بينما تعتزم لجنة تقصي الحقائق البرلمانية الخاصة بمحافظة نينوى تقديم تقريرها النهائي إلى القضاء، تزايدت في الآونة الأخيرة الهجمات المسلحة في أطراف مدينة الموصل وراح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى من المدنيين والعسكريين. فبعد نحو ثلاثة أيام من الكمين الذي قيل إن تنظيم داعش نصبه لعناصر من «الحشد الشعبي» العشائري التركماني في منطقة مخمور جنوب الموصل وأدى إلى مقتل 6 وجرح 31 آخرين، أدى انفجار سيارة مفخخة استهدفت مساء أول من أمس مطعما شعبيا في حي المثنى بالجانب الأيسر من الموصل إلى مقتل وجرح 12 شخصا من المدنيين.
وأعلنت خلية الإعلام الأمني أن «الاعتداء الإرهابي الجبان الذي حصل مقابل أحد المطاعم في حي المثنى بالجانب الأيسر في مدينة الموصل كان بواسطة عجلة مركونة من نوع كيا»، مضيفا أن «الانفجار أدى إلى مقتل رجل أمن وفتاة وإصابة 10 أشخاص آخرين من المدنيين».
كما أدى انفجار عبوة ناسفة صباح أمس إلى مقتل وجرح 4 أشخاص. وقال مصدر أمني إن «حصيلة انفجار العبوة الناسفة بناحية تلول الباج أدت إلى مقتل وجرح 4 مدنيين»، مبينا أن «جهاز مكافحة المتفجرات تمكن من تفكيك عبوتين ناسفتين مزروعتين بالقرب من إحدى المدارس بالناحية نفسها».
وتأتي هذه التفجيرات بعد 10 أيام من انفجار سيارة مفخخة في 28 من فبراير (شباط) الماضي كانت مركونة بجانب السياج الخارجي لمنطقة المجموعة الثقافية في المدينة أسفرت عن مقتل مدني وإصابة 24 شخصاً.
وفي وقت لايزال تنظيم داعش يلتزم الصمت حيال عمليات من هذا النوع فقد انتشر سوق الاتهامات بين الأطراف السياسية في المحافظة سواء كانت الحكومة المحلية مقابل لجنة تقصي الحقائق، أو فصائل وجهات مسلحة ضالعة في عمليات من هذا النوع بهدف تصفية الحسابات وإثبات النفوذ. وفي هذا السياق يقول عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى أحمد الجبوري لـ«الشرق الأوسط» إن «تزامن مثل هذه التفجيرات مع تقرير لجنة تقصي الحقائق التي طالبت بسحب يد المحافظ يضع كثيرا من علامات الشك والسؤال حيال ما يجري في الموصل»، مبينا أن «المسؤولية تقع على عاتق القادة الأمنيين في الموصل الذين يتوجب عليهم الإجابة بشأن من هو المسؤول عن هذه التفجيرات».
من جهته، يرى الخبير المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «وجود خلافات سياسية ذات بعد اقتصادي في داخل نينوى بين إدارات الحكومة المحلية والأحزاب السياسية النافذة، يؤكد احتمالية صراع التخادم وغض البصر المتجذر بين الفاسدين والخلايا الإرهابية على وجه التحديد». ويضيف الهاشمي أن «الخلاف الموصلي - الموصلي وما تبعه من إهمال برامج التمكين الأمني والاستقرار وعودة النازحين وتعويض الأسر المنكوبة وإزالة المواد المتفجرة ورفع الجثث، وتطور إشكاليات معروفة وموثّقة ومُعترف بها، وصعود قضايا الفساد والتنافس على مشروعات ومقاولات الأعمار التي لم يتم حسمها بين طرفي الخصومة داخل محافظة نينوى، تشير إلى أن التفجيرات الإرهابية الأخيرة التي لم تعلن عن تبنيها (داعش)، تفضح خيوط التآمر على الموصل خاصة ونينوى بشكل عام وتوضح حقيقة عودة التفجيرات ودوافع استدعائها من جديد ودلائل توظيفها». ويرى الهاشمي أن «ما حصل يعد نقلة جديدة في العمليات الإرهابية مع استغلال الاستقرار النسبي للأمن في الأحياء الحضرية المكتظة بالسكان للقيام بالعمليات بهدف الثأر ومعاقبة الأهالي ورفع مستوى الشكوك بين رجل الأمن والمواطن وصدع الثقة التي صنعت»، موضحا أن «هذه العمليات تكمن خطورتها في أنها حدثت بسيارات مفخخة مركونة، وهذا يشير إلى أن هناك مصنع تفخيخ وورشة كهربائية للتشبيك وعنصرا للمراقبة والاستخبار وعنصر إدارة وناقلا للانتحاري إلى داخل الموصل، وأن هذه الخلية ليست منفردة ومعزولة فهي جزء من شبكة، وأن الانفجار لم يتم بواسطة متفجرات بدائية الصنع».
ويتابع الهاشمي أن «الهدف من مثل هذه العمليات هو الترهيب وتهديد السلم المجتمعي ورمي مسؤولية الفشل الأمني على المواطن، ويمكن تصنيف هذا النوع من العمليات نوعيا بالنظر إلى رمزية الأحياء المستهدفة وعجلة تتبع مدير الأمن الوطني. وأن التفجير يصب دون شك في مصلحة (داعش) الذي يسعى للانتقام من الأهالي وزرع البلبلة».
ولا يستبعد الهاشمي أن «تلقي هذه العمليات بظلالها على التغييرات التي أزف وقتها في أعلى مناصب الإدارات والقيادات داخل قيادة عمليات نينوى وقيادة الشرطة وكذلك في دوائر المعلومات والاستخبارات المحلية، خاصة في ظل تبادل الاتهامات مع كل عملية إرهابية، وتحميل مسؤولية صعود نسب الفساد السياسي والأمني والحكومي داخل محافظة نينوى».
سلسلة تفجيرات دامية تهز أطراف الموصل ومخاوف من صراع سياسي
«داعش» يفاقم الشكوك حول دوافعها بالتزام الصمت حيالها
سلسلة تفجيرات دامية تهز أطراف الموصل ومخاوف من صراع سياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة