الجيش الجزائري: سنكون حارساً أميناً لمصلحة الوطن العليا

صحيفة سويسرية أكدت أن بوتفليقة يعاني من مشكلات في التنفس والأعصاب

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة (إ.ب.أ)
TT

الجيش الجزائري: سنكون حارساً أميناً لمصلحة الوطن العليا

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة (إ.ب.أ)

قال نائب وزير الدفاع الجزائري، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح، إن إدراك الجيش لخبايا وأبعاد ما يجري حولنا، سيجعله في غاية الفطنة والتيقظ وسيكون دوما، حارسا أمينا للمصلحة العليا للوطن وفقا للدستور ولقوانين الجمهورية، حسب ما أفاد بيان لوزارة الدفاع الجزائرية اليوم (الأربعاء).
والبيان هو الثاني للجيش الجزائري خلال 24 ساعة، إذ تعهد الفريق قايد صالح أمس (الثلاثاء) بأن يبقى الجيش «ماسكاً بزمام الأمور ومقاليد إرساء الأمن والاستقرار»، مضيفا أن «أطرافاً يزعجهم أن يروا الجزائر آمنة ومستقرة بل يريدون أن يعودوا بها إلى سنوات الألمن وسنوات الجمر».
وقال الفريق قايد صالح خلال اللقاء الذي ترأسه أمس الثلاثاء بالأكاديمية العسكرية لشرشال «الرئيس الراحل هواري بومدين»: «تأكدوا أن الجيش الوطني الشعبي، الذي يعي جيدا التعقيدات الأمنية التي تعيشها بعض البلدان في محيطنا الجغرافي القريب والبعيد، ويدرك خبايا وأبعاد ما يجري حولنا، وما يمثله ذلك من أخطار وتهديدات على بلادنا التي تبقى دوما مستهدفة من أعدائها لأنها محسودة على نعمة الأمن التي يتمتع بها شعبها، قلت إن إدراك الجيش الوطني الشعبي لكل ذلك، سيجعله في غاية الفطنة والتيقظ وسيكون دوما، حارسا أمينا للمصلحة العليا للوطن وفقا للدستور ولقوانين الجمهورية، وسيعرف، بفضل الله تعالى وعونه، كيف يكون في مستوى المسؤولية المطالب بتحملها في كافة الظروف والأحوال، فالجميع يعلم أن الجزائر قوية بشعبها وآمنة بجيشها».
وجدد رئيس أركان الجيش الجزائري التأكيد على أن "الجزائر على أعتاب استحقاق وطني مهم، والجميع يعلم بأننا قد التزمنا في الجيش الوطني الشعبي، وكافة الأسلاك الأمنية الأخرى كل الالتزام، بأن نوفر له وللجزائر كل الظروف الآمنة، بما يكفل تمكين شعبنا من ممارسة حقه وأداء واجبه الانتخابي في كنف الأمن والسكينة والاستقرار، وتلكم مسؤولية وطنية جسيمة لا بد أن يتحملها الجميع».
ونوّه الفريق قايد صالح بقوة الرابطة التي تشد الشعب الجزائري بجيشه وبأنها «تشد على أيدينا وتشجعنا أكثر فأكثر على المضي قدما بعزيمة وهمة في سبيل حفظ رسالة نوفمبر الخالدة، وصيانة وديعة الشهداء الأمجاد، الذين نحن مدينون لهم بالتذكر والترحم وبالوفاء بالعهد، سواء الذين فدوا الجزائر بالأمس بدمائهم الزكية واشتروا حرية هذا الوطن بأرواحهم الطاهرة، أو الذين قدموا أنفسهم ودماءهم الزكية من أجل أمن الجزائر واستقرارها استجابة لنداء الواجب الوطني".
وفي سياق متصل، أفادت وسائل إعلام سويسرية اليوم بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يعاني من مشكلات في التنفس والأعصاب.
ونقلت صحيفة «لا تريبون دو جنيف»، معلومات تفيد بأن حياة الرئيس الجزائري تواجه «تهديدا مستمرا»، نظراً لأن جهازه التنفسي «تدهور بشكل ملموس»، ويتطلب رعاية متواصلة. وأضافت أن «ما يعاني منه بوتفليقة اليوم ناتج عن عمره المتقدم وعن السكتة الدماغية التي تعرض لها قبل سنوات، مما انعكس سلبا على وظائف جهازه العصبي».
إلى ذلك، قال قدامى المحاربين الجزائريين إن مطالبة المحتجين بأن يترك الرئيس بوتفليقة منصبه بعد أن أمضى 20 عاماً في السلطة، تقوم على «اعتبارات مشروعة»، وحثّوا جميع المواطنين على التظاهر.
وخرج عشرات الآلاف إلى الشوارع في أنحاء الجزائر في أكبر احتجاجات منذ عام 2011، مطالبين بألا يخوض الرئيس بوتفليقة (82 عاماً) الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 18 أبريل (نيسان) المقبل. لكنه قدم أوراق ترشحه يوم الأحد الماضي.
وانضم بعض المسؤولين من «حزب جبهة التحرير الوطني» الحاكم إلى المتظاهرين. وأعلنت شخصيات عامة استقالاتها في بلد يجري فيه عادة تغيير المسؤولين خلف الأبواب المغلقة.
ولم تلقَ دعوة مجهولة المصدر لإضراب عام آذاناً صاغية إلى حد بعيد، لكن القيادة تواجه اختباراً آخر: دعوة على الإنترنت إلى «مسيرة العشرين مليوناً» يوم الجمعة المقبل.
وكان الرئيس، الذي يبلغ من العمر 82 عاماً والذي يتولى المنصب منذ 1999، قد قال يوم الأحد الماضي إنه سيترشح في انتخابات 18 أبريل المقبل لكن سيدعو لانتخابات مبكرة لإيجاد خلف له، كما تعهد أيضاً بإعداد دستور جديد يُزكّيه الشعب الجزائري عن طريق الاستفتاء.
ولم يظهر بوتفليقة في أي مناسبة عامة منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2013، ولا يزال في مستشفى بجنيف لإجراء فحوص طبية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.