الوفد الأمني المصري يعود إلى القطاع بعد مباحثات في إسرائيل

إسرائيل تقتل فتى في غزة وتهدم منازل في الضفة

فلسطينيون يتفحصون آثار غارة إسرائيلية جنوب غزة أمس (رويترز)
فلسطينيون يتفحصون آثار غارة إسرائيلية جنوب غزة أمس (رويترز)
TT

الوفد الأمني المصري يعود إلى القطاع بعد مباحثات في إسرائيل

فلسطينيون يتفحصون آثار غارة إسرائيلية جنوب غزة أمس (رويترز)
فلسطينيون يتفحصون آثار غارة إسرائيلية جنوب غزة أمس (رويترز)

صعَّدت إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة، أمس، فقتلت فتى فلسطينياً في مواجهات بالقطاع، وهدمت منازل في الضفة الغربية، واعتقلت نحو 16 فلسطينياً، بينما وصل الوفد الأمني المصري إلى القطاع مجدداً، في محاولة لتثبيت الهدوء.
وأغارت طائرات إسرائيلية أمس مجدداً على قطاع غزة، بعد إطلاق بالونات حارقة من القطاع تجاه إسرائيل.
وقصفت طائرات حربية إسرائيلية، موقعاً للفصائل الفلسطينية بعدة صواريخ، غرب مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، فجراً، ثم أطلقت طائرة استطلاع إسرائيلية، صاروخين باتجاه نقطة رصد للمقاومة الفلسطينية شرق رفح جنوب قطاع غزة، بعد ساعات الظهر. وأدى قصف المواقع إلى تدميرها بشكل كامل.
وقالت إسرائيل إنها قصفت عدة أهداف داخل مواقع عسكرية لحركة «حماس» في قطاع غزة، رداً على إطلاق البالونات المفخخة والقذائف على جنوب إسرائيل.
وجاء في بيان أصدره الناطق بلسان الجيش، أنه «يرى بعين الخطورة الشديدة كل محاولة للمس بالمدنيين الإسرائيليين»، مؤكداً «الاستمرار بالعمل بشكل حازم، ضد هذه النشاطات الإرهابية».
ومنذ الأحد، هذه سادس مرة تشنّ فيها إسرائيل غارات جوية على أهداف في قطاع غزة، ردّاً على إطلاق بالونات حارقة من القطاع. وجاءت الغارات بعد ساعات من إعلان وفاة الطفل الفلسطيني سيف الدين عماد ناصر أبو زيد متأثراً بجروح خطيرة، أصيب بها في مواجهات ليلية يوم الأربعاء شرق مدينة غزة.
وكان أبو زيد قد أصيب برصاصة في الرأس، أطلقها عليه قناصة الاحتلال، خلال مشاركته بفعالية سلمية قرب موقع «ملكة» شرق مدينة غزة، إلى جانب 6 مواطنين أصيبوا بجروح مختلفة برصاص قوات الاحتلال، التي هاجمت المشاركين في المسيرة السلمية، ونقلوا على أثرها إلى مستشفى الشفاء لتلقي العلاج.
وقال أشرف القدرة، المتحدّث بلسان الوزارة: «استشهد الطفل سيف الدين عماد ناصر أبو زيد». ولم تعلّق متحدّثة باسم الجيش الإسرائيلي مباشرة على مقتل الفتى الفلسطيني؛ لكنّها أكّدت أنّ المئات من «مثيري الشغب»، رشقوا القوات الإسرائيلية على طول السياج الحدودي بالحجارة، وألقوا باتّجاههم عبوات متفجرة، ما اضطر الجنود للرد «وفقاً للإجراءات المتّبعة عادة».
وأشعلت التطورات في غزة مخاوف من تصعيد كبير محتمل، اليوم الجمعة، في المسيرات الأسبوعية المعروفة بمسيرات العودة.
وتجنباً لتدهور آخر، عاد الوفد الأمني المصري إلى قطاع غزة، أمس، قادماً من إسرائيل عبر معبر بيت حانون «إيرز» شمال القطاع. وهذه هي الزيارة الثانية للوفد المصري في غضون ثلاثة أيام، ضمن جولة مكوكية يقوم بها بين غزة وتل أبيب، من أجل تثبيت تهدئة سابقة، والانتقال إلى المرحلة الثانية منها.
وفوراً زار الوفد معبر رفح البري على الحدود الفلسطينية المصرية، واطلع على العمل في المعبر، قبل أن يلتقي قيادة حركة «حماس». ويفترض أن يكون مسؤول الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات المصرية، أحمد عبد الخالق، قد حمل ردوداً من إسرائيل لمناقشتها مع «حماس» حول شروط استئناف التهدئة.
وأبلغت «حماس» الوفد المصري أنه ليس لديها مصلحة في التصعيد، مطالبة بأن تلتزم إسرائيل بالتزاماتها في إطار التفاهمات التي تم التوصل إليها قبل بضعة أشهر، وتشمل سماح إسرائيل بإدخال الأموال إلى القطاع من دون ابتزاز، وتوسيع مساحة الصيد، وحل مشكلات الكهرباء، والسماح بتدفق بضائع أكثر للقطاع، ثم الانتقال للمرحلة الثانية حول إنشاء مشروعات كبيرة في القطاع، وممر مائي.
وطلبت إسرائيل وقف كل مظاهر العنف، بما في ذلك البالونات الحارقة، على أن يخضع أي تحويل للأموال لآلية رقابة، كما كان معمولاً به. وأبلغ مسؤولون إسرائيليون نظراءهم المصريين، أن أي اتفاق نهائي يشمل مشروعات اقتصادية كبيرة وممراً مائياً، يجب أن يتضمن اتفاقاً لإعادة الجنود والمواطنين الإسرائيليين في غزة.
وفي الضفة الغربية، هدم الجيش الإسرائيلي منزل الأسير عاصم البرغوثي، الذي قتل جنديين إسرائيليين، في عملية إطلاق النار بالقرب من رام الله، قبل نحو شهرين. وجاء في بيان أصدره الناطق بلسان الجيش، أن عملية الهدم نُفّذت بالتعاون مع «أفراد حرس الحدود والإدارة المدنية»، مشيراً إلى أن البيت يقع «في قرية كوبر» قرب رام الله، في الضفة الغربية. وتتهم إسرائيل البرغوثي وشقيقة صالح، بارتكاب عملية إطلاق نار أخرى، نُفّذت بالقرب من مستوطنة عوفرا، قرب رام الله، في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأدت تلك العملية إلى إصابة 7 إسرائيليين، بينهم حامل، اضطرت إلى وضع مولودها، الذي توفي بعد أيام من مولده. وأصدر الجيش الإسرائيلي مرسوماً لهدم البيتين، إلا أن عائلة البرغوثي استأنفت على ذلك لدى المحكمة العليا الإسرائيلية، التي رفض غالبية قضاتها، الاثنين، الاستئناف. وقُتل صالح برصاص جنود إسرائيليين، خلال محاولة اعتقاله، في حين اعتقل عاصم بعد مطاردة طويلة.
وفي نابلس، هدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، منزلاً من طابقين. وفي الخليل، هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ثلاث خيم، وأخطرت بهدم خيمتين أخريين بمسافر يطا، في الخليل. كما أخطرت بهدم منزلين في منطقة بير عونة في بيت جالا، في منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.