هل شاهدتم مقطع الفيديو القديم الذي يظهر فيه المدير الفني الإنجليزي المخضرم هاري ريدناب وهو يشارك في جلسة أسئلة وأجوبة في نادي وستهام يونايتد ويتلقى انتقادات عنيفة من أحد الحاضرين من الجمهور، والذي كان يبدو أنه يشك في وجود نوع من الوساطة والمحسوبية في اختيارات اللاعبين بنادي وستهام يونايتد وأن الأمور قد أسيء استخدامها على نحو كبير.
يبدو أن هذا الشخص الغاضب لم يهتم عندما قال ريدناب إن اللاعب الشاب البالغ من العمر 18 عاماً والذي كان يجلس إلى يمينه سوف يصل إلى «القمة بسرعة كبيرة». وكان هذا اللاعب الشاب هو فرانك لامبارد. لكن هذا الشخص الغاضب رد قائلاً: «إنه ليس جيداً بما فيه الكفاية»، وكان يريد أن يعرف ما إذا كان لامبارد يشارك في المباريات لأنه ابن اخت ريدناب أم لا، ولماذا تم تصعيد ابن أخت ريدناب بهذه السرعة الكبيرة للفريق الأول بالنادي في الوقت الذي تخلى فيه وستهام عن خدمات لاعب كبير مثل سكوت كانهام بمقابل مادي زهيد؟.
وكان كانهام قد انضم إلى برينتفورد وواصل اللعب مع ليتون أورينت، وتشيشام يونايتد، ووكينغ، وفارنبورو، وغرايز أثليتيك، وثوروك، قبل أن يعتزل كرة القدم وهو في الثانية والثلاثين من عمره، لكي يبدأ العمل في مجال إصلاح السيارات. أما بالنسبة لفرانك لامبارد، فنحن نعلم جميعاً كيف كانت مسيرته الكروية بعد ذلك.
من السهل الآن أن يسخر البعض من رأي هذا المشجع الغاضب، نظراً لأننا رأينا كيف سارت الأمور بعد ذلك وإلى أي مدى وصل النجم الإنجليزي الكبير فرانك لامبارد. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل كان من الغريب حقاً أن يشك هذا الرجل في تصعيد فرانك لامبارد إلى الفريق الأول لنادي وستهام يونايتد بسبب قرابته العائلية من المدير الفني للنادي؟.
في البداية، يجب أن نعترف بأن الكثير من الأمور في عالم كرة القدم تسير بهذه الطريقة. وفي بعض الأحيان، كما كان الحال مع لامبارد، تسير الأمور بشكل منطقي وطبيعي، لكن في حالات أخرى لا تكون الأمور كذلك، والدليل على ذلك أن المدير الفني الإيطالي روبرتو مانشيني كان يعتقد بكل قوة أن ابنه، أندريا، قادر على لعب دور كبير مع نادي مانشستر سيتي عندما تعاقد معه في عام 2010. لكن أندريا الآن يلعب مع نادي فرانكافيلا كاشيو 1927 بدوري الدرجة الرابعة في إيطاليا!.
ومن بين جميع اللاعبين الذين تعامل معهم المدير الفني الويلزي المخضرم توني بوليس على مدار مسيرته التدريبية الممتدة على مدار أكثر من 27 عاماً، لم يتعاقد سوى مع لاعب واحد فقط في ثلاثة أندية من الأندية التي تولى تدريبها، ولم يكن من قبيل الصدفة بالطبع أن يكون هذا اللاعب هو ابنه!.
وقد جلب توني بوليس نجله، أنتوني، كمتدرب في نادي بورتسموث، قبل أن يشركه كبديل في إحدى المباريات في الدقيقة الأخيرة، ثم تعاقد معه مرة أخرى مع نادي ستوك سيتي عام 2004. وعندما أقيل بوليس من منصبه كمدير فني لنادي ستوك سيتي وانتقل للعمل في نادي بلايموث تعاقد مع نجله للمرة الثالثة، وكان ذلك على سبيل الإعارة.
وعندما عاد بوليس لنادي ستوك سيتي في فترة ولايته الثانية وقع عقداً جديداً مع نجله، الذي لم يشارك سوى في مبارتين فقط خلال المواسم الأربعة التي قضاها في ستوك، قبل أن يتجه للعب في الدوريات الأدنى في إنجلترا، وظهر في نهاية المطاف بقميص أورلاندو سيتي الأميركي، الذي يرتبط باتفاقية شراكة مع نادي ستوك سيتي.
إنه أمر يحدث في جميع مناحي الحياة، وليس كرة القدم وحدها. وكتب نورمان تشاد في صحيفة واشنطن بوست يقول: «المهارة يمكن أن تساعدك على قطع مشوار طويل، لكن لا شيء يفوق تعيينك في منصبك من قبل والدك».
وبشكل مثير للدهشة، اكتشف تشاد أن نحو ربع المديرين الفنيين لأندية الدوري الأميركي الممتاز لكرة القدم في ذلك الوقت قد عينوا أبناءهم في وظائف مرموقة بقطاع التدريب. ووصل الأمر لدرجة أن نادي «سياتل سيهوكس» قد خلق منصبين لابني المدير الفني للنادي بيب كارول، وهما نات وبرينان. وعلاوة على ذلك، قام بيل بيليشيك بتعيين ابنه، ستيف، مساعداً له في نادي نيو إنغلاند باتريوتس. وتولى ستيف هذا المنصب وهو في الرابعة والعشرين من عمره وكانت جميع مؤهلاته في عالم الرياضة تتلخص في خوضه لبعض المباريات في جامعة روتجرز.
ولا يوجد أدنى شك في أن هذه المحسوبية تساعد في إثراء الكثيرين في عالم كرة القدم، ولكي ندرك ذلك يتعين علينا أن نلقي نظرة على عدد وكلاء اللاعبين الذين عادة ما يكونوا من أبناء المديرين الفنيين أو كبار الشخصيات البارزة في مجالس إدارات الأندية، والذين حققوا مكاسب مالية طائلة من وراء ذلك، ناهيك عن بعض العلاقات الأخرى المشبوهة في عالم كرة القدم.
فعلى سبيل المثال، ما هي مؤهلات ديفيد شارب لكي يتولى منصب رئيس نادي ويغان أثلتيك في عام 2015 وهو لا يزال في الثالثة والعشرين من عمره؟ الإجابة تكمن بكل تأكيد في أن جده هو مالك النادي ديف ويلان. وكان شارب في البداية مسؤولاً عن مطعم لأسماك وشرائح البطاطس تمتلكه العائلة، قبل أن يغلق المطعم أبوابه بسبب ضعف الإقبال عليه، وهو الأمر الذي كلف ويلان 1.3 مليون جنيه إسترليني. وبعد ذلك، قام ويلان بتعيين شارب رئيساً لنادي ويغان، لكن السؤال الآن هو: كم شخص يبلغ من العمر 23 عاماً أتيحت له فرصة ترؤس نادٍ يلعب في دوري الدرجة الأولى في إنجلترا؟.
وربما كان الشيء الأكثر إثارة للحيرة والدهشة هو قصة تعيين بيلي ديفيز مديراً فنياً لنادي نوتنغهام فورست في عام 2013. وسماح مالك النادي في ذلك الوقت، فواز الحساوي، لمستشار المدير الفني الأسكوتلندي، جيم برايس، بأن يتولى منصب المدير العام للنادي ويتولى كافة الأمور الإدارية اليومية بالنادي كجزء من مهام عمله.
وكان برايس، وهو ابن عم المدير الفني، يعمل محامياً سابقاً في مكتب «روس هاربر» للمحاماة في غلاسجو، لكنه أوقف عن العمل من جانب جمعية القانون في أسكوتلندا كجزء من تحقيقات استمرت خمس سنوات في المخالفات المالية المزعومة التي أدت إلى إغلاق مكتب المحاماة، وبالتالي تمت إدانته بتهمة سوء السلوك المهني وشطب من عمله في عام 2017. وربما لم يكن غريباً ألا يعمل برايس في مجال كرة القدم مرة أخرى منذ ذلك الحين.
ومع ذلك، أتخيل أن ديفيز كان محظوظاً للغاية أيضاً بوجود أحد أفراد عائلته على مقربة منه، والدليل على ذلك أنه في ظل العديد من الأحداث الغريبة التي شهدها نوتنغهام فورست في ذلك الوقت، فقد وقع فورست على عقد جديد بمقابل مادي كبير مع النادي رغم أنه كان لا يزال في أول ثمانية أشهر من عقده الممتد لثلاثة أعوام ونصف العام.
وفي موضوع مختلف، ربما تكونوا قد شاهدتم عناوين الأخبار التي ربطت في الآونة الأخيرة وكيل أعمال اللاعبين جيمس وارنوك بنادي كارديف سيتي. لكن ما هي طبيعة هذه العلاقة؟ في الحقيقة، لقد كانت علاقة وثيقة للغاية، حيث إن جيمس، وهو ممثل لهيئة «يونيك سبورتس مانجيمنت»، مُدرج من قبل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بأنه متورط بشكل مباشر في الصفقات المتعلقة بالنادي الذي يتولى والده تدريبه.
ومن المؤكد أن هيئة «يونيك سبورتس مانجيمنت» تقوم بعمل جيد مع نادي كارديف، والدليل على ذلك أنها أجرت ستة تعاملات مالية مع النادي خلال الفترة بين فبراير (شباط) 2017 ويناير (كانون الثاني) 2018، حتى عندما لم يكن نجل وارنوك متورطاً في أي تعاملات. لكن النقطة التي يجب الإشارة إليها هنا تتمثل في أن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لديه قواعد، بموجب القسم الخاص بلوائح العمل مع الوسطاء، تنص على أنه لا ينبغي على الأندية ووكلاء اللاعبين القيام بأعمال تجارية مع بعضها بعضاً إذا كانت هناك صلة عائلية.
لكن هل يطبق الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم هذه القواعد واللوائح بطريقة صارمة؟ هذا هو السؤال الذي يجب الإجابة عليه، لأننا لو نظرنا إلى ما حدث في السابق سنجد أن إقرار هذه القوانين واللوائح لم يغير من الأمر شيئاً. وأود هنا أن أذكر بجزء من المقالة التي نشرت في صحيفة الـ«غارديان» في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2006. والذي كان يقول: «ستوسع اللوائح الجديدة القواعد الحالية التي تحدد (تضارب المصالح) لكي تمنع تكرار الوضع الذي سمح لديفيد أونسوورث، الذي قامت شركة الرعاية الخاصة به (إتش إن سبورتس» بتعيين جيمس وارنوك، نجل المدير الفني لنادي شيفيلد يونايتد نيل وارنوك، بالتعاقد مع النادي». إذن، كيف حدث ذلك بعد كل هذا؟.
هذا لا يعني ضمناً ارتكاب أي أخطاء بالطبع، لكن ربما كان من الممكن أن يكون الأمر أفضل وأكثر شفافية لو فعل كارديف سيتي مع وارنوك ما فعله مانستر يونايتد مع السير أليكس فيرغسون ونجله، جيسون، الذي كان يعمل وكيل أعمال لـ13 لاعباً من لاعبي مانشستر يونايتد من بين العديد من اللاعبين الآخرين، حيث أعلن يونايتد أنه لن يدير العمل بهذه الطريقة بعد الآن.
وبالمثل، يود الجميع معرفة ما الذي دفع كارديف سيتي في شهر يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، بعد الصعود للدوري الإنجليزي الممتاز، للتعاقد مع اللاعبين التوأم بول وجاك مكاي، اللذين كانا مغمورين في ذلك الوقت وكانت مسيرتهما الكروية تسير بشكل بطيء وسيء للغاية، على أقل تقدير.
لكن إذا ما نظرنا إلى الاسم جيداً سنكتشف أنهما نجلا ويلي مكاي، وهو وكيل أعمال بارز تعمل معظم أندية كرة القدم على إرضائه، وهو جزء من الشبكة المعقدة لوكلاء الأعمال، جنباً إلى جنب مع ابنه الآخر مارك، في صفقة انتقال اللاعب الأرجنتيني الراحل إيميليانو سالا إلى كارديف سيتي.
وقد لعب بول وجاك سوياً في السابق مع نادي دونكاستر روفرز، حيث حصل ويلي لنفسه على منصب مستشار حصري لمدة عامين للأمور المتعلقة بصفقات انتقالات اللاعبين، كما لعبا لبعض الوقت أيضاً في نادي ليدز يونايتد عندما كان ستيف إيفانز يتولى القيادة الفنية للفريق.
وفي كلتا الحالتين، من الإنصاف أن نقول إنهما كانا أقل من المستوى المطلوب، وانتقلا على سبيل الإعارة لأندية مثل إلكيستون تاون وغينسبوروا ترينتي وأيردرينيانس. إنهما الآن في الثانية والعشرين من العمر، ويلعب أحدهما على سبيل الإعارة في نادي تشيسترفيلد، في حين يلعب الآخر مع نادي موركامب. لكننا على أي حال لا نتخيل حقيقة أن أياً منهما لم يلعب ولو دقيقة واحدة مع الفريق الأول بنادي كارديف سيتي الذي تعاقد مع كل منهما بعقود مغرية لمدة عامين ونصف العام في خضم صراع النادي من أجل الصعود للدوري الإنجليزي الممتاز.
كل ذلك يذكرنا بقصة مايلز أندرسون، الذي انتقل لمدة عامين لنادي بلاكبيرن روفرز عندما كان يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز بينما كان والده، جيروم، يعمل مستشاراً لملاك النادي الهنود.
ولم يكن أندرسون قد شارك سوى في مباراة واحدة للمحترفين، لمدة دقيقتين فقط، بديلاً مع نادي أبردين. ومع ذلك، قال ستيف كين، وكيل أعمال جيروم أندرسون: «إننا بانتظار رؤية نسخة جديدة من اللاعب كريس سمولينغ»، لكن أندرسون لم يلعب ولا دقيقة واحدة مع نادي بلاكبيرن روفرز، الذي أنهى عقده بعد 16 شهراً. كل هذه الأمور تشير إلى أن كرة القدم ليست لعبة ممتعة ومثيرة فحسب، لكنها تنطوي على الكثير من المحسوبية والوساطة والأعمال المشبوهة.
المحسوبية والوساطة والأعمال المشبوهة في عالم كرة القدم
المديرون الفنيون يتعاقدون مع أبنائهم كلاعبين والأندية تتعامل مع وكلاء سيئي السمعة
المحسوبية والوساطة والأعمال المشبوهة في عالم كرة القدم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة