القضاة التونسيون يهددون بتعطيل المحاكم بعد اعتداءات متكررة

دعوات لتغيير تاريخ الاستحقاق الرئاسي

TT

القضاة التونسيون يهددون بتعطيل المحاكم بعد اعتداءات متكررة

أكدت نقابة القضاة التونسيين (هيكل نقابي مستقل) استعدادها لتعليق العمل بكافة المحاكم التونسية خلال الفترة المقبلة، إلى حين إقرار إجراءات جدية وعاجلة وتوفير آليات الحماية اللازمة للقضاة، وكافة الكوادر الإدارية بالمحاكم.
وأشارت النقابة إلى أنها ستقدم طلب لقاء عاجل، مع كل من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ووزيري العدل والداخلية، كريم الجموسي وهشام الفراتي، بهدف إيجاد حلول عاجلة لأمن القضاة والمحاكم. ولفتت إلى أنها ستعمل على عقد اجتماع في أقرب وقت يجمع كافة الهياكل الممثلة للقضاة، لتدارس هذه القضايا التي تهدد عمل السلطة القضائية.
وصرح رئيس نقابة القضاة التونسيين، إبراهيم بوصلاح، بأن القضاة في تونس لا يتمتعون بضمانات أمان وظيفي، وأن حصانة بعض الفئات الاجتماعية التونسية أقوى من الحصانة القضائية، على حد تعبيره. واعتبر بوصلاح أن القضاة يعملون في ظل تهديدات بالتصفية والاغتيالات، ومن الضروري سن قانون يضمن سلامتهم.
ودعت نقابة القضاة التونسيين إلى فتح تحقيقات بصفة جدية وعاجلة في جميع الاعتداءات على القضاة والمحاكم، وتسليط أقصى العقوبات على كل من يثبت ضلوعه فيها أو تحريضه عليها. وأكدت على أن قيام أجهزة الدولة بدورها في توفير الحماية اللازمة للقضاة والمحاكم، ينعكس آلياً على حسن البت في القضايا، وحسن سير مرفق العدالة، ويكرس هيبة الدولة وضرورة احترام مؤسساتها.
وتأتي «انتفاضة القضاة» إثر تسجيل عدد من الاعتداءات في المحاكم، وعلى عدد من القضاة في الآونة الأخيرة، من بينها التشهير بأحد مساعدي وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية في العاصمة التونسية، على مواقع التواصل الاجتماعي، والاعتداء على الهيئة القضائية المنعقدة بالدائرة الجنائية في المحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس، من قبل الإرهابي التونسي عادل الغندري، وضربه أحد القضاة العسكريين بمطرقة القاضي على رأسه، علاوة على تعمد أحد المتهمين اقتحام مكتب قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالكاف (160 كيلومتراً شمال غربي العاصمة التونسية)، والاعتداء الذي طال قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالمنستير (وسط شرقي تونس).
وإثر هذه الحوادث المتكررة، دعت نقابة القضاة إلى تشكيل «شرطة قضائية»، مهمتها تأمين المحاكم، وضمان عدم اعتداء المتهمين؛ خصوصاً في القضايا الإرهابية والاغتيالات السياسية، على ممثلي العدالة.
على صعيد آخر، دعا رفيق عمارة، رئيس «مؤسسة القيروان» وهي جمعية تونسية مستقلة، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي أعلنت يوم الأربعاء الماضي عن روزنامة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تونس، إلى إعادة النظر في تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 10 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وقال إن هذا الموعد يتزامن هذه السنة مع ذكرى إحياء المولد النبوي الشريف، وهو ما قد يؤثر على احتفالات المدينة بالمولد النبوي الشريف، ويقلص من إقبال عدد مهم من الناخبين على مكاتب الاقتراع، نتيجة انشغالهم بتلك الاحتفالات.
كما أشار إلى أن «تزامن الحدثين قد يؤثر سلباً على الاستعدادات والاحتياطات الأمنية لإنجاحهما» ويمثل عائقاً لتوافد نحو 600 ألف زائر على مدينة القيروان.
وفي هذا الشأن، قال فاروق بوعسكر، عضو هيئة الانتخابات، في تصريح، إن تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية في العاشر من نوفمبر المقبل قد تم تحديده بموافقة كل الأطراف السياسية، ولم يسجل أي تحفظ بشأنه، وفي حال تغييره فإن ذلك سيؤثر على بقية روزنامة الانتخابات، من فتح باب التسجيل لخوض الانتخابات الرئاسية، والانطلاق في الحملة الانتخابية، والصمت الانتخابي، علاوة على يوم الاقتراع، وهي مواعيد محددة بآجال دستورية على حد تعبيره.
يذكر أن نبيل بافون، رئيس هيئة الانتخابات، قد أعلن عن الروزنامة النهائية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقرر إجراؤها نهاية السنة في تونس، وحدد يوم 6 أكتوبر (تشرين الأول) موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية، و10 نوفمبر لإجراء الانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى. ومن المنتظر أن تشرع هيئة الانتخابات بداية من 10 أبريل (نيسان) المقبل في عمليات التسجيل لخوض تلك الانتخابات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».