النهضة والجبهة الشعبية تتبادلان سيلا من الاتهامات في البرلمان التونسي

رباعي الوساطة يعود اليوم إلى جلسات الحوار الوطني

النهضة والجبهة الشعبية تتبادلان سيلا من الاتهامات في البرلمان التونسي
TT

النهضة والجبهة الشعبية تتبادلان سيلا من الاتهامات في البرلمان التونسي

النهضة والجبهة الشعبية تتبادلان سيلا من الاتهامات في البرلمان التونسي

اضطر مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) أمس إلى رفع الجلسة الصباحية للمجلس بعد عودة لغة المشاحنات والاتهامات المتبادلة بين قياديين من المعارضة وحركة النهضة متزعمة الائتلاف الثلاثي الحاكم.
واتهم المنجي الرحوي، القيادي في الجبهة الشعبية، الحبيب اللوز، القيادي في حركة النهضة بإهدار دمه، وقال: إن توجيه التهم جزافا ضده قد يعرضه ويعرض عائلته لمخاطر عدة.
وأعلن الرحوي أمام الملأ أنه «مسلم ومن عائلة مسلمة». وتدخل بن جعفر لإيقاف نزيف الوقت المهدور في نقاشات جانبية قد تجعل موعد 13 يناير (كانون الثاني) الحالي، المقرر لإنهاء مناقشة الدستور، تاريخا بعيد المنال.
وقال الرحوي بأن اللوز أفتى باغتياله حين وصفه بـ«النائب الإرهابي». وكان الرحوي قد وصف في جلسة يوم السبت الماضي الدستور التونسي الجديد بـ«الدستور الإخواني» الذي يهدد مدنية الدولة، وأضاف أنه بمثابة «المؤامرة التي تحيكها حركة النهضة» ضد التونسيين، وهو ما أثار حفيظة الكتلة البرلمانية لنواب النهضة.
وفند اللوز في تصريحات سابقة الاتهامات الموجهة إلى حركة النهضة بالسعي التدريجي لإرساء دعائم الدولة الدينية. وقال لـ«الشرق الأوسط» بأن اعتبار الإسلام حكرا على «النهضة» أو «الإخوان» أو التنظيمات الإسلامية فيه الكثير من التعسف.
وخصصت الجلسة المسائية للمجلس التأسيسي أمس لانتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وذلك تطبيقا لمبدأ تلازم المسارات (الحكومي والتأسيسي والانتخابي).
وتأمل الطبقة السياسية في الانتهاء من المسارات الثلاثة بحلول يوم 14 يناير الحالي، تاريخ الاحتفال بالذكرى الثالثة لنجاح الثورة في تونس.
ويضغط نواب المناطق الداخلية المحرومة، التي كانت أهم أسباب الثورة، داخل المجلس التأسيسي، في اتجاه تضمين خيار التمييز الإيجابي لفائدة المناطق المحرومة والفئات الاجتماعية المهمشة. وتهدد بعدم التصديق على الدستور إذا لم يتضمن هذا التمييز.
وقال محمد علي النصري، النائب البرلماني عن سيدي بوزيد، بأن نواب تلك المناطق بدأوا تحركات لجمع 112 توقيعا لإجبار المجلس التأسيسي على الاحتفاظ بهذا المقترح.
وفي المسار الحكومي، يعقد رباعي الوساطة في الحوار الوطني اجتماعا اليوم (الاثنين) يضم الأحزاب المشاركة في الحوار للنظر في إشكالية تمرير حقيبة رئاسة الوزراء من علي العريض إلى المهدي جمعة.
وعبرت أحزاب المعارضة عن تخوفاتها تجاه نية جمعة الاحتفاظ بمجموعة من الوزراء في حكومة العريض ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة.
وتطالب جبهة الإنقاذ المعارضة بالتخلص من كافة وزراء حكومة العريض، وتقول «إنها حكومة فاشلة» ومن الواجب ذهابها بشكل جماعي.
وقال جلول عزونة، القيادي في الجبهة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» بأن مكونات جبهة الإنقاذ ستعقد اليوم اجتماعا بمقر حزب التيار الشعبي (حزب النائب المغتال محمد البراهمي) لتحديد موقف موحد من الإشكاليات التي تحيط بالحوار الوطني. وأضاف أن مناخا ضبابيا وحالة انعدام وضوح رؤية يرافق المسار الحكومي، ومن واجب رباعي الوساطة على حد قوله «توضيح كل الملابسات التي تحيط بالمسارين الحكومي والتأسيسي». ولم يستبعد عزونة المرور إلى التهديد بمقاطعة جلسات الحوار، وقال: إن «الانسحاب كليا من الحوار يبقى فرضية واردة»، على حد تعبيره.
وتضغط المنظمات الراعية للحوار (نقابة العمال ونقابة رجال الأعمال ورابطة حقوق الإنسان ونقابة المحامين) في اتجاه دفع حكومة العريض نحو احترام روزنامة خارطة الطريق وتذكيرها بأن يوم 9 يناير الحالي هو موعد تقديم الاستقالة الرسمية للحكومة. ومن المنتظر أن يتوجه العريض بخطاب للشعب التونسي يعلن فيه عن التزامه بخارطة الطريق، ويعلن استقالته وفق الروزنامة المتفق عليها ضمن خارطة الطريق.
من ناحية أخرى، أفاد توفيق الرحموني المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية بأن ربان أحد مراكب الصيد المصرية قد لقي حتفه ليلة السبت الماضي في عرض سواحل منطقة جرجيس جنوب تونس.
وقال الرحموني لوكالة الأنباء التونسية الرسمية بأن خافرة سواحل عسكرية تونسية ضبطت ثلاثة مراكب صيد مصرية في المياه الإقليمية لتونس، وحاولت إيقافها إلا أن المراكب قامت بمناورات خطرة بهدف الهروب مما جعل الخافرة تطلق النار أولا في الهواء ثم وجهت نيرانها نحو المراكب بعد امتناعها عن التوقف، وهو ما أدى إلى وفاة ربان أحد المراكب. وقال الرحموني بأن اثنين من المراكب الثلاثة لاذا بالفرار وألقي القبض على الثالث.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.