نصف الناخبين في إسرائيل لم يقرروا لمن يصوتون في الانتخابات

الاستطلاعات تمنح الفوز لحزب الجنرالات... واليمين الأقدر على تشكيل الحكومة

 تحضير صناديق الاقتراع للانتخابات الإسرائيلية المزمع إقامتها في أبريل المقبل (رويترز)
تحضير صناديق الاقتراع للانتخابات الإسرائيلية المزمع إقامتها في أبريل المقبل (رويترز)
TT

نصف الناخبين في إسرائيل لم يقرروا لمن يصوتون في الانتخابات

 تحضير صناديق الاقتراع للانتخابات الإسرائيلية المزمع إقامتها في أبريل المقبل (رويترز)
تحضير صناديق الاقتراع للانتخابات الإسرائيلية المزمع إقامتها في أبريل المقبل (رويترز)

على الرغم من أن الانتخابات الإسرائيلية ستجري بعد شهر، والأحزاب تبني معركتها وفق استطلاعات تمنح الفوز لحزب الجنرالات، بقيادة بيني غانتس، على «الليكود» برئاسة بنيامين نتنياهو، فإن استطلاع رأي معمقاً أجراه «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية»، يشير إلى أن نصف عدد الناخبين ما زالوا مرتبكين ومترددين، ولم يحسموا لأي حزب أو قائمة سيصوتون.
وتبين أن التحالفات واصطفاف القوى الجديد بين عدد من الأحزاب، هو السبب في ترددهم. فكما هو معروف، تم تشكيل قائمة «كاحول - لافان» بقيادة عدة جنرالات، مثل غانتس، وهو رئيس أركان سابق للجيش، وغابي إشكنازي، رئيس الأركان السابق ومدير عام وزارة الدفاع الأسبق، وموشيه يعلون، رئيس الأركان السابق ووزير الدفاع الأسبق، الذين تحالفوا مع حزب «يوجد مستقبل»، برئاسة النجم الإعلامي يائير لبيد. كما تم تشكيل تحالف آخر بين أحزاب اليمين المتطرف، ضمّ حزب «عظمة يهودية» بقيادة عناصر من حزب «كهانا» الإرهابي، وتفككت «القائمة المشتركة» لتخوض الأحزاب العربية الانتخابات في قائمتين؛ الأولى تضم الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة العربية للتغيير، برئاسة أيمن عودة وأحمد الطيبي، والحركة الإسلامية، وحزب التجمع الوطني، برئاسة منصور عباس ومطانس شحادة. وقد أحدثت هذه التحالفات ارتباكاً لدى البعض، ونشرت الإحباط في صفوف الناخبين العرب من فلسطينيّي 48.
وقال 56 في المائة منهم، إن هذه التغيرات تؤثر على قرارهم. وحدث الارتباك الأكبر بين ناخبي أحزاب الوسط - يسار. وقال 67 في المائة من ناخبي أحزاب الوسط، و52 في المائة من ناخبي اليسار، و48 في المائة من ناخبي اليمين، إنهم مترددون حيال الحزب الذي سيصوتون له. ورأى نصف الناخبين تقريباً أن سياسة الحكومة التي ستتشكل بعد الانتخابات لن تتغير عن سياسة الحكومات السابقة، خاصة في السياسة الخارجية والأمن تجاه الفلسطينيين، أو الموضوعات الاجتماعية - الاقتصادية. وهذا بحد ذاته يتسبب في تعميق وزيادة التردد.
ووفقاً لهذا الاستطلاع، فإن الموضوع الأهم بالنسبة لربع عدد الناخبين الذين حسموا أمرهم وقرروا لمن سيصوتون، هو موقف الأحزاب من القضايا الاجتماعية - الاقتصادية. وقال 18 في المائة من المستطلعين، إنهم سيصوتون وفقاً لهوية رئيس الحزب. وقال 16.5 في المائة، إن السياسة الخارجية والأمن ستشكل اعتباراً أساسياً في تصويتهم. وأشار 10 في المائة إلى أن تصويتهم مقرون بتركيبة قائمة المرشحين للحزب. واعتبر 6.5 في المائة أنهم سيصوتون وفقاً لنشاط الحزب في الدورة الأخيرة للكنيست.
وأما الذين لم يحسموا الأمر، فقد قال 30 في المائة، إن الأمر الذي سيحسم الانتخابات عندهم هو الوضع الأمني، بينما رأى 22 في المائة أن غلاء المعيشة والسكن هو الذي سيحسم، واعتبر 19 في المائة أن ما سيحسم الانتخابات هي التحقيقات ضد نتنياهو.
وما زالت استطلاعات الرأي التي تنشرها وسائل الإعلام المختلفة تشير إلى أن حزب الجنرالات سيحقق الفوز على حزب الليكود بالنتيجة 36 مقابل 30 مقعداً. وتدل هذه النتيجة على ثبات معين للطرفين، وعلى أن القاعدة الشعبية لنتنياهو لم تتأثر من الاتهامات له بالفساد، وأن غانتس لم ينجح بعد في نقل كمية كبيرة من مصوتي اليمين. وأظهر استطلاع للرأي أجرته القناة «12» الإسرائيلية، مساء الثلاثاء، واستطلاع رأي آخر نشرته صحيفة «هآرتس»، أمس (الأربعاء)، النتيجة نفسها تقريباً. فغانتس سيحصل على 36 مقعداً، ونتنياهو على 30. وهذا يعني أن رئيس الدولة سيُلقي على غانتس مهمة تشكيل الحكومة القادمة، في حال بقيت النتيجة كما هي على هذا النحو. ولكن النتيجة تُظهر أيضاً أن غانتس سيواجه صعوبات جمة في طريق تشكيل الحكومة، لأن أحزاب اليمين تعهدت بدعم نتنياهو سلفاً. وإذا أصروا على تعهدهم بعد الانتخابات، فإن غانتس سيفشل في تشكيل الحكومة، ولو حصل معسكر اليمين على أقلية. والسبب أن غانتس سيحتاج إلى أصوات النواب العرب. وهؤلاء منقسمون على أنفسهم. فبعضهم يعتبر دعم الحكومة، أي حكومة، خيانة. وحسب الاستطلاعات، سيحصل تحالف عودة - الطيبي على 8 - 9 مقاعد، وتحالف عباس - شحادة على 4 مقاعد. فإذا لم يدعموا جميعاً ائتلافاً بقيادة غانتس، فإن نتنياهو سيصبح صاحب الفرصة الكبرى لتشكيل الحكومة. وسينتقل زمام المهمة إليه من جديد.
ونتنياهو أيضاً سيواجه مشكلة، لأن الاستطلاعات تعطي معسكر اليمين 59 - 60 مقعداً. وبالإضافة إلى مشكلته في لائحة اتهام بالفساد، سيواجه نتنياهو مشكلة أخرى مع حلفائه المتطرفين، عندما يطرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خطته للتسوية السلمية المعروفة باسم «صفقة القرن». فجميع الأحزاب المصطفة إلى يمين نتنياهو، مثل «البيت اليهودي» (وهو تكتل يضم 3 أحزاب) و«اليمين الجديد» ترفض هذه الصفقة من الآن.
وعملياً، إن لم يكن الائتلاف الحكومي هشاً، فإنه سيكون مستحيلاً. وعليه، يرجح أن تقوم حكومة وحدة بين نتنياهو وغانتس، مثلما حصل عدة مرات في التاريخ الإسرائيلي، حكومات إسحاق شامير وشمعون بيريز في الثمانينات، وحكومة إيهود أولمرت وإيهود باراك.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».