الوفاة الجماعية للرضع في مستشفى تهدد الحكومة التونسية

TT

الوفاة الجماعية للرضع في مستشفى تهدد الحكومة التونسية

نفذ تحالف الجبهة الشعبية، يوم أمس، وقفات احتجاجية في عدد من المدن التونسية، من بينها قفصة (جنوب غرب) والقصرين (وسط غرب)، وذلك تنديداً بحادثة وفاة 12 رضيعاً في مستشفى الرابطة، في العاصمة التونسية، نهاية الأسبوع الماضي.
ورفع المشاركون شعارات انتقدوا من خلالها الإهمال الذي طغى على منظومة الصحة الحكومية، والطريقة المهينة لتسليم الجثث في علب كرتونية (عادة ما تستعمل لتعليب مسحوق غسل الملابس). واعتبر المشاركون في هذه الاحتجاجات أن استقالة عبد الرؤوف الشريف، وزير الصحة، لا تكفي، بل على الحكومة بأكملها أن تتحلى بالشجاعة، وتستقيل وتتحمل المسؤولية كاملة.
ونددت معظم الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية والاجتماعية، ومن بينها حركة «النهضة» وحزب «النداء» والاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة)، بما اعتبرته «جريمة في حق التونسيين»، وطالبت هذه القوى بفتح تحقيق عاجل، وإنزال أقصى العقوبات ضد المتورطين، ومحاسبة المذنبين، مهما كانت مناصبهم.
وفي هذا السياق، انتقد حزب «النداء»، الذي يتزعمه حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي الحالي، «الترويكا» الحاكمة الجديدة، بزعامة حركة «النهضة»، وقال إنها تتحمل المسؤولية كاملة، ووصف استقالة وزير الصحة بالطبيعية، وبأنها بمثابة ذر للرماد في العيون، واعتبر أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في تونس وصل إلى حد خطير بات يتطلب تغييراً جذرياً عميقاً على المستوى الحكومي، على حد تعبيره.
وفي غضون ذلك، عقدت سنية بالشيخ، وزير الصحة بالنيابة، مؤتمراً صحافياً صباح أمس، أكدت خلاله عدم صحة ما راج من معلومات حول وفاة الرضع بأمصال (سيروم) منتهية الصلاحية، وقالت إن الحقن التي تعطى للرضع تتكون من مجموعة أدوية معدة للحقن، وصلاحيتها مراقبة مسبقاً، ويتم إعدادها في غرفة بيضاء معقمة مطابقة للمواصفات العالمية.
وبينت النتائج الأولية للأبحاث أن الوفيات يرجح أن تكون ناتجة عن التهابات في الدم، تسببت سريعاً في هبوط في الدورة الدموية، مما أدى إلى الوفاة.
ولم تنكر الوزيرة بالنيابة وجود تقصير في التعاطي مع حالة الرضع حديثي الولادة الذين فارقوا الحياة، ورجحت أن يكون تسريب خبر الأمصال المنتهية الصلاحية لـ«أغراض سياسية، وإشاعة الأخبار الزائفة عن أسباب الوفاة لمجرد التشكيك» في العمل الحكومي، ودعت إلى تحديد المسؤوليات، وعدم المتاجرة بهذه القضية.
وأكدت بالشيخ أن من أخطأ سيحاسب، وأنه ستتم محاسبة كل المقصرين، وإعلان نتائج التحقيقات أمام الرأي العام التونسي، ونفت تحميل المسؤولية لوزير الصحة المستقيل، قائلة إنه لا يتحمل المسؤولية وحده، لأن ما حدث كان نتيجة تراكمات وإخلالات امتدت لسنوات، على حد تعبيرها. ودعت إلى عدم مهاجمة الكوادر الطبية وشبه الطبية من دون أدلة وحجج، قبل الوقوف على نتائج التحقيقات الإدارية والأمنية والقضائية.
ووفق مصادر حقوقية تونسية، فإن عدد المتورطين الذين سيحالون إلى القضاء في هذا الملف سيتجاوز 30 متهماً، من إداريين وكوادر طبية ومسؤولين، إلى جانب وزير صحة سابق وقع كثيراً من الاتفاقيات لتوفير الأدوية، من بينها كميات عبارة عن جرعات «سيروم» وصلت إلى تونس في يوليو (تموز) الماضي، ويشتبه في كونها منتهية الصلاحية. ومن المنتظر أن يتطوع نحو 83 محامياً تونسياً مجاناً لتمثيل العائلات المتضررة من وفاة الرضع بأحد المستشفيات، وسط العاصمة التونسية.
وفي السياق ذاته، أكد سفيان السليطي، المتحدث باسم النيابة العامة التونسية، أن المحكمة الابتدائية بالعاصمة أذنت بفتح التحقيق في 12 قضية جنائية. وفي حال تبين وجود تقصير للعنصر البشري أدى إلى هذه الحادثة، فإن الحكم يصل إلى حد السجن المؤبد، على حد تعبيره.
وكانت النيابة العامة قد أذنت على الفور بفتح تحقيق قضائي في الحادثة، في حين تعهدت المحكمة الابتدائية بتونس بالملف، وتوجه قاضي التحقيق منذ الإعلان عن حالات الوفاة إلى المكان، بصحبة ممثل النيابة، لتحديد ظروف وملابسات الوفاة الجماعية.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.