عائلات موصلية تنزح من جديد إلى إقليم كردستان

مدفوعة بتردي الوضع الأمني وعمليات الابتزاز من جانب «الحشد» والشرطة

TT

عائلات موصلية تنزح من جديد إلى إقليم كردستان

تجدد نزوح عوائل عراقية من مدينة الموصل إلى إقليم كردستان على خلفية تردي الوضع الأمني وارتفاع وتيرة الهجمات والتفجيرات والاختطاف في المدينة التي سيطر عليها تنظيم داعش لمدة ثلاث سنوات.
وبدأت عوائل مسيحية وعربية سنية النزوح من جديد باتجاه مدينتي أربيل ودهوك في إقليم كردستان بعدما كانوا عادوا إلى الموصل عقب إعلان الحكومة العراقية قبل أكثر من عام القضاء على تنظيم داعش عسكريا في البلاد.
ويقول قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري لوكالة الأنباء الألمانية إن «المواطنين ما زالوا يشعرون بالإحباط جراء كل تفجير إرهابي يحدث، فضلا عن معاناتهم السابقة جراء سيطرة تنظيم داعش على المدينة الذي استمر لثلاث سنوات». ويوضح الجبوري أن «هذا الكم من النزوح الجديد يقلق الأجهزة الأمنية، خاصة ونحن نرى أن المواطن الموصلي يشعر بأن الأجهزة الأمنية المحلية لم تعد قادرة على حفظ الأمن بالمدينة، أو في محافظة نينوى بشكل عام، لكن الغريب أن محافظة نينوى ليست هي الوحيدة التي تتعرض اليوم لتفجير عبوة ناسفة أو عجلة مفخخة أو اغتيال مدني هنا وهناك».
وأشار الجبوري إلى أن «هذا يحدث يوميا في محافظة كركوك وبغداد وبابل وصلاح الدين والبصرة وغيرها، لكننا لم نسمع بأن أهالي أي محافظة بدأت الهجرة أو الرحيل إلى إقليم كردستان العراق إطلاقا». وقال: «نحن كقيادة عمليات، نرفض إطلاقا مبدأ النزوح من الموصل وبيع ممتلكات المدنيين أو الاستثمارات أو السكن، داخل الإقليم لأن ذلك يؤثر ويحبط معنويات الأجهزة الأمنية المحلية». وبلغ عدد العوائل النازحة من الموصل إلى كردستان العراق منذ شهر فبراير (شباط) عام 2018 وحتى مطلع الشهر نفسه من العام الجاري ما يقارب أربعة آلاف عائلة، بحسب إحصائية رسمية عراقية.
ووفقا للإحصائية، تغادر العوائل العربية الموصل إلى مناطق كردستان عبر نقطة تفتيش «الوكا»، مدخل محافظة دهوك، و«الكلك»، مدخل محافظة أربيل. وتقول الحاجة أم زكي (60 عاما) التي تقطن محافظة أربيل مع أولادها وأحفادها، إن «الوضع غير آمن ولا يبشر بالخير إطلاقا في الموصل، فما زالت المفخخات والعبوات الناسفة والاختطاف والابتزاز والقتل على الهوية منتشرا في عموم الموصل، الأمر الذي دفعني للنزوح الأبدي إلى أربيل حيث يمكن العيش هنا بأمان دون القلق والخوف الذي كان يرافقني على أولادي خلال خروجهم للعمل». وأضافت: «رغم علمي أن الأعمار بيد الله، لكن أحدا لا يعلم ما يدور برأس الإرهابيين، لذا قررت مع أولادي الخمسة بيع كل ما لدينا من أجل الحفاظ عليهم والعيش هنا في أربيل».
ويبدو أن عمليات الابتزاز من قبل بعض عناصر قوات الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية لأصحاب المحلات والمعارض والتجار دفعتهم إلى النزوح مجددا إلى إقليم كردستان. ويقول معتز نبيل (رجل أعمال): «أنا وأكثر من 16 تاجرا في مجال السيارات والبورصة غادرنا الموصل إلى إقليم كردستان بعد أن وجدنا أن ابتزاز بعض عناصر القوات العراقية لا يختلف عن ابتزاز عناصر (داعش)، ويكون الخطف والقتل مصير من لا يدفع الإتاوات». وأضاف: «العديد من المتاجر أغلقت أبوابها ونقل أصحابها تجاراتهم من الموصل إلى محافظة دهوك حرصا على أراوحهم المهددة... إنه شيء مؤسف أن يترك المرء بلدته الجميلة، ولكن للضرورة أحكام والأمن والأمان نعمة لا يعرفها إلا من فقدهما». وأدى فقدان سيدة تدعى أم حكمت اثنين من أبنائها في تفجير سيارة مفخخة في منطقة المجموعة الثقافية منذ نحو 10 أيام إلى أن تتخذ المرأة قرار النزوح إلى أربيل حفاظا على ما تبقى من أفراد عائلتها بعدما أصبح العيش في الموصل لا يطاق.
وقال محافظ نينوى نوفل العاكوب إن «عودة ظاهرة النزوح من الموصل أمر يبعث على القلق، ونحن متخوفون من ارتفاع أعداد النازحين»، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 180عائلة مسيحية كانت عادت إلى منازلها العام الماضي في الساحل الأيسر من الموصل، وهي اليوم تعود مرة أخرى تاركة منازلها بعد تلقيها الموافقة من رجال الدين على الهجرة أو النزوح مجددا لأن الأمن لم يستتب بالكامل بعد. وطالب العاكوب الحكومة العراقية «بتغيير الأجهزة الأمنية أو زيادتها وإبعاد بعض عناصر الأجهزة التي تعمل على ابتزاز المدنيين تحت كل الذرائع».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.