ساترفيلد نقل حرص واشنطن على عدم إلحاق الأذى بلبنان نتيجة العقوبات على «حزب الله»

الرئيس سعد الحريري مستقبلاً ساترفيلد (أ.ب)
الرئيس سعد الحريري مستقبلاً ساترفيلد (أ.ب)
TT

ساترفيلد نقل حرص واشنطن على عدم إلحاق الأذى بلبنان نتيجة العقوبات على «حزب الله»

الرئيس سعد الحريري مستقبلاً ساترفيلد (أ.ب)
الرئيس سعد الحريري مستقبلاً ساترفيلد (أ.ب)

لم تفاجأ القيادات اللبنانية التي التقت مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد خلال زيارته لبيروت تحضيراً لزيارة الوزير مايك بومبيو للبنان في النصف الثاني من الأسبوع المقبل، بالمواقف التي أعلنها الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، التي اعترف فيها بأن العقوبات الأميركية تحاصر الحزب، داعياً المحازبين والأنصار إلى «الجهاد بالمال».
وكشفت مصادر مقربة من هذه القيادات لـ«الشرق الأوسط» أن ساترفيلد أكد لهم أن العقوبات الأميركية المفروضة على إيران ومن خلالها على «حزب الله» حققت نتائج كبيرة لم تكن الإدارة الأميركية تتوقعها بهذه السرعة.
وقالت المصادر إن ساترفيلد تحدث بصراحة عن حرص واشنطن على عدم إلحاق الأذى بلبنان من جراء هذه العقوبات وتحييده عن أضرارها ليكون في وسعه المضي في التحضير لكل ما هو مطلوب منه للإفادة من المقررات التي صدرت عن مؤتمر «سيدر» لمساعدته للنهوض تدريجياً من أزماته الاقتصادية والمالية.
ولفتت إلى أن ساترفيلد أبلغ هذه القيادات أن واشنطن ليست في وارد إقحام لبنان كله في هذه العقوبات لئلا يدفع أثمان عدم التفريق بين «حزب الله» ولبنان الذي يجب ألا يتحمل مسؤولية بالنيابة عن غيره، وإن كان على الحكومة اللبنانية أن تتجنب إفادة الحزب من المال العام من خلال مشاركته في الحكومة بعدد من الوزراء للالتفاف على العقوبات. وقالت إن ساترفيلد أوحى بأن العقوبات على إيران و«حزب الله» إلى تصاعد وأن واشنطن تخوض معركتها ضد طهران على مستوى الإقليم لدفعها إلى الانكفاء إلى الداخل لوقف زعزعتها للاستقرار في المنطقة وتدخّلها في شؤون دول الجوار.
ونقلت المصادر عن ساترفيلد أن واشنطن حريصة على تحقيق التوازن داخل لبنان وضرورة تحييده عن النزاعات في المنطقة، وبالتالي لن تطلق أحكامها على النيات وإنما ستراقب كل خطوة تقوم بها الحكومة لتبني على الشيء مقتضاه. كما نقلت المصادر عن ساترفيلد قوله إن واشنطن لن تبادر، بحسب ما كانت أعلنت في السابق، إلى سحب قواتها الموجودة في شمال سوريا، وما يحصل الآن ليس أبعد من إعادة تموضع وانتشار هذه القوات لأن هناك ضرورة لعدم إخلاء هذه المنطقة.
ومع أن ساترفيلد تحدّث بوضوح عن محاربة الفساد ومكافحة الهدر والعمل على حسن إدارة المال العام في لبنان، فإن جهات سياسية مناوئة لـ«حزب الله» تعتبر أن إعلان نصر الله «الجهاد ضد الفساد» الذي يعود أمر النظر فيه لأجهزة الرقابة والقضاء يأتي في سياق توجيه التهمة إلى من يعارضه بأنه يحمي الفاسدين، رغم أن رئيس الحكومة سعد الحريري لا يزال يدعو إلى محاربته والاقتصاص من الفاسدين وهذا ما تعهد به أمام مؤتمر «سيدر» ليعود لاحقاً ويدرجه في صلب البيان الوزاري.
واعتبرت الجهات السياسية المناوئة لـ«حزب الله» أن نصر الله أراد من خلال تقديم حزبه على أنه يتصدّر الصفوف الأمامية من أجل محاربة الفساد، أن يمرر رسالة للمجتمع الدولي أن واشنطن تعاقب في لبنان من يحارب الفساد بدلاً من معاقبتها للمتهمين في هذا الملف.
ولاحظت الجهات السياسية أن «التيار الوطني الحر» بادر إلى الانخراط في حملة مكافحة الفساد بغية تسليفه دفعة على الحساب لحليفه «حزب الله» ليبعد الأخير عن نفسه الشبهة بأنه يريد الاقتصاص من طرف سياسي ينتمي إلى طائفة أخرى. لكن الجهات نفسها سألت إذا كان لقرار «حزب الله» في خوض حربه على الفساد علاقة بالحكم الذي سيصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ضد المتهمين في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، من خلال تسليطه الضوء على قضية شعبوية عنوانها مكافحة الفساد لن تلقى من يعارضها باعتبار أنها موضع اهتمام ومتابعة من قبل الهيئات المنضوية في المجتمع المدني.
وفي المقابل، فإن الرئيس الحريري باقٍ على التزامه وقف الهدر ومكافحة الفساد وكان آثر عدم الدخول في سجالات سياسية وإعلامية تتعلق بهذا الموضوع، لكن كتلة «المستقبل» النيابية اضطرت مؤخراً للرد على اتهامات الذين يريدون النيل منها.
أما لماذا اضطرت كتلة «المستقبل» للرد على الحملات المنظّمة التي تغمز من قناة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة؟ في الإجابة عن السؤال تقول مصادرها إن محطة «أو تي في» الناطقة باسم «التيار الوطني» كانت دخلت على خط توجيه الاتهامات في مقدمة نشرتها الإخبارية المسائية، السبت الماضي، وما كان من تلفزيون «المستقبل» إلا الرد في اليوم التالي عليها في مقدمة نشرته الإخبارية مساء الأحد الماضي.
وبصرف النظر عن مبادرة «التيار» كما تقول مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، إلى رفع المسؤولية عنه وتحميلها إلى من أعد نشرة الأخبار، فإن رد «المستقبل» شكّل مفاجأة لزعيم «التيار» الوزير جبران باسيل.
وسألت المصادر عما إذا كان دخول المحطة التابعة لـ«التيار» على خط توجيه الاتهامات لـ«المستقبل» ينبع من محاولة القيمين عليها جس نبض الرئيس الحريري الذي كان وراء الرد بقسوة لم يكن يتوقعها باسيل؟
واستبعدت المصادر أن يكون الفريق الآخر أو بعضه ومن بينه «التيار الوطني» قد أعد العدّة لتنظيم خطة لمحاصرة الرئيس الحريري بدءاً من الحكومة وعزت السبب إلى وجود ضرورة لبقائه على رأسها لأنه الأقدر على توفير الحماية الدولية للبنان، وبالتالي وضعه على سكة الإفادة من «سيدر»، لكنها تتحدث في الوقت نفسه عن وجود نيات مبيّتة «لترويض» الحريري الذي لن يستسلم للضغوط وإن كان البعض لا يريده أن يكون مرتاحاً. وأكدت المصادر أن باسيل يحرص على الالتصاق بـ«حزب الله» ويقوم بتسليفه الموقف تلو الآخر لعله ينجح في تقديم أوراق اعتماده للحزب لتعزيز ثقته به.



وزير الدفاع الإيراني في دمشق لبحث «قضايا الأمن والدفاع»

لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)
لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)
TT

وزير الدفاع الإيراني في دمشق لبحث «قضايا الأمن والدفاع»

لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)
لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)

في الوقت الذي يتزايد فيه الحديث عن مساعٍ دولية لتحجيم الدور الإيراني في سوريا، ومع اشتداد حدة الضربات الإسرائيلية على دمشق، نشطت زيارة المسؤولين الإيرانيين إلى العاصمة السورية.

فبعد أقل من يومين على حمل كبير مستشاري المرشد الإيراني علي لاريجاني رسالة للرئيس السوري بشار الأسد من المرشد علي خامنئي، بالتزامن مع غارات إسرائيلية على دمشق وريفها، استهدفت قياديين في حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية، وضربات في حي المزة وضاحية قدسيا، وموقعاً في محيط مطار المزة العسكري، لم تكشف أسباب استهدافه، بدأ وزير الدفاع الإيراني العميد عزيز نصير زاده زيارة إلى دمشق يوم السبت للقاء عدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين السوريين؛ تلبية لدعوة وزير الدفاع السوري علي محمود عباس.

وقال بيان رئاسي سوري مقتضب إن الوزير الإيراني والوفد المرافق التقى، الأحد، الرئيس السوري بشار الأسد، وجرى بحث «قضايا تتعلق بالدفاع والأمن في المنطقة، وتعزيز التعاون بين البلدين لمواجهة الإرهاب وتفكيك بنيته بما يخدم استقرار المنطقة وأمنها». وأكد الأسد -وفق البيان- أن «القضاء على الإرهاب مسؤولية إقليمية ودولية، لأن أخطاره تهدد شعوب العالم كله».

ونقلت وسائل الإعلام الرسمية أن مباحثات وزير الدفاع الإيراني والوفد الرسمي الذي يرافقه مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين ستشمل «آخر المستجدات في المنطقة بشكل عام، وتعزيز التنسيق والتعاون بين الجيشين الصديقين، بما يسهم في مواصلة محاربة الإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».

لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)

مساعٍ روسية

وربط متابعون في دمشق بين زيارات المسؤولين الإيرانيين إلى دمشق وتزايد مساعي موسكو في دفع مسار تقارب دمشق مع محيطها العربي، وتحييدها عن معركة إسرائيل مع «حزب الله» و«حماس» لتجنب توسع الحرب، وقالت مصادر متابعة لـ«الشرق الأوسط» إنه من الصعب فك ارتباط دمشق بمحور «المقاومة» أو تحجيم الوجود الإيراني في سوريا؛ حيث ترتبط دمشق بطهران عبر عدد من اتفاقيات التعاون والتعاون الاستراتيجي طويل الأمد.

وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية في وقت سابق بأن الوزير الإيراني عزيز نصير زاده التقى، صباح الأحد في دمشق، نظيره السوري، كما التقى أيضاً رئيس الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة السورية عبد الكريم محمود إبراهيم.

ونقلت «مهر» عن وزير الدفاع الإيراني إشارته إلى أن سوريا لديها «مكانة استراتيجية» في السياسة الخارجية لبلاده، وقال إنه سيبحث مع المسؤولين السياسيين والعسكريين عدة مسائل مشتركة في مجال الدفاع والأمن، لتوسيع وتطوير العلاقات في هذا المجال بين البلدين، مؤكداً أنه «بناءً على توصيات قائد الثورة الإسلامية، مستعدون لتقديم كل وسائل الدعم لسوريا الصديقة».

ووفق الوكالة الإيرانية، بحث نصير زاده في دمشق «تعزيز وتوطيد العلاقات الدفاعية الثنائية، والدور المركزي لدول المنطقة في توفير الأمن، وضرورة سحب القوات الأجنبية، ومواصلة التعاون الثنائي لمواجهة مختلف أشكال الإرهاب، فضلاً عن دراسة التطورات في المنطقة وجبهة المقاومة».

قوات أمن سورية في موقع غارة إسرائيلية استهدفت حي المزة في دمشق (إ.ب.أ)

رسالة لاريجاني

وتأتي زيارة وزير الدفاع الإيراني إلى دمشق بعد يومين من نقل كبير مستشاري المرشد الإيراني علي لاريجاني رسالة من المرشد علي خامنئي إلى الرئيس بشار الأسد، قالت مصادر إعلامية سورية إنها رسالة خاصة تتعلق بتنسيق عالي المستوى على الصعيد العسكري، بعد تصاعد الاستهدافات الإسرائيلية، كما نقل تلفزيون «الميادين» اللبناني عن لاريجاني، قوله خلال زيارته بيروت بعد دمشق، إنه حمل رسالتين إحداهما للرئيس السوري، والأخرى لرئيس مجلس النواب اللبناني.

وأكد لاريجاني أن الرسالتين من خامنئي شخصياً، مشيراً إلى أن بلاده «ستدعم أي قرار تتخذه (المقاومة) حول مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل»، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

وكان لافتاً تنفيذ إسرائيل سلسلة ضربات في دمشق وريفها، بالتزامن مع زيارة لاريجاني، استهدفت مبنيين في حي المزة ومبنى آخر في ضاحية قدسيا بريف دمشق، كما تم استهداف محيط مطار المزة العسكري، ومعبر غير شرعي على الحدود السورية - اللبنانية في منطقة الزبداني - سرغايا. وقوبل ذلك بصمت رسمي وإعلامي، في حين لم تُكشف أي تفاصيل عن الهجومين الأخيرين.

وأوقعت غارتا يوم الخميس الماضي خسائر كبيرة في الأرواح؛ إذ قتل نحو 15 شخصاً بينهم أطفال ونساء، وأصيب أكثر من 16 آخرين في المزة، في حين نعت حركة «الجهاد الإسلامي»، السبت، القيادي عبد العزيز الميناوي، عضو المكتب السياسي في الحركة، ورسمي يوسف أبو عيسى، مسؤول العلاقات العربية مع «ثلة من كوادر الحركة، إثر الاستهداف الإسرائيلي لمكاتب مدنية وشقق سكنية، وجرى إخراج جثمانيهما من تحت الأنقاض فجر السبت»، وفق بيان النعي.