن تقود مساعيه إلى التوصل إلى إحلال السلام وطي صفحة الصراع المستمر منذ انقلاب الجماعة الحوثية على التوافق الوطني في سبتمبر (أيلول) 2014.

وقال غروندبرغ في بيان إنه أجرى مناقشات مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين لتجديد المشاركة في العملية السياسية، مع التركيز على معالجة التحديات واستكشاف إمكانيات تعزيز السلام في سياق المنطقة المعقد.

وأكد المبعوث الخاص غروندبرغ خلال اجتماعاتهِ مع قادة الحوثيين على أهمية خفض التصعيد الوطني والإقليمي لتعزيز بيئة مواتية للحوار. وحث -بحسب البيان- على ضرورة الاتفاق على إجراءات ملموسة لدفع الحوار إلى الأمام بعملية سياسية لتحقيق السلام والاستقرار المستدامين في جميع أنحاء اليمن.

المبعوث الأممي إلى اليمن بعد وصوله إلى صنعاء يستعد لاستقلال السيارة (رويترز)

كما سلطت المناقشات الضوء على أهمية اتخاذ تدابير لمعالجة التحديات الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية، وفي الوقت نفسه تعزيز الاستعدادات لوقف إطلاق النار، وهي مكونات أساسية لخريطة الطريق والتوصل إلى حل سياسي يلبي تطلعات اليمنيين.

وقال غروندبرغ: «أنا مصمِّم على حماية التقدم المحرز حتى الآن على خريطة الطريق والتركيز على آفاق السلام في اليمن».

وأوضح البيان أن المناقشات حول ملف المعتقلين المرتبطين بالصراع استندت إلى التقدم المحرز خلال المفاوضات التي عقدت في سلطنة عُمان في يوليو (تموز) 2024، حيث أكد المبعوث الخاص أن الملف حيوي لبناء الثقة بين الأطراف والمضي قدماً في تنفيذ الالتزامات السابقة.

وشدد على أهمية إعطاء الأولوية لهذه القضية الإنسانية كخطوة نحو تعزيز الثقة التي يمكن أن تساعد في تمكين اتفاقات أوسع نطاقاً وتظهر الالتزام بجهود السلام.

حماية المجتمع المدني

أفاد البيان الصادر عن مكتب غروندبرغ بأنه استهل زيارته إلى صنعاء بزيارة منزل عائلة أحد الموظفين في مكتبه كان الحوثيون اعتقلوه تعسفياً في يونيو (حزيران) 2024.

وأعرب المبعوث عن خالص تعاطفه ومواساته لما تكبدته عائلة الموظف في هذه الفترة العصيبة، عارضاً دعمه لهم. وأطلع غروندبرغ العائلة -بحسب البيان- على جهود الأمم المتحدة لإطلاق سراح جميع الموظفين المعتقلين تعسفياً. كما أعرب عن تضامنه مع عائلات المعتقلين الآخرين، مدركاً لمعاناتهم المشتركة والحاجة الملحة للإفراج عن أحبائهم.

سيارة أممية ضمن موكب المبعوث الأممي غروندبرغ في صنعاء (إ.ب.أ)

وفي جميع مناقشاته، أكد غروندبرغ أنه حث الحوثيين بشدة على إطلاق سراح الأفراد المعتقلين من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية فوراً ودون قيد أو شرط. وأكد أن الاعتقالات التعسفية غير مقبولة وتشكل انتهاكاً للقانون الدولي.

وشدد غروندبرغ بالقول «يتعين علينا حماية دور المجتمع المدني والعاملين في المجال الإنساني. فهم يقدمون مساهمات حيوية لتحقيق السلام وإعادة بناء اليمن».

وقبل زيارة صنعاء كان المبعوث اختتم نقاشات في مسقط مع مسؤولين عمانيين، ومع محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

أجندة الزيارة

في بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (إ.ب.أ)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحمّل مجلس القيادة الرئاسي اليمني الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».