قتيل وعشرات الإصابات في مواجهات مع الاحتلال في الضفة والقطاع

وفد أمني مصري ينهي زيارة لغزة ويطلع قيادة «حماس» على تقدم جهود «وقف النار»

آلية إسرائيلية تحترق بعد استهدافها بقنبلة «مولوتوف» خلال مواجهات بين محتجين فلسطينيين وجنود الاحتلال غرب رام الله أمس (أ.ف.ب)
آلية إسرائيلية تحترق بعد استهدافها بقنبلة «مولوتوف» خلال مواجهات بين محتجين فلسطينيين وجنود الاحتلال غرب رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

قتيل وعشرات الإصابات في مواجهات مع الاحتلال في الضفة والقطاع

آلية إسرائيلية تحترق بعد استهدافها بقنبلة «مولوتوف» خلال مواجهات بين محتجين فلسطينيين وجنود الاحتلال غرب رام الله أمس (أ.ف.ب)
آلية إسرائيلية تحترق بعد استهدافها بقنبلة «مولوتوف» خلال مواجهات بين محتجين فلسطينيين وجنود الاحتلال غرب رام الله أمس (أ.ف.ب)

شارك آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة، أمس (الجمعة)، في فعاليات الأسبوع الـ50 لـ«مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار» على الحدود الشرقية للقطاع، فيما شهدت مناطق مختلفة في الضفة الغربية مواجهات بين محتجين فلسطينيين وجنود الاحتلال.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن شخصاً واحداً على الأقل قُتل و42 آخرين أصيبوا برصاص الجيش الإسرائيلي في مواجهات قرب السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة. وقال أشرف القدرة الناطق باسم الوزارة في بيان إن شخصاً قُتل وأصيب 42 مواطناً برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينهم امرأتان و15 طفلاً، بالإضافة إلى 4 مسعفين وصحافيين اثنين، في الجمعة الـ50 لمسيرات العودة وكسر الحصار، شرق قطاع غزة. وتابع أن بين المصابين «اثنين في حالة خطرة (...) وتلقى عشرات أصيبوا بحالات اختناق جراء الغاز المسيل للدموع العلاج في المكان».
من جهته، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن نحو 8400 شخص «تجمعوا في عدد من المواقع على طول السياج الأمني في قطاع غزة»، وإن بعضهم ألقى عبوات ناسفة وحجارة على السياج الأمني والجنود، بحسب الوكالة الفرنسية. وأفاد مراسل الوكالة بأن عشرات الفتية والشبان كانوا يقتربون عدة أمتار من السياج الفاصل، ويرشقون بالحجارة تجاه عربات مصفحة للجنود الإسرائيليين المتمركزين خلف سواتر رملية.
وكانت «الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة» قد دعت أهالي قطاع غزة إلى أوسع مشاركة في فعاليات ترفع شعار «المرأة الفلسطينية»، الذي يوافق يوم المرأة العالمي، بحسب وكالة الصحافة الفلسطينية (صفا). وبينت الهيئة، في بيان أوردته وكالة الأنباء الألمانية، أن فعاليات يوم الجمعة تحمل رسالة إصرار على كسر الحصار، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، واستمرار معركة المواجهة مع الاحتلال.
وفي الإطار ذاته، قالت حركة «حماس» إن وفداً أمنياً مصرياً أطلع قيادتها والفصائل الفلسطينية، أمس، على تقدم في جهوده لـ«تثبيت وقف إطلاق النار» مع إسرائيل في قطاع غزة. وأعلنت الحركة، في بيان، أن الأسبوع المقبل «سيشهد حراكاً دبلوماسياً مكثفاً، بزيارة كثير من الوفود لقطاع غزة، في إطار تواصل العمل من أجل كسر الحصار عن قطاع غزة، والتخفيف من معاناته».
وأشارت وكالة الأنباء الألمانية إلى أن وفداً أمنياً مصرياً أنهى، أمس، زيارة إلى قطاع غزة استمرت يومين، وهي الثانية خلال أسبوع، لمتابعة وساطة القاهرة بشأن تعزيز تفاهمات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. واجتمع الوفد، برئاسة وكيل جهاز المخابرات المصرية أيمن بديع، مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، وأعضاء الهيئة العليا لمسيرات العودة في غزة، ظهر أمس. ولفتت الوكالة إلى أن الوفد المصري قد زار، أول من أمس، برفقة فريق من الأجهزة الأمنية التي تديرها «حماس» في غزة، معبر رفح، على الجانبين الفلسطيني والمصري، للاطلاع على سير العمل، كما اطلع على آليات العمل في معبر كرم أبو سالم التجاري مع إسرائيل. وبهذا الصدد، قالت «حماس» إنه عقب انتهاء زيارة الوفد المصري لمعبر رفح «عقد الطرفان اجتماعاً خاصاً لمناقشة آليات التخفيف عن المسافرين من سكان قطاع غزة في أثناء التنقل من جمهورية مصر العربية وإليها».
وعلى صعيد الأوضاع في الضفة الغربية، أصيب، أمس (الجمعة)، العشرات بالاختناق الشديد خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة بلعين الأسبوعية التي انطلقت عقب صلاة الجمعة من وسط القرية باتجاه جدار الضم، والتوسع الجديد في منطقة أبو ليمون. وشارك في المسيرة التي دعت إليها اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في بلعين، أهالي القرية، ونشطاء سلام إسرائيليون، ومتضامنون أجانب. ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، وجابوا شوارع القرية وهم يرددون الهتافات الداعية إلى الوحدة الوطنية، ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق سراح جميع الأسرى، والحرية لفلسطين، وعودة جميع اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم التي هجروا منها.
كما أصيب 3 شبان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق، بعد قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة قرية كفر قدوم، شرق قلقيلية، السلمية الأسبوعية المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ أكثر من 15 عاماً لصالح مستوطنة «قدوميم» المقامة على أراضي القرية.
وأصيب 5 مواطنين بالرصاص الحي والمعدني خلال مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال في قرية بيت سيرا، غرب رام الله، بعد قمع قوات الاحتلال مسيرة جماهيرية مطالبة بالإفراج عن جثماني يوسف عنقاوي وأمير دراج، اللذين قتلهما الاحتلال قبل أيام في كفر نعمة، ولا يزال يحتجز جثمانيهما.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.