الحكومة المغربية تعد بالاستجابة للمطالب «المعقولة» للمدرسين المحتجين

TT

الحكومة المغربية تعد بالاستجابة للمطالب «المعقولة» للمدرسين المحتجين

قررت الحكومة المغربية فتح حوار مع المدرسين المتعاقدين بطلب من رئيسها سعد الدين العثماني، وذلك بعد سلسلة احتجاجات وإضرابات نفذها المدرسون رفضاً لنظام التعاقد وللمطالبة بإلحاقهم بنظام الوظيفة العمومية. وعُقدت أمس أول جلسة للحوار مع المدرسين بحضور النقابات.
وكشف العثماني، أمس، أنه طلب من سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني والبحث العلمي، أن يفتح حواراً مع النقابات التعليمية بحضور ممثلين عن الأساتذة في الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. وأضاف العثماني، الذي كان يتحدث خلال المؤتمر الثالث لجمعية «محامون من أجل العدالة» عقد بالمعهد العالي للقضاء بالرباط، أنه طلب من وزير التربية الوطنية «أن يذهب إلى أبعد ما يمكن في إطار ما وعدت به الحكومة من إصلاح منظومة وضعية هؤلاء الأساتذة»، مشيراً إلى أن حكومته مهتمة باستقرار الوضع المهني والأمن الوظيفي للأساتذة أطر وموظفي الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
وتابع أنه «لا مشكلة لدى الحكومة في معالجة كل المشكلات بطريقة شفافة، وسنبذل كل الجهود من أجل الاستجابة إلى المطالب المعقولة، ونتمنى أن يفضي الحوار إلى نتائج إيجابية لهذه الفئة وللتلاميذ أيضاً».
يذكر أن وزير التربية والتعليم كان قد أعلن يوم الجمعة الماضي رفضه الحوار مع تنسيقية الأساتذة المتعاقدين، وقال إن الحوار سيقتصر على النقابات. ولا ينتمي جميع الأساتذة المتعاقدين وعددهم 55 ألفا إلى «التنسيقية». كما يوجد عدد كبير من المدرسين الذين وقعوا على العقود لكنهم لم يشاركوا في الاحتجاجات. وسبق للحكومة أن وعدت بمراجعة نظام التعاقد الذي شرعت في اعتماده في قطاع التعليم بدءاً من عام 2016 لامتصاص أفواج الخريجين العاطلين، ومواجهة النقص في عدد المدرسين، وذلك بهدف «تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين هؤلاء الأساتذة مع بقية الفئات من موظفي وزارة التربية الوطنية، بما يضمن لهم الاستقرار، ويمكنهم من وضعية مريحة باعتبارهم حلقة أساسية في إصلاح منظومة التربية والتعليم في البلاد».
من جهة أخرى، قلل العثماني، أمس، من حجم الاختلافات الموجودة بين مكونات التحالف الحكومي، لا سيما بين حزبي «العدالة والتنمية» و«التجمع الوطني للأحرار»، وعدّها «اختلافات طبيعية... فنحن نختلف على عدد من الأمور، ويردّ بعضنا على بعض، لكن لا نسمح بأن يقع شرخ في العمل الحكومي. ونحن متفقون على أن العمل الحكومي ينبغي أن يسير بدرجة انسجام مقبولة وجيدة، والخلافات بيننا كأحزاب سياسية نحلها من خلال الهيئات السياسية الأخرى».
وخلص إلى القول إن «الغالبية الحالية أحسن من جميع الأغلبيات التي كانت موجودة منذ عقدين من الزمن، فكم من الزوابع وقعت في ظل الحكومات السابقة، وهذه الأغلبية فيها أقل الزوابع لحد الساعة، ولا يلوح في الأفق أن هناك إشكالات كبيرة بينها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.