تونس تبحث أفضل تسليح لقواتها لحماية الحدود مع ليبيا والجزائر

السلطات تواجه تحديات الإرهاب والتهريب والمخدرات بمزيد من التنمية في المناطق الفقيرة

مصريون وعرب يحاولون عبور الحدود إلى تونس هربا من القتال في ليبيا مطلع أغسطس الحالي (رويترز)، رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة زار دولا غربية وبحث تسليح الجيش (أ.ف.ب)
مصريون وعرب يحاولون عبور الحدود إلى تونس هربا من القتال في ليبيا مطلع أغسطس الحالي (رويترز)، رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة زار دولا غربية وبحث تسليح الجيش (أ.ف.ب)
TT

تونس تبحث أفضل تسليح لقواتها لحماية الحدود مع ليبيا والجزائر

مصريون وعرب يحاولون عبور الحدود إلى تونس هربا من القتال في ليبيا مطلع أغسطس الحالي (رويترز)، رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة زار دولا غربية وبحث تسليح الجيش (أ.ف.ب)
مصريون وعرب يحاولون عبور الحدود إلى تونس هربا من القتال في ليبيا مطلع أغسطس الحالي (رويترز)، رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة زار دولا غربية وبحث تسليح الجيش (أ.ف.ب)

كسائر المناطق الحدودية في كل أنحاء العالم، لم تخل المناطق الحدودية لتونس مع ليبيا والجزائر من المشكلات يوما.. ولكن طبيعة مشكلات تونس مع حدودها - أو على حدودها - شهدت تحولا جذريا بسبب التطورات التي عاشتها البلاد منذ سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي في 14 يناير (كانون الثاني) 2011، وبسبب ما عاشته وتعيشه جارتها ليبيا خاصة بعد سقوط نظام العقيد القذافي.
يمكن القول إن الأوضاع على الحدود الجنوبية لتونس مع ليبيا أو على حدودها الغربية مع الجزائر أصبحت أكثر ما يؤرق ليس السلطات التونسية فحسب؛ بل عموم التونسيين من جنوب البلاد إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها. منذ منتصف السنة الماضية أصبحت تونس تعيش على وقع المواجهات بين قوات الأمن والجيش التونسية، والمجموعات المسلحة المتحصنة بالمرتفعات على الشريط الحدودي بينها وبين الجزائر. وأدت هذه المواجهات حتى الآن إلى سقوط أكثر من 50 قتيلا في صفوف قوات الأمن والجيش وعشرات الجرحى، سواء جراء مواجهات مباشرة، أو كمائن نصبتها هذه المجموعات المسلحة للقوات التونسية، أو بسبب انفجار الألغام التي زرعتها في طريق عناصر الجيش والأمن أو عرباتهم. كما سقط العديد من القتلى في صفوف هذه المجموعات المسلحة، ولا توجد أرقام رسمية مضبوطة بشأنهم حتى الآن. أما على حدود تونس الجنوبية مع ليبيا، فإن تهريب الأسلحة نحو تونس هو أخطر ما أصبحت تواجهه البلاد. وقد تفطنت السلطات إلى العديد من المحاولات في هذا الشأن وكشفت في هذا الخصوص على مخزنين لأسلحة جرى تهريبها من ليبيا، واحد بمحافظة مدنين في الجنوب التونسي على الحدود مع ليبيا، والثاني في منطقة «المنيهلة» قرب العاصمة تونس.

* بعد الأضرار الاقتصادية المخاطر الأمنية
* في ما مضى كانت أكبر أضرار تونس من أوضاع حدودها سواء الجنوبية أو الغربية اقتصادية بالأساس بسبب عمليات تهريب السلع إلى أرضيها التي جعلت التجارة الفوضوية تأخذ حجما كبيرا جدا، مما أضر باقتصاد البلاد بشكل فادح. ووفق دراسة أعدها البنك الدولي، فإن ظاهرة التهريب بين تونس والجزائر وليبيا تكلف تونس خسارة بأكثر من مليار دولار أميركي سنويا (نحو 1.8 مليار دينار تونسي). وأبرزت الدراسة أن «الاقتصاد التونسي يتكبد جراء هذه الظاهرة خسارة بنحو 12 في المائة من مجمل المداخيل الجبائية المهدورة سنويا، في حين تمثل البضائع المهربة نحو تونس نحو 5 في المائة من مجمل ورادات تونس من الخارج»، وتقدر هذه الدراسة «نسبة الخسارة بالنسبة للعائدات الجبائية لتونس بنحو 730 مليون دولار أميركي (1.2 مليار دينار تونسي)، و300 مليون دولار أميركي (500 مليون دينار تونسي) أداءات جمركية لا يجري تحصيلها».
ويمثل تهريب المحروقات سواء من الجزائر إلى تونس أو من ليبيا إلى تونس أبرز المواد المهربة، حيث يباع لتر البنزين في تونس بستة أضعاف ثمنه سواء في الجزائر أو في ليبيا، فضلا عن تهريب منتجات من البلدان الآسيوية تباع في الأسواق الموازية التونسية، وهو ما ألحق ضررا كبيرا بالنسيج الصناعي التونسي وتسبب في غلق العديد من المصانع أبوابها وتسريح آلاف العمال. كما تسببت التجارة الموازية في ركود القطاع التجاري المنظم.
وتقدر منظمة الأعراف التونسية أن التجارة الموازية أصبحت تمثل نحو 40 في المائة من مجمل رقم معاملات القطاع التجاري. وتتعلق أكبر المخاوف في تونس اليوم بالتقاء مصالح مجموعات التهريب مع المجموعات المسلحة المتطرفة. وتؤكد العديد من الجهات أن بعض المشتغلين بالتهريب لا يتوانون عن تهريب الأسلحة متى كانوا سيحققون أرباحا مالية كبيرة من هذه العمليات ولا يهمهم ما يهربونه بقدر ما تهمهم العوائد المالية لنشاطهم.
وفي دراسة حول تونس تحت عنوان: «حدود تونس بين جهاد وتهريب» أنجزتها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي «مجموعة الأزمات الدولية»، وهي منظمة عالمية غير حكومية، مقرها في بروكسيل ببلجيكا وتعنى بالنزاعات في العالم، أشارت إلى أن «الفراغ الأمني الذي أعقب انتفاضة 2010 - 2011 ضد نظام بن علي - إضافة إلى الفوضى التي أنتجتها الحرب في ليبيا - يفسر إلى حد كبير الارتفاع المثير للقلق في وتيرة عمليات التهريب عبر الحدود». وأضافت الدراسة أنه «رغم أن التهريب كان منذ وقت طويل المصدر الوحيد للدخل لأعداد كبيرة من سكان المناطق الحدودية، فإن الاتجار بسلع خطيرة ومربحة أصبح يشكّل مصدرا لمخاوف عميقة». وبينت الدراسة أن «المخدرات الخطيرة إضافة إلى كميات صغيرة نسبيا (حتى الآن) من الأسلحة والمتفجرات باتت تدخل البلاد وبشكل منتظم من ليبيا».
أما بخصوص الحدود التونسية - الجزائرية فأشارت الدراسة إلى أن «المنطقة تشهد عمليات تهريب متزايدة للحشيش والأسلحة الخفيفة». في حين نبه قياديون في منظمة الأعراف التونسية في العديد من المرات إلى «تفاقم ظاهرة التهريب في السنوات الأخيرة»، وأكدوا أن «تهريب المنتجات الصناعية والمحروقات أصبح يستخدم غطاء لتهريب الأسلحة والمواد الأخرى الخطيرة»، داعين في كل مرة مختلف الحكومات المتعاقبة إلى «الحزم في مقاومة التهريب».

* غياب التنمية
* ظاهرة التهريب ليست جديدة على تونس ويعدها الخبراء من مميزات كل المناطق الحدودية، ويرى هؤلاء الخبراء أن ازدياد حجم التهريب في تونس كان نتيجة طبيعية لواقع التهميش الذي لطالما عانت منه المناطق الحدودية خاصة مع الجزائر، وغياب المشاريع التنموية منذ استقلال تونس سنة 1956، حيث تجاهل النظام هذه المناطق، وتركزت أغلب المشاريع التنموية وجهود تطوير البنية الأساسية على المناطق الساحلية للبلاد، مما خلق تفاوتا صارخا بين شرق البلاد وغربها. وليس من قبيل الصدفة أن يكون أهالي هذه المناطق المهمشة من أكبر المساهمين في الحراك الذي أدى إلى سقوط نظام بن علي سنة 2011، فمحافظة «سيدي بوزيد» الموطن الأصلي لمحمد البوعزيزي الذي أقدم على إحراق نفسه في 10 ديسمبر (كانون الأول) 2010 مفجرا الشرارة الأولى للثورة التونسية، هي من المناطق الداخلية التونسية الأكثر تهميشا وهي قريبة جدا من المناطق الحدودية، ولا تختلف عنها كثيرا. أما محافظة «القصرين»، فهي على الحدود التونسية - الجزائرية تماما مثل محافظة «الكاف» ومحافظة «جندوبة». وتشهد المحافظات الثلاث منذ أكثر من سنة مواجهات بين قوات الأمن والجيش، والمجموعات المسلحة.
وعلى امتداد العقود الأخيرة، دفع الفقر والتهميش وغياب المشاريع التنموية بالعديد من شباب هذه المناطق الحدودية إلى النزوح إلى المدن الساحلية أو إلى الاشتغال بالتهريب.
أما على الحدود الجنوبية بين تونس وليبيا، ولئن كان الوضع يبدو أقل قسوة من الناحية المعيشية بحكم وجود بعض الأنشطة الاقتصادية التي توفر عددا من مواطن الشغل للأهالي مثل الأنشطة السياحية أو المرتبطة بمؤسسات النفط العاملة في الجنوب التونسي، فإن السلطات التونسية شددت في الفترة الأخيرة من عمليات المراقبة سواء للأشخاص أو العربات التي تعبر الحدود من ليبيا في اتجاه تونس، مستهدفة بشكل خاص كل عمليات تهريب الأسلحة من خلال المعبرين اللذين يربطان بين تونس وليبيا.
كما كثفت السلطات من دوريات الجيش والحرس الوطني على امتداد الحدود بين البلدين. كما تعتزم الحكومة التونسية إقامة سياج عازل على امتداد أكثر من كيلومتر قبل الوصول إلى نقطة المراقبة بمعبر رأس جدير على الحدود التونسية - الليبية يكون المنفذ الوحيد للمسافرين والمارين من وإلى ليبيا. وهو عبارة عن سياج مرتفع لا يمكن الوصول إلى نقطة العبور إلا من خلاله وذلك بهدف التحكم بشكل أفضل في كل عمليات المراقبة لكل العابرين من تونس وإليها عبر هذا المعبر، والتفطن لأي محاولة لتهريب البضائع أو أي أشياء أخرى ممنوعة، خاصة الأسلحة وتسرب العناصر الخطيرة في الاتجاهين. كما تعتزم الحكومة التونسية الاعتماد في هذه المناطق على عناصر أمنية وعسكرية من مدن تونسية أخرى من غير أصيلي المناطق القريبة من الحدود التونسية – الليبية، وإقامة مجمع سكني خاص بهؤلاء قريبا من منطقة العبور لتفادي أي اختلاط بينهم وبين المهربين في هذا الخصوص ومنع محاولات إغرائهم.

* أولويات جديدة
* من المعروف أن تونس ومنذ استقلالها لم تكن تخصص موازنات كبيرة للتسليح، ولكن هذه الأوضاع بدأت تفرض على البلاد خيارات جديدة في سياستها الأمنية وفي أولوياتها في مجال تسليح قوات الأمن والجيش. وقد شهدت موازنتا وزارتي الداخلية والدفاع زيادات مهمة بالنسبة لسنة 2014، كما أن تونس تقوم بجهود كبيرة من أجل توفير المعدات اللازمة للمؤسستين العسكرية والأمنية وكذلك لمصالح الجمارك، خاصة العمل من أجل حماية الحدود الغربية والجنوبية بشكل أفضل. وخلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة ولعدد من العواصم الأوروبية، كان السعي إلى اقتناء تجهيزات عسكرية أحد أبرز الملفات التي طرحها مهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية على قادة هذه البلدان.
وأكد مهدي جمعة أن هناك اتفاقات أبرمت مع بلدان صديقة لتونس لتمكين البلاد من عدد من التجهيزات التي تحتاجها، خاصة لحماية الحدود والتصدي للعمليات الإرهابية غربا ومخاطر تهريب السلاح من ليبيا جنوبا. وفي هذا الإطار قام جاكوب ولاس سفير الولايات المتحدة دى تونس يوم 14 أغسطس (آب) الماضي بحضور لطفي بن جدو وزير الداخلية التونسي، بتسليم السلطات التونسية دفعة من المساعدات للقوات الأمنية التونسية تتمثل في خوذات وصدريات مضادة للرصاص، والدروع، وتجهيزات أخرى في إطار «دعم أميركا لتونس في مقاومة الإرهاب»، وفق قول السفير الأميركي، الذي أضاف أن بلاده «ستسلم جيش الطيران التونسي في الفترة المقبلة 12 مروحية متطورة»، وأنه ينتظر مناقشة كل التفاصيل الخاصة بهذه العملية مع السلطات التونسية.
وقد اعترف أكثر من مسؤول رسمي بوجود نقص في التجهيزات لقوات الجيش والأمن التونسية على الحدود، وحاجتها إلى العتاد المتطور لمواجهة الأوضاع هناك. وقد أجمعت مختلف مكونات الطيف السياسي على وجوب تجاوز مشكلة نقص التجهيزات هذه. وفي هذا الإطار دعا أحمد نجيب الشابي القيادي في الحزب الجمهوري والمرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد العملية التي ذهب ضحيتها 15 جنديا، وإصابة أكثر من 20 آخرين بجروح في جبل الشعانبي في 16 يوليو (تموز) الماضي، إلى «بعث صندوق خاص من مساهمات المواطنين وتبرعاتهم لتجهيز قوات الأمن والجيش».
كما اتخذ مهدي جمعة رئيس الحكومة يوم 20 يوليو الماضي، أي بعد أربعة أيام من عملية «الشعانبي»، التي كانت الأسوأ في تاريخ المؤسسة العسكرية التونسية من حيث الخسائر البشرية، قرارا يقضي بـ«تعزيز القدرة الميدانية للجيش والحرس الوطنيين بالشروع فورا في تهيئة الانتداب المبرمج لقانون المالية التكميلي لسنة 2014 بـ3250 عنصرا بالجيش الوطني والإذن بانتداب استثنائي لـ500 عنصر في سلك الحرس الوطني».
وكانت هذه التطورات الأمنية وراء اتخاذ الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي في 29 أغسطس (آب) 2013 قرارا بإعلان حدود تونس مع الجزائر وليبيا في الجنوب التونسي «منطقة عسكرية عازلة، لسنة كاملة قابلة للتمديد حسب الظروف». وقالت وزارة الدفاع التونسية حينها إن هذا القرار اتخذ «لتجنب عمليات تهدد أمن البلاد ولمقاومة عمليات التهريب وإدخال السلاح». كما أعلنت تونس يوم 11 أبريل (نيسان) 2014 جبل «الشعانبي» وبعض المناطق المتاخمة على غرار جبال «السمامة» و«السلوم» و«المغيلة» على حدودها مع الجزائر «منطقة عمليات عسكرية مغلقة». وأصبح الدخول إلى هذه المنطقة بموجب هذا القرار «يخضع لترخيص مسبق من السلطات العسكرية».

* بالأرقام
* تقع حدود تونس مع ليبيا في جنوب البلاد ويبلغ طولها نحو 450 كيلومترا. ولتونس نقطتا عبور أساسيتان مع ليبيا هما معبر «راس جدير» التابع لمدينة «بن قردان» من محافظة «مدنين» وهو الأهم من حيث عدد العابرين وحجم السلع التي تمر به، ومعبر «الذهيبة - وازن» ويتبع محافظة «تطاوين». أما حدود تونس مع الجزائر فهي تمتد على طول البلاد من ناحية الغرب وتبلغ نحو ألف كيلومتر، وهي في النصف الأعلى لتونس عبارة عن سلسلة من الجبال مثل جبل «الشعانبي» وجبل «سمامة» وجبل «السلوم» من محافظة «القصرين» (300 كلم جنوب غربي العاصمة)، وجبل «ورغة» من محافظة «الكاف» (180 كلم شمال غربي العاصمة)، وجبل «فرنانة» من محافظة «جندوبة» (200 كلم شمال غربي العاصمة). ولتونس نقاط عبور عديدة مع الجزائر تتركز بالخصوص في محافظات «الكاف» و«جندوبة» شمالا ومحافظة «القصرين» في الوسط ومحافظة «توزر» في أقصى الجنوب الغربي للبلاد.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.