«داعش» تقبل الهدنة وتنسحب من مناطق حدودية مع تركيا

الائتلاف السوري يحسم مشاركته في «جنيف 2» اليوم

ارشيفية لرتل من مقاتلي داعش
ارشيفية لرتل من مقاتلي داعش
TT

«داعش» تقبل الهدنة وتنسحب من مناطق حدودية مع تركيا

ارشيفية لرتل من مقاتلي داعش
ارشيفية لرتل من مقاتلي داعش

أكدت مصادر سورية معارضة أن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، وافق على هدنة، اقترحها وسطاء، وقادتها «جبهة النصرة» ولواء «أحرار الشام»، للحد من الاشتباكات المتواصلة منذ يوم الجمعة الماضي، بين مقاتلي «داعش» وآخرين معارضين، إسلاميين وغير إسلاميين شمال البلاد.
وتزامن ذلك مع أنباء عن توصل القوات النظامية إلى اتفاق مع مقاتلي المعارضة في منطقة برزة بريف دمشق المحاصرة منذ عام، شبيه بالتسوية التي عقدت في المعضمية جنوب دمشق، الأسبوع الماضي.
وبينما ذكرت تقارير أن تنظيم داعش طالب بهدنة فورية في شمال سوريا، بعد تكبده خسائر فادحة في القتال بينه وبين فصائل أخرى في المعارضة السورية، بينها فقدان سيطرته على منطقة أتارب بريف حلب، أكد عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية في حلب، ياسر النجار لـ«الشرق الأوسط» أن جبهة النصرة ولواء أحرار الشام قادا هدنة طرحها وسطاء، تقضي بوضع حد للاشتباكات في ريف حلب، ووافق عليها تنظيم داعش. وأشار إلى أن مقاتلي جبهة النصرة في المنطقة «بذلوا جهودا للتخفيف من المشكلات في الريف الشمالي، حيث فكوا الحصار عن مقرات (داعش) في الريف الشمالي في مارع وتل رفعت، وتسلموا مقرات تنظيم الدولة»، مشيرا إلى أن جبهة النصرة «تعد الآن أن مقاتلي (داعش) باتوا بحمايتها».
وقال النجار إن الاتفاق «أنهى الاشتباكات في مدينة حلب، وفي الريف الشمالي، حيث صعّد عناصر تابعون لكتائب منحلة من عملياتهم ضد داعش»، مشيرا إلى أن منطقة الريف الغربي «تشهد اشتباكات متقطعة».
وكانت مصادر معارضة أبلغت «الشرق الأوسط» أن الاشتباكات تضاعفت في الريف الغربي، وتحديدا في منطقة منبج، غداة منح الفصائل والكتائب المقاتلة عناصر تنظيم داعش مهلة 24 ساعة، قبل الانسحاب من جبهات قتال قوات النظام وإفساح المجال لها كي تتقدم.
وتأتي الاشتباكات شمال سوريا على خلفية الصراع بين الفصائل المسلحة على قيادة المناطق السورية التي تسيطر عليها المعارضة، فضلا عن زيادة «الاستياء الشعبي من ممارسات تنظيم داعش المتشددة».
وتشير تقارير إلى أن الفصائل المسلحة المنافسة استولت على نقاط تفتيش وقواعد وأسلحة من «داعش» في حلب وإدلب. وقال تحالف يطلق على نفسه اسم «جيش المجاهدين»: «إنه سيقاتل (داعش) حتى القضاء عليه»، ويضم هذا التحالف ثماني جماعات مقاتلة.
وأعلن ناشطون سوريون، أمس، أن عناصر «داعش» انسحبوا من مناطق استراتيجية قرب الحدود التركية، بعدما تعرضت لإطلاق نار كثيف من جماعات إسلامية أخرى. وأشارت تقارير إلى أن انسحاب عناصر «داعش» من معاقلها في بلدة الدانة وبلدة أطمة الحدوديتين والاستراتيجيتين لناحية خطوط الإمداد، دون قتال «يشير إلى احتمال إبرام اتفاق لتفادي اشتباكات أوسع تستنزف قوة الجانبين، وهو ما يصب في مصلحة الرئيس السوري بشار الأسد».
وذكر الناشط فراس أحمد أن جماعة الدولة الإسلامية انسحبت دون قتال وأن مقاتليها أخذوا أسلحتهم ومدافعهم الثقيلة ويبدون في طريقهم إلى مدينة حلب.
في غضون ذلك، قُتل أكثر من 24 مقاتلا معارضا في شمال سوريا خلال هجمات شنها جهاديون عليهم بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيرا إلى أن «الدولة الإسلامية» (داعش) استهدفت حافلة تقل مقاتلين معارضين بالقرب من تل رفعت، مما أسفر عن مقتل عشرة عناصر على الأقل، كما لقي خمسة مقاتلين معارضين مصرعهم عندما فجرت «الدولة الإسلامية» سيارة مفخخة، ليل السبت، أمام مخفر بلدة حريتان.
وفي ريف إدلب، أعدمت «الدولة الإسلامية» خمسة مقاتلين في منطقة حارم، عقب محاصرة الكتائب المقاتلة مقر الدولة، بينما أسفر كمين نصبته الدولة الإسلامية لمقاتلي المعارضة قرب بلدة المغارة بجبل الزاوية عن مقتل أربعة مقاتلين.
وفي ريف العاصمة السورية، قالت دمشق إنها توصلت إلى تسوية مع المقاتلين في بلدة برزة المحاصرة منذ عام، مشابهة للتسوية التي عقدتها السلطات مع قوات المعارضة في المعضمية، جنوب دمشق قبل أسبوعين.
ونقلت قناة «المنار» التابعة لحزب الله، عن مصادر سورية رسمية تأكيدها «استسلام 200 عنصر من الجيش الحر وجبهة النصرة للجيش السوري بحي برزة»، مشيرة إلى «اتفاق بين الجيش السوري والمسلحين، ينص على وقف إطلاق النار وتسليم بعض قادة التنظيمات للقوات الحكومية، فضلا عن وقف إطلاق قذائف الهاون ورصاص القنص على المناطق المحيطة ببرزة».
وأفادت المحطة التلفزيونية اللبنانية بأن الاتفاق «ينص على تفكيك الألغام عن الطرق الرئيسة في برزة، وفتح الطريق الرئيس الذي يصل برزة بمستشفى تشرين في دمشق»، مؤكدة أن هذا الاتفاق «يأتي ضمن خطة للمصالحة شبيهة بالتسوية التي عقدت بين الطرفين في المعضمية» الأسبوع الماضي. وأكدت «المنار» أن القوات الحكومية «لم تدخل إلى برزة، بل دخلت إلى مشارفها، واستطاعت فتح الطريق إلى مستشفى تشرين بعد نزع الألغام عن جوانبه».
وفي دمشق، نفذت طائرات النظام غارات جوية على تجمع لأهالي بلدة يلدا في الغوطة بريف دمشق الجنوبي، كانوا تجمعوا عند معبر البيرقدار بالمئات، بعد وعود من قوات النظام بفتح المعبر والسماح بخروج المدنيين، إلا أن طائرات النظام ألقت قذيفتين عند المعبر، مما أدى إلى مقتل شخصين على الأقل وجرح العشرات.
ونشر ناشطون مقطع فيديو يظهر المئات من الأشخاص يخرجون من حارات يلدا، بينهم نساء وأطفال يحملون حقائب وأمتعة، ويجرون عربات ودراجات محملة بالأغراض، في محاولة للخروج من المنطقة التي تشهد حصارا، وذلك بعد وعود مسبقة بفتحه، أمس (الأحد).



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.