جرائم الطعن والطرود المشبوهة تطغى على اهتمامات لندن قبل أسابيع من «بريكست»

الاتحاد الأوروبي نفى التوصل إلى حل في المفاوضات

جانب من نقاش البرلمان البريطاني حول تداعيات «بريكست» في لندن أمس (أ.ف.ب)
جانب من نقاش البرلمان البريطاني حول تداعيات «بريكست» في لندن أمس (أ.ف.ب)
TT

جرائم الطعن والطرود المشبوهة تطغى على اهتمامات لندن قبل أسابيع من «بريكست»

جانب من نقاش البرلمان البريطاني حول تداعيات «بريكست» في لندن أمس (أ.ف.ب)
جانب من نقاش البرلمان البريطاني حول تداعيات «بريكست» في لندن أمس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يقترب فيه موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون إحراز الطرفين تقدماً في المفاوضات، تواجه لندن تهديدين أمنيين يهيمنان على حديث الشارع منذ أيام. الأول يتعلق بارتفاع جرائم الطعن في شوارع العاصمة، خصوصاً ضمن أوساط المراهقين، وهي ظاهرة أودت بحياة 24 شخصاً على الأقل منذ بداية السنة. أما الثاني، فيرتبط بإرسال جهة غير معروفة طروداً مفخخة استهدفت، أول من أمس، مطارَيْن ومحطة قطارات في لندن، وجامعة غلاسكو، يوم أمس.
وفيما يبقى التطور الثاني محصوراً في عدد من الحوادث سيطرت عليها قوات الأمن البريطاني قبل أن تلحق أي ضرر يُذكر، تواصل ظاهرة الطعن بالسلاح الأبيض ترهيب الشباب في لندن ومانشستر وغيرها من المدن. وتصدرت هذه المشكلة الأجندة السياسية، بعدما أظهرت الإحصاءات وصول الوفيات جراء حوادث الطعن إلى رقم قياسي العام الماضي. وارتفع عدد الضحايا في عمر 16 عاماً، ودون ذلك، في إنجلترا بمعدل 93 في المائة بين عامي 2016 و2018. فيما جرى تقليص عدد أفراد الشرطة البريطانية ومخصصاتها بمعدل كبير، بموجب إجراءات تقشفية فرضتها حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي.
وأكد مكتب رئاسة الوزراء، أمس، عقد ماي «قمة» لمواجهة تفشِّي هذه الظاهرة، والتحقيق في أسباب انتشارها. كما طالبت شرطة لندن الحكومة بتعزيز مواردها، وقالت كريسيدا ديك رئيسة جهاز الشرطة في لندن إن هناك رابطاً بارزاً بين «ارتفاع الجرائم العنيفة، وتدني أعداد الشرطة المنتشرين في شوارع البلاد».
أما وزير الداخلية البريطاني ساجد جافيد، فقال إنه ينبغي التعامل مع جرائم السلاح الأبيض كـ«آفة». وأضاف أمام البرلمان «لا سبيل لإنكار وجود هذه المشكلة... العنف الشديد يتزايد، والمجتمعات تتمزق أوصالها والأسر تفقد أطفالها».
وتقول الشرطة إن زيادة الجريمة باستخدام السكاكين في بلد يصعب فيه الحصول على سلاح ناري سببها عدد من العوامل، منها التنافس بين عصابات المخدرات، وتقليص الخدمات المقدمة للشباب والاستفزازات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
في غضون ذلك، وفيما يتعلق بـ«بريكست»، أعلن الاتحاد الأوروبي، أمس، أنه «لم يتم التوصل لحل» حتى الآن بعد المحادثات «الصعبة» مع بريطانيا، قبل أسابيع من موعد خروجها من الاتحاد في 29 مارس (آذار). وكشف كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف «بريكست»، ميشال بارنييه، ذلك بعد لقاء مع نظرائه البريطانيين في وقت متأخر من الثلاثاء، وسط جهود للتوصل إلى اتفاق خروج يوافق عليه البرلمان البريطاني.
وقال المتحدث مرغريتيس سكيناس، في مؤتمر صحافي، إن بارنييه أبلغ المفوضية الأوروبية الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، بأن المحادثات «كانت صعبة»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأبلغ بارنييه أعضاء المفوضية بأنه «لم يتم التوصل إلى أي حل في هذه المرحلة يكون متماشياً مع اتفاق الانسحاب» الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي مع رئيسة الحكومة البريطانية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأكد بارنييه أنه رغم ذلك، جرت المحادثات في «جوّ بنّاء». وجاءت تصريحاته غداة إجرائه جولة محادثات مع النائب العام البريطاني جيفري كوكس، ووزير «بريكست» ستيفن باركلي.
وتوصلت رئيسة الوزراء تيريزا ماي إلى اتفاق للخروج من الاتحاد في نوفمبر، إلا أن البرلمان البريطاني رفضه في يناير (كانون الثاني). وقبل المحادثات التي استمرّت أربع ساعات، صدرت عن الجانبين مؤشرات إيجابية، ما أحيا الآمال بإمكان حدوث تقدم. إلا أن بارنييه أكد أن الجانبين لم يحسما بعد مسألة «شبكة الأمان» الهادفة لإبقاء الحدود مفتوحة بين آيرلندا العضو في الاتحاد، ومقاطعة آيرلندا الشمالية البريطانية.
ويرى الاتحاد الأوروبي أن هذا الإجراء ضروري للحفاظ على عملية السلام في آيرلندا الشمالية، لكن لندن تخشى أن يؤدي ذلك إلى ربط بريطانيا بشكل نهائي بالاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي. وقال كوكس، أكبر محامي الحكومة البريطانية، إنه قدم «مقترحات منطقية جداً» خلال محادثات بروكسل.
وصرح لشبكة «سكاي نيوز» التلفزيونية من بروكسل أن «الجانبين تبادلا آراء قوية، وحالياً نواجه المحادثات الحقيقية. ستستأنف المحادثات قريباً». وأضاف: «إنها مفاوضات حساسة جداً، وصلنا الآن إلى صلب الأمور». لكنه قال إنه لن يكشف مضمون المحادثات، لأنها «خاصة وسرية».
ويعتبر حضور كوكس المحادثات مهمّاً، لأنه سيقدم في النهاية رأيه القانوني بشأن اتفاق «بريكست» و«شبكة الأمان» التي ستحدد ما إذا كان البرلمان البريطاني سيوافق على الاتفاق. واعتبر تحذير كوكس في السابق من أن «شبكة الأمان» قد تصبح دائمة، عاملا مهماً في عدم موافقة البرلمان على «اتفاق بريكست».
أكد بارنييه مجدداً، أمس (الأربعاء)، أنه لن تتم إعادة التفاوض حول اتفاق الانسحاب الملزم. ويقول الاتحاد الأوروبي إن «محادثات بروكسل تركز على صياغة وثيقة منفصلة لإرضاء المتشككين في لندن».
وما يثير الآمال كذلك هو تليين كثير من أنصار الخروج الصعب من الاتحاد الأوروبي في حزب المحافظين مواقفهم، بحيث تخلوا عن مطلبهم بأن يتم إدخال تغييرات على «شبكة الأمان» في معاهدة الخروج نفسها. لكن معظمهم يواصل ممارسة الضغوط لتحديد موعد لإنهاء العمل بـ«شبكة الأمان». كما شكّلوا فريقهم الخاص من المحامين للتدقيق في أي وثائق قد يعود بها كوكس من بروكسل.
وعام 2017، فعّلت بريطانيا المادة 50 من قانون الاتحاد الأوروبي لتبدأ عداً عكسياً لعامين للخروج من الاتحاد الساعة 11 مساء 29 مارس.
ويسعى الطرفان إلى تجنب الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وهو ما يمكن أن يشيع فوضى في الأسواق المالية مع فوضى على الحدود. وقد خفضت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أمس، توقعاتها لنسبة النمو في بريطانيا إلى 0.8 في المائة، مقابل 1.4 في المائة من قبل. لكن هذه النسبة لا تشمل آثار خروج بريطانيا من الاتحاد بلا اتفاق، وهو احتمال يتزايد مع اقتراب موعد «بريكست». وأكدت المنظمة: «إذا انفصلت المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، فإن الآفاق ستكون أقل بكثير» لبريطانيا التي سيخسر إجمالي ناتجها الداخلي 2 في المائة في السنتين المقبلتين مع تطبيق الرسوم الجمركية لمنظمة التجارة العالمية.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.