أزمة ترودو في تحقيقات فساد تعطي دفعاً للمعارضة الكندية

المحافظون يطالبون باستقالته... ويتقدمون باستطلاعات الرأي

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يواجه اتهامات تسببت بأزمة سياسية غير مسبوقة في كندا (رويترز)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يواجه اتهامات تسببت بأزمة سياسية غير مسبوقة في كندا (رويترز)
TT

أزمة ترودو في تحقيقات فساد تعطي دفعاً للمعارضة الكندية

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يواجه اتهامات تسببت بأزمة سياسية غير مسبوقة في كندا (رويترز)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يواجه اتهامات تسببت بأزمة سياسية غير مسبوقة في كندا (رويترز)

استقال حتى الآن وزيران من حكومة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، فيما يجري تحقيق برلماني وآخر جنائي من قبل الشرطة في قضايا فساد تخص رئيس الحكومة الليبرالية والمقربين منه، ومطالبات من المعارضة المحافظة باستقالة ترودو معتبرة أنه فقد شرعيته بسبب اتهامات بالفساد تدور حول علاقته بشركة كندية عملت في ليبيا خلال حقبة الزعيم الليبي معمر القذافي.
وقبل أشهر من الانتخابات التشريعية في أكتوبر (تشرين الأول)، تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة تقدّم المحافظين بشكل كبير في نوايا التصويت.
ولدى إدلائه بإفادته أمام لجنة العدل البرلمانية مساء الأربعاء-الخميس نافى جيرالد باتس، الذي عمل سابقا مستشارا لترودو أن يكون قد مارس أي ضغط على وزيرة العدل السابقة للتدخل في دعوى قضائية، وهي اتهامات تسببت بأزمة سياسية غير مسبوقة في كندا.
وقال إنه لم يكن هناك ضغط غير لائق تعرضت له وزيرة العدل والنائبة العامة السابقة جودي ويلسون - رايبولد لتتساهل في قضية فساد خاصة بشركة الهندسة والبناء «إس إن سي - لافالين». والاثنين قدمت وزير الموازنة جاين فيلبوت استقالتها التي اعتبرت الثانية لوزيرة والثالثة لعضو بين المقربين من ترودو. واستقالة فيلبوت اعتبرت ضربة قاسية لترودو كما قال الثلاثاء معلقون صحافيون كنديون.
ونفى ترودو أمس الخميس الاتهامات بالتدخل سياسيا في الإجراءات القضائية بحق الشركة. لكنه أقر أنه ناقش شخصيا القضية مع وزيرة العدل السابقة في 17 سبتمبر (أيلول) وتأثيرها المحتمل على الوظائف في مونتريال حيث دائرته الانتخابية. وأضاف: «لكن هذا الحديث لم يكن حزبيا بطبيعته»، نافيا أن تكون الوزيرة تعرضت لأي ضغوط «غير مناسبة» من قبله أو من المقربين منه.
وقال ترودو إنه بات أكثر فهما لتدهور العلاقات بين حكومته وويلسون - رايبولد جراء القضية، محملا نفسه جزءا من المسؤولية. وقال: «لم أكن على علم بهذا التراجع في مستوى الثقة. وبصفتي رئيسا للوزراء، كان يجب أن أكون على علم»، متعهدا بأداء مهامه «بشكل أفضل في المرة المقبلة». لكنه أضاف أنه كان على ويلسون - رايبولد التحدث عن مخاوفها. وقال: «لم تأت إلي، آمل لو أنها قامت بذلك».
يذكر أن «اس أن سي - لافالين» ومقرها مونتريال متهمة بدفع رشى إلى مسؤولين ليبيين في الفترة بين عامي 2001 و2011، لضمان حصولها على عقود بناء في ليبيا. وتواجه حكومة ترودو اتهامات بأنها مارست ضغوطا على ويلسون - رايبولد لتجنب الشركة الملاحقة القضائية. وتردد أنه عندما سمحت رايبولد للقضية بأن تأخذ مجراها، تم نقلها إلى وزارة أقل أهمية قبل دفعها إلى تقديم استقالتها.
وفي 18 فبراير (شباط)، استقال باتس من منصبه ليتمكن من مواجهة اتهامات الوزيرة ويلسون - رايبولد. وخلال إفادة صادمة أمام النواب أواخر فبراير، أكدت ويلسون - رايبولد أنها خضعت «لضغوطات غير ملائمة» ومتكررة ولـ«تهديدات مبطنة» من قبل محيط ترودو، ومن بينهم باتس نفسه. ووفق ما قالت، فإن الهدف من تلك الضغوطات كان إجبارها على التدخل لدى المدعين العامين ليفاوضوا على اتفاق ودي مع شركة «إس إن سي - لافالين». ومن شأن اتفاق خارج المحكمة، وهو إجراء يسمح به القضاء الكندي، أن يجنّب الشركة محاكمة مقابل دفعها لغرامة مالية. وتواصلت الإجراءات الممهدة لمحاكمة المجموعة. وفي حالة إدانتها بالفساد، تمنع «إس إن سي - لافالين» من توقيع أي عقد عام خلال عشر سنوات، ما يقوّض مستقبلها الاقتصادي.
ويقول باتس، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية والوكالة الألمانية، إن المناقشات المختلفة التي جرت بين ترودو ومحيطه والوزيرة السابقة لم تكن بهدف الضغط عليها، بل لحثها على طلب «رأي خارجي» في هذه القضية المعقدة نظراً للعواقب الاقتصادية والاجتماعية التي قد تنتج عن إدانتها جنائياً. وأكّد أمام لجنة العدل في البرلمان «عندما تكون هناك تسعة آلاف وظيفة مهددة، فالمسألة مسألة سياسة عامة ذات أهمية كبرى». وأوضح باتس «نعتقد أنه كان من الملائم منها أن تطلب الرأي المستقل لقانوني كندي خبير أو مجموعة قانونيين». وأكد أنه «فوجئ» لأن الوزيرة السابقة لم تشتك من قبل من «ضغوطات» خلال غداء جمع بينه وبين وزيرة العدل في بداية ديسمبر (كانون الأول)، وصفه بأنه كان ودياً. وتابع: «لا أرى كيف أن حديثاً مختصراً بشأن هذا الملف يمكن أن ينظر إليه كضغط».
واندلعت أزمة «إس إن سي - لافالين» بعد نشر صحيفة «غلوب آند مايل» مقالاً تحدّث عن ضغوط يتعرض لها محيطون بترودو، الذي ينفي ذلك حتى الآن. وجرى تسليم ويلسون - رايبولد وزارة المحاربين القدامى. وخلال تقديمها لإفادتها، قالت ويلسون إن تسليمها تلك الوزارة الأدنى رتبة من وزارة العدل التي كانت تتولاها بالأصل جاء عقابا لها لرفضها الخضوع «للضغوطات» في قضية «إس إن سي - لافالين». وبعد إفادة مستشاره، تتوجه الأنظار حالياً إلى ترودو نفسه، الزعيم الليبرالي الذي يواجه أخطر أزمة سياسية منذ انتخابه عام 2015.
الأزمة السياسية التي تواجهها حكومة ترودو عادت بالفائدة على المعارضة المحافظة التي أحرزت لأول مرة تقدما من 10 نقاط في نوايا التصويت بحسب استطلاع نشر الثلاثاء.
وحصل المحافظون على 40 في المائة من نوايا التصويت مقابل 31 في المائة لليبراليين بحسب دراسة لـ«غلوبال نيوز إيبسوس» قبل استقالة وزيرة الموازنة جاين فيلبوت الاثنين.
وتعتبر هذه النتيجة الأفضل بالنسبة إلى المحافظين منذ العام 2015، في حين تراجع الليبراليون ثلاث نقاط في أسبوعين، حسب «إيبسوس». وقال داريل بريكلر رئيس «إيبسوس» لـ«غلوبال نيوز»: «إنها المرة الأولى التي نرى فيها إمكانية للحزب المحافظ لتشكيل الحكومة المقبلة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».