خبراء: شراكة خليجية ـ روسية لدعم اقتصاد مصر خلال المرحلة المقبلة

أكدوا أن مشروع قناة السويس الجديدة والسد العالي أهمها

مشاريع قناة السويس الجديدة والتي من المنتظر أن تحدث نقلة في الأداء («الشرق الأوسط»)
مشاريع قناة السويس الجديدة والتي من المنتظر أن تحدث نقلة في الأداء («الشرق الأوسط»)
TT

خبراء: شراكة خليجية ـ روسية لدعم اقتصاد مصر خلال المرحلة المقبلة

مشاريع قناة السويس الجديدة والتي من المنتظر أن تحدث نقلة في الأداء («الشرق الأوسط»)
مشاريع قناة السويس الجديدة والتي من المنتظر أن تحدث نقلة في الأداء («الشرق الأوسط»)

كشف خبراء ومستشارون اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط» عن شراكة خليجية - روسية لدعم الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد التفاهمات التي أجراها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في زيارته الأخيرة إلى كل من السعودية وروسيا، مشيرا إلى أن الخطة تتضمن رفع مستوى السيولة المتاحة في السوق المصرية من جانب، ودعمها بالخبرات الأجنبية من جانب آخر.
وأكد الخبراء أن الاقتصاد المصري سيشهد خلال عام 2015 دفعة قوية في قطاعات البنية التحتية والزراعة والبورصة، بدعم من الاستثمارات الخليجية والعربية، وكذلك الاهتمام الروسي بالسوق المصرية، خصوصا في ظل العقوبات التي تواجها الشركات الروسية في السوقين الأميركية والأوروبية.
وقال الخبراء إن مباحثات السيسي الأخيرة في الرياض وموسكو ركزت على الجوانب الاقتصادية، لما لها من تأثير على الاستقرار السياسي في البلاد، مبينين أن السعودية، وهي الحليف الأبرز لمصر في المنطقة، وعدت بتحسين الميزان التجاري والاحتياط النقدي للبنك المركزي المصري.
وأضافوا: «ستساهم دول الخليج في صفقة السلاح التي تجري بين مصر وروسيا، والتي تتجاوز قيمتها ثلاثة مليارات جنيه مصري، بالإضافة إلى الاتفاق على الاستعانة بالخبرات الروسية في صيانة وإصلاح مصانع الحديد والصلب والمصانع القديمة وصيانة السد العالي، إلى جانب شراء القمح باستيراد خمسة ملايين طن سنويا لسد النقص الداخلي، وتوسيع تبادل السلع الزراعية وتوسيع العلاقات اللوجيستية والمشاريع التي تريد مصر إقامتها على قناة السويس الجديدة، وإقامة منطقة صناعية روسية مشتركة، والقضاء على مشكلة نقص الطاقة وتوفير الغاز».
يقول الدكتور سمير مرقص الخبير الاقتصادي، وأحد المستشارين الاقتصاديين في مشروع قناة السويس الجديدة، إن زيارات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لبعض الدول الخارجية، خاصة السعودية، سيكون لها بالغ الأثر على دعم الاقتصاد المصري والتنمية، لأنها قامت على توثيق العلاقات المصرية العربية والأجنبية، حيث ستسهم في رفع مستوى الصادرات والواردات بين البلدين، وتبادل الخدمات بين مصر والسعودية، خصوصا في ظل مشروع قناة السويس الجديدة.
ويضيف: «افتتاح قناة السويس الجديدة له علاقة وثيقة بالتكامل الاقتصادي للمنطقة، حيث كان هناك حلم يراود المصريين، وهو إقامة الجسر المعلّق بين مصر والسعودية، الذي يُعرف بكوبري (ضبا القصير)، وهذا الجسر لا يقل أهمية في أثره الاقتصادي عن قناة السويس، لأن الجسر في حالة اكتماله سيختصر رحلة الحج بين مصر والسعودية إلى عشرين دقيقة، وسيؤدي إلى مضاعفة حركة الناقلات والسفن بين مصر والسعودية».
وكشف المستشار مرقص إلى أن هناك دراسات انتهت إلى أنه يمكن إنشاء خط أنابيب ينقل النفط من دول الخليج كالسعودية، والكويت، البحرين، قطر، إلى مصر أو إلى البحر الأبيض المتوسط مرورا بمصر، وبالتالي سيؤدي إلى اختصار المسافة والتكاليف وزيادة عوائد القناة.
وتابع: «هذا المشروع يمكن أن يقوم بإحياء ما لا يقل عن 30 ألف كيلومتر مربع من الطرف السعودي والمصري، وستصبح أكبر منطقة لوجيستية في الجزيرة العربية، بالإضافة إلى مضاعفته عوائد منطقة القناة لتصبح الأكبر في المنطقة، ليس فقط كمجرى مائي، ولكن كأكبر منطقة لاستزراع الأسماك أيضا، وبالتالي تنمية صناعة جديدة، هي الاقتصاديات السمكية في السعودية ومصر ومنطقة الخليج امتدادا إلى أوروبا».
من ناحيته، يقول الدكتور شريف مختار الخبير الاقتصادي إن مصر تحتاج دفعة قوية من الاستثمارات العربية والأجنبية، لأن مدخراتها ضعيفة جدا، وهناك تراجعا في معدل الاستثمارات الأجنبية، حيث كانت قبل يناير 2011 تمثل 17 في المائة من حجم الاستثمارات العامة، إلا أنها تراجعت إلى مستوى ما دون 10 في المائة، كما تراجع معدل الادخار، مشيرا إلى أن مصر تحتاج على الأقل 25 في المائة من الدخل القومي استثمارات.
وبيّن الدكتور مختار أن هناك فجوة في حجم الاستثمارات الداخلية يجب تعويضها عبر الاستثمارات الأجنبية، منوها بأن زيارات الرئيس الأخيرة، ومنها زيارته إلى الجزائر، كان لها أثر على دعم أمن الطاقة المصري، حيث ساعدته زيارته في إنهاء الاتفاق مع الجزائر على توريد الغاز لمصر، بعد شهرين من الآن.
ويؤكد مختار أن السعودية أكبر حليف عربي لمصر مع دول الخليج، خاصة الإمارات والكويت والبحرين، قدموا المساعدات اللازمة لتحسين الميزان التجاري والاحتياط النقدي للبنك المركزي، بجانب ما ذكرته وكالات الأنباء من أن السعودية ودول الخليج من المساهمة في صفقة السلاح التي تجري بين مصر وروسيا، والتي تُقدر بثلاثة مليارات دولار.
وأضاف: «يجري الحديث عن أن زيارة الرئيس السيسي لروسيا أسفرت عن صفقة السلاح متعددة الجوانب من طائرات وصواريخ ودفاع جوي وطائرات هليكوبتر، وقيل من بينها طائرات (ميغ 29). إلى جانب الاتفاق على الاستعانة بالخبرة الروسية في صيانة وإصلاح وتجديد المصانع القديمة التي تخص القطاع العام في مصر، لأن مصر لديها سلاح سوفياتي قديم، كما أسفرت الزيارة عن شراء القمح من روسيا، حيث ستورد موسكو لمصر خمسة ملايين طن سنويا، وهذا سيسهم بسد النقص المحلي من القمح».
وعلى الجانب الآخر، روسيا تحتاج إلى استيراد سلع زراعية خاصة بعد العقوبات المفروضة على روسيا من جانب الاتحاد الأوروبي وأميركا، وإقامة مركز لوجيستي على البحر الأسود، وهذا معناه توسع مصر في الخدمات اللوجيستية، التي تريد إقامتها على قناة السويس الجديدة، بجانب إقامة منطقة صناعية مشتركة مصرية روسية على إقليم قناة السويس المزمع إقامته لتنمية محور قناة السويس.
الدكتور محمد النجار أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها يقول من جانبه إنه من الأفضل اعتماد مصر على ذاتها لتطوير اقتصادها، إلا أن المرحلة الراهنة تحتاج مساعدات من الأصدقاء لتمكين الاقتصاد المصري من استعادة عجلة الدوران.
وزاد: «نحث الحكومة على أن يكون التعاون بصورة أكثر فعالية من خلال المشاريع الإنتاجية، وليس عبر البورصات والأموال الساخنة، نريد استثمارات تخلق وظائف وتحرك الاقتصاد، في مجالات التكنولوجيا والزراعة والعقارات والسياحة، وكلها قطاعات واعدة داخل مصر».
وأوضح النجار أن لكل دولة خليجية خبراتها الاقتصادية إلى جانب ما تمتلكه من سيولة، فعلى سيبل المثال يمتلك الإماراتيون خبرة في المجال العقاري، في حين أن البحرينيين مميزون في الجوانب المصرفية، بينما يشكل التكامل الاقتصادي مع السعودية فرصة مميزة لدعم الاقتصاد المصري.
وأضاف: «زيارات السيسي للخارج لها مدلولات رائعة، فذهاب السيسي لروسيا سيفيد في مشاريع السد العالي وصيانته، ومصانع الحديد والصلب، لأن روسيا لها دور عظيم وخاصة في الصناعات الثقيلة». وهنا يعود المستشار سمير مرقص ليؤكد أن مشاريع قناة السويس ستنفذ من دون أي أعباء مالية باستخدام أسلوب نظام «بي أو تي» (B.o.T)، وهذا النظام لن يكلف مصر كثيرا التي تعاني من نقص في السيولة وعجز في الموارد المالية، وبذلك نكون تصدينا لكل المشروعات العالمية، وأعدنا الدوران لعجلة اقتصاد مصر.
ويضيف دكتور سمير أن زيارة الرئيس السيسي أيضا إلى روسيا تُعدّ حدثا غير عادي، خاصة أن مصر بدأت سلسلة من العلاقات الروسية لأسباب كثيرة، أهمها التاريخ القديم والعميق مع روسيا، وفضل الروس في إنشاء السد العالي، ومساندة مصر في إنشاء صناعات كثيرة، نتيجة حاجة الاتحاد السوفياتي إلى بعض المعادن التي تخصصت مصر باستخراجها وبعض المنتجات الزراعية، وما ترتب عليه من مناخ جيد لتوسيع وتعميق العلاقات الاقتصادية، وحجم الأسواق السوفياتية والأسواق المصرية، وما ترتب عليه، لأن مصر بوابة للأسواق الخليجية، وستحقق الدولة مكاسب غير محددة، وخاصة مع هوس الروس بالشرق الأوسط كمنطقة سياحية كآثار وتاريخ ومناخ.
ويضيف مرقص أن «مصر في سبيلها للقضاء على عجز الطاقة، من خلال المحطات النووية والمصادر البديلة للطاقة، خاصة دور الطاقة النووية، وتحتاج إلى تقدم تكنولوجي لا يتوفر كله، ولذلك يجري الاعتماد على الدول المتقدمة، مثل روسيا، لتساعدنا في القضاء على مشكلة نقص الطاقة وإيجاد البترول مصدرا للطاقة بإقامة محطات نووية للقضاء على هذه المشكلة، بالتعاون المشترك بين مصر وروسيا».



«المركزي التركي» يعدل من توقعاته للتضخم في ظل تفاؤل باستمرار التراجع

أتراك يتجولون بين المقاهي على كوبري عالاطا في إسطنبول مطلع العام الجديد (د.ب.أ)
أتراك يتجولون بين المقاهي على كوبري عالاطا في إسطنبول مطلع العام الجديد (د.ب.أ)
TT

«المركزي التركي» يعدل من توقعاته للتضخم في ظل تفاؤل باستمرار التراجع

أتراك يتجولون بين المقاهي على كوبري عالاطا في إسطنبول مطلع العام الجديد (د.ب.أ)
أتراك يتجولون بين المقاهي على كوبري عالاطا في إسطنبول مطلع العام الجديد (د.ب.أ)

عدل البنك المركزي التركي من توقعاته للتضخم وأسعار الفائدة والصرف ومعدل النمو بنهاية العام الحالي، وسط تحذيرات من تداعيات السياسات الاقتصادية «الخاطئة» وأزمة التضخم وزيادة الضرائب التي دفعت الأفراد إلى سلوكيات استهلاكية مفرطة.

وحسب «استطلاع يناير (كانون الثاني) 2025 للمشاركين في السوق»، الذي تم إجراؤه بمشاركة 68 ممثلاً من القطاعات المختلفة، ونشره البنك المركزي، بلغ متوسط توقعات التضخم السنوي، حتى نهاية العام، 27.05 في المائة.

وتراجعت توقعات التضخم للأشهر الـ12 المقبلة، بدءاً من يناير الحالي، إلى 25.38 في المائة من 27.07 في المائة في الاستطلاع السابق، ما اعتبر إشارة إلى تحسن نسبي في التوقعات قصيرة الأجل مقارنة بالعام بأكمله.

متسوقة تعاين الأسعار في سوبر ماركت بإسطنبول (إعلام تركي)

كما تراجعت توقعات سعر الفائدة لشهر يناير الحالي إلى 45 في المائة، مقابل 48.59 في المائة في الاستطلاع السابق، ما يعكس تفاؤلاً بالاستمرار في الانخفاض التدريجي في أسعار الفائدة.

وبالنسبة لسعر الصرف توقع المشاركون في الاستطلاع أن يرتفع سعر صرف الدولار إلى 43.03 ليرة تركية في نهاية العام الحالي، وأن يرتفع خلال الأشهر الـ12 المقبلة إلى 43.81 ليرة من 43.23 ليرة في الاستطلاع السابق، ما يعزز القلق بشأن استمرار ضعف العملة التركي.

وبالنسبة لتوقعات النمو، ظلت ثابتة دون تغيير عند معدل 3.1 في المائة كما في الاستطلاع السابق، بينما ارتفعت التوقعات لعام 2026 إلى 3.9 في المائة.

وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك (إكس)

وفي تقييمه لنتائج استطلاع المشاركين في السوق لشهر يناير، قال وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، إنه من المتوقع أن يشهد التضخم السنوي تراجعاً كبيراً خلال العامين المقبلين؛ إذ يتوقع أن ينخفض بمقدار 17 نقطة ليصل إلى 27.1 في المائة بنهاية العام الحالي.

وأضاف شيمشك أن التوقعات الخاصة بالتضخم السنوي تتحسن مع تقدم جهود مكافحة التضخم، وقد انخفضت على مدار 15 شهراً متتالياً، وفي عام 2024، شهدنا انخفاضاً بمقدار 20 نقطة في التضخم السنوي.

وأكد شيمشك أن الحكومة ستتخذ خطوات جديدة في مجالات الغذاء والإسكان والطاقة بهدف دعم جهود مكافحة التضخم، لافتاً إلى أهمية استمرار تحسن التوقعات.

وأضاف: «نخطط لتنفيذ سياسات عرضية لدعم هذه المجالات الحيوية إلى جانب السياسات التي تركز على الطلب».

في السياق ذاته حذر الخبير الاقتصادي الأكاديمي التركي، مهفي إيغيلماز، من «تداعيات السياسات الاقتصادية الخاطئة»، موضحاً أن أزمة التضخم وزيادة الضرائب دفعت الأفراد إلى سلوكيات استهلاكية مفرطة، وصفها بمصطلح «المنفق الهالك».

ولفت، عبر حسابه في «إكس» إلى أن السياسات الحالية المرتبطة بخفض أسعار الفائدة تسببت في تعقيد الوضع الاقتصادي، موضحاً أن المقصود بمصطلح «المنفق الهالك» هو الشخص الذي يفتقر إلى الأمل في المستقبل ويختار الإنفاق الفوري بدلاً من الادخار، وهو ما يعكس تأثيرات السياسات الاقتصادية غير المدروسة في السنوات الأخيرة.

وذكر إيغيلماز أن خفض الفائدة في عام 2021 أدى إلى قفزات كبيرة في معدلات التضخم، مؤكداً أن خفض الفائدة لمحاربة التضخم كان خطأ فادحاً، ما حول التضخم المرتفع إلى تضخم مفرط».

وأضاف أن رفع الفائدة كان هو الحل الأنسب للخروج من هذه الأزمة، وأن السياسات المالية خلال عام 2022 شجعت على زيادة الاستهلاك بشكل كبير، حيث دفعت الفائدة السلبية الحقيقية المواطنين إلى الاقتراض والإنفاق بدلاً من الادخار، ما أدى إلى اعتماد الكثيرين على القروض لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

وأصر الرئيس التركي على مدى سنوات على خفض الفائدة معتبراً أن الفائدة المرتفعة هي السبب في زيادة التضخم، مخالفاً في ذلك النظريات الاقتصادية الراسخة.

وعزل إردوغان 5 رؤساء للبنك المركزي التركي في 3 سنوات، لإصراره على المضي في خفض الفائدة، إلى أن عاد وتقبل السياسة العقلانية التي أعادها وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، عقب تعيينه في منصبه، في يونيو (حزيران) 2023، عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي أجريت في مايو (أيار) من ذلك العام.

وأكد إردوغان، مراراً خلال الأسابيع الأخيرة، أن الحكومة ستواصل عملها على خفض التضخم، مطالباً المواطنين بالمزيد من الصبر.

وحذر إيغيلماز من أن استمرار السياسات الخاطئة سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. ودعا إلى مراجعة عاجلة للسياسات النقدية لتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد.