الجيش اليمني: الحوثيون قتلوا اتفاقية السويد ونمتلك حق الرد

اتصالات مكثفة لغريفيث... والميليشيات تدفع بتعزيزات شمال الحديدة

نازحون من محافظة الحديدة في أحد المخيمات المؤقتة في محافظة حجة شمال غربي اليمن (أ.ف.ب)
نازحون من محافظة الحديدة في أحد المخيمات المؤقتة في محافظة حجة شمال غربي اليمن (أ.ف.ب)
TT

الجيش اليمني: الحوثيون قتلوا اتفاقية السويد ونمتلك حق الرد

نازحون من محافظة الحديدة في أحد المخيمات المؤقتة في محافظة حجة شمال غربي اليمن (أ.ف.ب)
نازحون من محافظة الحديدة في أحد المخيمات المؤقتة في محافظة حجة شمال غربي اليمن (أ.ف.ب)

قال الجيش اليمني، أمس، إن الميليشيات الحوثية قتلت اتفاق استوكهولم، جراء الانتهاكات والخروقات التي مارستها الميليشيات الانقلابية منذ اللحظات الأولى في 18 من سبتمبر (أيلول)، وأصبحت خارج الحسابات لعدم قدرة المجتمع الدولي فرض سيطرته على هذه الجماعة، في حين أفادت مصادر عسكرية يمنية بأن الميليشيات الحوثية واصلت التصعيد العسكري في محافظة الحديدة عن طريق القصف المتواصل على مناطق سيطرة القوات الحكومية في أنحاء متفرقة من المحافظة الساحلية، على الرغم من وجود كبير المراقبين الأمميين مايكل لوليسغارد.
وأوضح المتحدث الرسمي للجيش اليمني، العميد ركن عبده عبد الله مجلي، أن الجيش الوطني محتفظ بحق الرد في أي وقت وبحسب الحالة إلى يراها، موضحاً أن هذه الميليشيات ومن خلال التجارب المتعددة، لا تستوعب لغة الحوار، وما أخذ من الحكومة الشرعية سيسترد بالقوة.
وأشار العميد مجلي، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إلى أن الميليشيات لم تلتزم بأي بند من بنود اتفاق السويد حول الحديدة، ورمت بما جرى التوقيع عليه عرض الحائط، ولم تحترم المساعي الدولية في هذا الشأن، متسائلاً: «كيف يمكن الوثوق بمثل هذه الجماعة، وهي تقوم بكل ما تقوم به من أعمال عدوانية ضد الشعب اليمني، واستهدافها مواقع الجيش الوطني بشكل متكرر، ونتحدث بعد ذلك عن اتفاق استوكهولم؟!».
جاء ذلك في وقت أعلنت الأمم المتحدة، أن مبعوثها إلى اليمن غريفيث يجري اتصالات مكثفة مع الأطراف اليمنية ضمن مساعيه لتنفيذ اتفاق استوكهولم ومحاولة إنعاش الأمل إزاء إعادة الانتشار في الحديدة وفتح الممرات الإنسانية.
وكان غريفيث عاد أول من أمس إلى المنطقة والتقى نائب الرئيس اليمني، الفريق علي محسن الأحمر، ووزير الخارجية خالد اليماني في العاصمة السعودية الرياض، قبيل زيارة متوقعة له إلى صنعاء للقاء القيادات الحوثية.
ورفضت الجماعة الموالية لإيران الانصياع لتنفيذ الاتفاق الخاص بالانسحاب من الحديدة وموانئها وفق الخطة المقترحة من رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار وكبير المراقبين الدوليين مايكل لوليسغارد، ضمن المرحلة الأولى.
وأكد قادة الجماعة رسمياً عدم قبولهم الانسحاب الأمني من الحديدة وموانئها، على اعتبار أن اتفاق السويد نص على إعادة الانتشار العسكري، حسب زعمهم وتفسيرهم بنود الاتفاق، وهو ما ترفضه الحكومة الشرعية التي تطالب بانسحاب كل للميليشيات وإحلال قوات الأمن الشرعية محلها، مع عودة موظفي السلطة المحلية قبل 2014 إلى أعمالهم لإدارة الوضعين الإداري والمالي.
ويرجّح المراقبون للشأن اليمني، أن مساعي غريفيث واتصالاته التي يجريها قد تكون بمثابة الفرصة الأخيرة من أجل التوصل إلى حل سلمي في الحديدة، وهو ما ينسجم مع التصريحات البريطانية التي تزامنت مع زيارة وزير الخارجية جيريمي هنت إلى المنطقة ومدينة عدن.
وبحسب مصادر في الحكومة الشرعية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، اعتذر الرئيس عبد ربه منصور هادي عن مقابلة غريفيث، وأوكل إلى نائبه الفريق علي محسن الأحمر لقاءه هذه المرة بحضور مدير مكتب هادي ووزير الخارجية خالد اليماني.
وتصر الجماعة الموالية لإيران على تنفيذ انسحاب صوري من الحديدة وموانئها، في حين يبقى الوضع على ما هو عليه من وجود ميليشياتها لإدارة المدينة أمنياً وإدارياً بعيداً عن سلطة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغريك، في مؤتمر صحافي عقده بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك: «إن تركيز غريفيث مُنصبّ الآن علي دفع الطرفين لتنفيذ اتفاق الحديدة خاصة، والطرفان أعربا مراراً عن التزامهما به».
وأضاف: «نحن نريد أن نرى بنود الاتفاق وقد تمت ترجمتها إلى وقائع على الأرض؛ ولذلك فالمناقشات مستمرة بين المبعوث الخاص وكلا الطرفين».
ورداً على أسئلة الصحافيين بشأن موعد تقدم الأمين العام أنطونيو غوتيريش بتقرير إلى مجلس الأمن حول عدم تنفيذ بنود الاتفاق، أكد دوغريك، أن «الأمين العام سيقدم تقريراً لأعضاء المجلس»، لكنه لم يحدد موعداً لذلك.
وكان مجلس الأمن الدولي طلب من غريفيث والأمين العام للأمم المتحدة تقديم إحاطة دورية عن مدى التقدم في تنفيذ اتفاق السويد من الأطراف اليمنية، في وقت كانت الخارجية اليمنية طلبت من الأمم المتحدة ومبعوثها تحديد الطرف المعرقل وإخطار مجلس الأمن بذلك.
وبالعودة إلى المتحدث الرسمي للجيش اليمني الذي أوضح أن المشكلة تكمن في الصمت الدولي والأمم المتحدة التي لم تشر وبشكل واضح وصريح إلى الجانب المعرقل للعملية السلمية، بل وزادت في بحث حلول أخرى خارج نطاق اتفاق السويد، ورغم ذلك ما زالت الميليشيات تقوم بكافة الخروقات في ضرب المدنيين، والتنصل بشكل غير مباشر من هذه الاتفاقية.
ومن أبرز الخروقات التي اعترض عليها الجيش ويسعى إلى وقفها، كما يقول العميد مجلي، ما جرى رصده خلال الأيام الماضية، من دفع الميليشيات الانقلابية بتعزيزات عسكرية لمئات المقاتلين وأسلحة مختلفة إلى مدينة الحديدة، والتي دخلت من الجهة الشمالية للمدينة في ظل تواجد المنظمات الدولية، مع استمرارها وبشكل عشوائي في حفر الخنادق في أحياء المدينة كافة، وهي دلالة على أن الميليشيات لن تلتزم ببنود اتفاق السويد، ولن ترضخ إلا بالقوة العسكرية، لافتاً بأن عمليات التهريب من أبرز الموانئ في الساحل الغربي ما زالت مستمرة، ولن تتوقف الميليشيات عن هذه الأعمال ما لم يكن هناك ضغط دولي أو تحرك عسكري.
ودفع الجيش اليمني، خلال اليومين الماضيين بعزيزات عسكرية إلى عدد من الجبهات، في إشارة إلى تحرك مرتقب إن فشلت كل المساعي لإخراج الميليشيات من مدينة الحديدة، إلا أن العميد مجلي أكد أن حق الرد مكفول للجيش، وهذه التعزيزات في جبهات «صعدة، كتاف، وباقم»، وذلك بحسب الخطة العسكرية ومتطلبات الأحداث، إضافة إلى تعزيزات أخرى في مواقع مختلفة، مشدداً على أن ما كسبته الحكومة اليمنية طيلة فترة تنفيذ اتفاق الحديدة كبير في الجانب السياسي؛ إذ عرّت هذه الميليشيات وفضحتها أمام المجتمع الدولي ومن يعاونها على الانقلاب.
ولم يتطرق بشكل دقيق العميد إلى هذه التعزيزات، إلا أنه أكد أن الجيش يحقق انتصارات كبيرة في صعدة، وحرر بدعم من طيران التحالف العربي لدعم الشرعية مواقع حيوية ومهمة لها الأثر الكبير في الفترة المستقبلية، وستكون نقطة انطلاق للجيش للتقدم نحو معاقل الميليشيات الحوثية الرئيسية، إضافة إلى سرعة عملية تحرير باقي الأراضي وكسب الوقت في صالح الجيش.
وبالتزامن مع تقدم الجيش في كتاف وباقم والملاحيظ، فقد نجح في تحرير مديرية الصفراء التي تتمركز فيه الميليشيات الانقلابية، مع تقدم كبير وتحرير جبال البتيرة ومسيل الفرع المطلة على قرى وائلة، وجرت السيطرة على مركز عمليات البتيرة التي كانت الميليشيات تستخدمه في إدارة عملياتها العسكرية، موضحاً أن هذا التحرك السريع للجيش هو ما سيفقد هذه الميليشيات مقدرتها على المواجهة.
وذكرت مصادر ميدانية في مدينة الحديدة، أن الحوثيين قصفوا مستشفى «22 مايو» شرقي المدينة، كما استمروا في إطلاق الهاون والأعيرة النارية المتنوعة على مجمع إخوان ثابت الصناعي، وعلى القرى الموجودة جنوبي المدينة.
وعلى رغم سريان وقف إطلاق النار في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لم تتوقف الجماعة عن استخدام مختلف أنواع الأسلحة في مهاجمة مواقع القوات الحكومية والقرى والمساكن المدنية في حيس والتيحيتا والفازة جنوب الحديدة.
وكان مندوبو اليمن، والسعودية، والإمارات أبلغوا في رسالة مشتركة مجلس الأمن الدولي بتعنت الميليشيات الحوثية، ورأوا أن «خطوات إعادة الانتشار يجب التفاوض عليها بطريقة حذرة ومدروسة، كي تعالج بشمول كل مظاهر هذه العملية الدقيقة»؛ لأن «الإخفاق في معالجة كل المسائل الضرورية الآن سيضعف أي اتفاق يجري التوصل إليه، ويوجِد فجوات سيجري استغلالها لاحقاً من أطراف تتصرف بسوء نية».


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.