الميليشيات الحوثية تهاجم المنظمات الدولية... والشرعية تستنكر

TT

الميليشيات الحوثية تهاجم المنظمات الدولية... والشرعية تستنكر

ارتفعت وتيرة التهديدات الحوثية للمنظمات الدولية العاملة في اليمن خلال الأيام الماضية على لسان عدد من قادة الجماعة الذين يرجح أنهم يهدفون من وراء ذلك إلى المزيد من «ابتزاز» هذه المنظمات وتطويعها لخدمة أهدافهم الانقلابية. وكانت الجماعة الموالية لإيران أنشأت ما تسميه «الهيئة الوطنية لتنسيق شؤون الإغاثة ومواجهة الكوارث»، ومنحتها صلاحيات التحكم بعمل المنظمات الدولية الإنسانية وتحت إشراف جهازها الأمني. وبحسب تقارير أممية، يذهب أغلب الدعم الإنساني لمصلحة الجماعة وميليشياتها، فضلا عن تسخير الجماعة لجميع أنواع الدعم الأممي للحصول على شكل من أشكال الدعاية السياسية لسلطاتها الانقلابية.
وعلى مدار الأسبوع في صنعاء لا تكاد الاجتماعات الحوثية مع ممثلي البرامج الإنسانية الدولية وممثلي المنظمات الأممية تتوقف، في سياق سعي الجماعة لتعزيز قبضتها على كل أنواع المساعدات وتوجيهها لتحقيق أهدافها وخدمة المجهود الحربي.
وعلى وقع التهديدات الحوثية الجديدة استنكر وزير الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية ورئيس اللجنة العليا للإغاثة عبد الرقيب فتح، التصريحات والبيانات الصادرة من قيادات الميليشيات الحوثية الانقلابية ضد المنظمات الإغاثية الأممية والدولية التي تعمل في بلاده. واعتبر فتح، في بيان رسمي أمس، هذه التصريحات الحوثية، نوعا من أنواع من التحريض والإرهاب ضد المنظمات الإغاثية الأممية التي تقوم بواجب الدعم الإغاثي والإنساني للشعب اليمني، جراء ما يعانيه من الحرب التي قامت بها الميليشيات الحوثية المسلحة.
وقال إن «الأحرى بهذه الجماعة الانقلابية وقف عمليات النهب والاحتجاز للمساعدات الإغاثية والإنسانية والقيود أمام عمل المنظمات الإنسانية التي تقدم الخدمات للشعب اليمني الذي يعاني الأمرين جراء الحرب التي أشعلتها الجماعة في اليمن منذ ما يزيد على أربعة أعوام، والسماح بإيصال المساعدات إلى المستحقين في المناطق التي يفرضون عليها الحصار الخانق».
وأضاف فتح أن الميليشيات الانقلابية هي السبب الرئيسي والأول في جميع ما يعانيه الشعب اليمني من وضع إنساني، من خلال قيامها بفرض الحرب وقصف المدن والأحياء السكنية وتهجير الآمنين والسيطرة على المؤسسات بقوة السلاح ونهب الإيرادات، وقال إن «المزايدة التي تستخدمها الميليشيات الانقلابية للمتاجرة بالوضع الإنساني أسلوب رخيص». وأشار إلى أن «ما تقوم به الميليشيات من احتجاز ونهب للمساعدات وقصف مخازن الإغاثة في محافظة الحديدة وتفجيرها، وحرمان الملايين من المساعدات، دليل واضح للعيان على أن هذه الجماعة لا تعير أي اهتمام إنساني أو أخلاقي، أو قانوني، لفئات الشعب اليمني الذي يعاني من وضع إنساني صعب».
وجدد فتح تأكيد الحكومة الشرعية على توفير كل الدعم والتسهيلات لعمل المنظمات الدولية وترحيبها الكامل بعمل جميع المنظمات التي تسعى إلى تقديم الدعم الإغاثي والإنساني للشعب اليمني.
وحصلت الأمم المتحدة في مؤتمر دولي في 26 فبراير (شباط) الماضي في جنيف على تعهدات بقيمة 2.6 مليار دولار لتمويل خطتها للاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2019، نصفها تعهدات سعودية وإماراتية وكويتية.
وكانت الجماعة الحوثية ضيقت على العمل الإنساني ومنعت قبل أشهر إصدار تراخيص جديدة لعمل المنظمات المحلية باستثناء المنظمات التابعة لعناصرها وتحت إشرافها.
ويسيطر عدد من المنظمات الحوثية على جميع برامج الشراكة المحلية مع منظمات الأمم المتحدة لتوزيع المساعدات، وهو ما مكنها من توجيه هذا الدعم في أغلبه لمصلحة ميليشياتها وعناصرها الطائفيين بعيدا عن الفئات المستحقة.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.