وزارات غزة مدمرة وموظفوها بلا رواتب

العاملون في القطاعين الصحي والأمني فقط زاولوا أعمالهم خلال العدوان

موظفو وزارة الداخلية يواصلون مزاولة أعمالهم خلال العدوان الإسرائيلي على غزة («الشرق الأوسط»)
موظفو وزارة الداخلية يواصلون مزاولة أعمالهم خلال العدوان الإسرائيلي على غزة («الشرق الأوسط»)
TT

وزارات غزة مدمرة وموظفوها بلا رواتب

موظفو وزارة الداخلية يواصلون مزاولة أعمالهم خلال العدوان الإسرائيلي على غزة («الشرق الأوسط»)
موظفو وزارة الداخلية يواصلون مزاولة أعمالهم خلال العدوان الإسرائيلي على غزة («الشرق الأوسط»)

لم تستثنِ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أيا من الأهداف حتى إنها طالت عددا من مقرات الوزارات المدنية كما طالت المباني الأمنية لوزارة الداخلية ومراكز الأمن والشرطة المختلفة ودمرتها بشكل كامل كما طالت المستشفيات الحكومية بشكل مباشر في أكثر من غارة وألحقت بها أضرارا فادحة حتى اضطرت بعضها للإغلاق قبل أن تعاود فتحها لاحقا خلال فترة التهدئة. ولم يستطع موظفو الحكومة الوصول إلى مقرات وزاراتهم طيلة الحرب وخلال الهدن الإنسانية التي أعلن عنها عدة مرات، باستثناء موظفي القطاع الصحي وأفراد الأمن الذين واصلوا تنفيذ مهامهم المطلوبة منهم قدر المستطاع.
فادي الحميداوي، واحد من بين عشرات آلاف الموظفين الذين كانوا يعملون تحت سيادة حكومة حركة حماس سابقا قبل أن يُعلن عن اتفاق المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة توافق وطني. وما زال ينتظر كغيره قرارات تتعلق بوضعهم الحالي بعد أن فقدوا الأمل في أن تعترف بهم الحكومة الجديدة كموظفين رسميين في ظل الجدال الذي كان دائرا بين حركتي فتح وحماس قبيل العدوان الإسرائيلي.
ويقول الحميداوي الذي يعمل في وزارة العمل في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه حتى قبل يوم واحد من الحرب الإسرائيلية التي انطلقت في الثامن من يوليو (تموز) الماضي، كان الموظفون يواصلون الدوام في الوزارات ويقدمون خدماتهم للمواطنين بشكل اعتيادي ولكن مع بدء الحرب لم يتمكن أي موظف من مغادرة منزله، وانشغلوا بأوضاع أسرهم. ويضيف: «لم تتح الفرصة لنا للتوجه إلى دوائرنا حتى خلال الهدن التي كان يعلن عنها».
وأشار إلى أنه مع بدء الهدنة، التي أعلن عنها أخيرا لمدة خمسة أيام تنتهي فجر يوم غد (الثلاثاء)، توجه بعض المديرون العامون في الوزارات لتفقد مبان ومقرات تتبع الوزارات ولكن لم يصدر قرار مباشر بالعودة إلى الدوام. وأشار إلى أنه في حال جرى التوصل لاتفاق تهدئة أو استمر الهدوء فإن الوزارات ربما تعود للعمل خلال أيام قليلة جدا وأن الموظفين ينتظرون قرارا رسميا بذلك.
وشكلت وزارتا الشؤون الاجتماعية والعمل بالتنسيق مع وزارة الأشغال والإسكان خلال الحرب فريقا مخصصا وموحدا لتقديم الخدمات الممكنة للمشردين من منازلهم وإحصاء المنازل المدمرة ونسقت تلك اللجنة مع جهات غير حكومية لتقديم المعونات والمساعدات للمواطنين.
وقال مسؤول حكومي في غزة لـ«الشرق الأوسط» إن عدد مقرات الوزارات التي دمرها الاحتلال خلال الحرب وصل إلى أكثر من 14 مقرا، مشيرا إلى أن ذلك لا يشمل مراكز الشرطة وبعض مراكز الأجهزة الأمنية بل فقط الوزارات المدنية التي تقدم خدماتها للمواطنين.
وذكر المسؤول، الذي فضل حجب هويته لحساسية موقفه بعد تشكيل حكومة الوفاق ومنعهم من التصريح لوسائل الإعلام، أن كثيرا من الموظفين فقدوا حياتهم خلال الحرب وبعضهم فقد عائلاته وأقربائه أو منزله. وبين أن قرار إعادة الدوام مرتبط بتقرير مصير الموظفين في ظل الجدال الذي كان قائما بشأن تسوية أوضاعهم ومرتبط أيضا بفتح مقرات جديدة بدلا من المدمرة.
وعقد نائب رئيس الحكومة الجديدة زياد أبو عمرو، الذي يزور قطاع غزة منذ أيام، ظهر السبت الماضي، اجتماعا مع وكلاء ومسؤولي الوزارات الحكومية التي كانت تعمل تحت سيادة حكومة حماس سابقا، واستمع إليهم ووعد بأن تحل جميع الملفات العالقة بشأن التنسيق بين الوزارات في غزة ورام الله وتثبيت الموظفين وتسليمهم الرواتب في أقرب فرصة.
واستغلت وزارة الداخلية - الشق المدني، الهدنة المستمرة منذ يوم الأربعاء الماضي للإعلان عن إعادة فتح مكاتبها في كافة محافظات قطاع غزة لاستقبال معاملات المواطنين خاصة تلك المتعلقة بتسجيل المواليد الجدد وإصدار الأوراق الثبوتية التي فقدها المواطنون خلال الحرب، مشيرة إلى أنها ستغلق مكاتبها مع انتهاء الهدنة المعلنة.
وعلى الرغم من تدمير مراكز الشرطة وبعض مقرات الأجهزة الأمنية الأخرى، واصل أفراد الأمن تنفيذ مهامهم المنوطة بهم. وقال الناطق باسم الشرطة في غزة أيمن البطنيجي لـ«الشرق الأوسط» إن أفراد الشرطة ومختلف الأجهزة الأمنية لم يغادروا مواقعهم التي حددت لهم سابقا للبقاء فيها للحفاظ على الأمن ومراقبة المقرات الأمنية عن بُعد. وأشار إلى «اعتماد خطة متكاملة قبيل العدوان للسيطرة على الأمن في القطاع وقد نجحت بالفعل طيلة الحرب وبسط أفراد الشرطة والأمن سيادتهم». وأضاف: «على الرغم من أن هؤلاء الموظفين لم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر طويلة فإنهم واصلوا أداء المهمة التي أوكلوا بها وتفانوا من أجل تقديم واجبهم وخدمة شعبهم».
وبذلت الطواقم الطبية في القطاع الصحي بغزة، جهودا وصفها الناطق باسم الوزارة أشرف القدرة بـ«الجبارة». وقال إن «الممرضين والموظفين في الوزارة تفانوا جميعا من أجل تقديم خدماتهم الطبية للمواطنين وخاصة لجرحى الهجمات الإسرائيلية».
وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الآلاف من الموظفين كما باقي موظفي الحكومة بغزة لم يتلقوا رواتبهم منذ أربعة أشهر وأنهم كانوا يتلقون سلف مالية تصل لألف شيقل أي ما يعادل 300 دولار فقط في حين تصل رواتبهم الأساسية إلى أكثر من 2000 شيقل أي ما يعادل 600 دولار فأكثر وفقا للدرجة الإدارية للموظف.
ولفت إلى أن الطواقم الطبية تعرضت للاستهداف المتكرر من قبل الاحتلال كما تعرضت المستشفيات لعدة هجمات متعمدة منها مستشفى بيت حانون الحكومي ومستشفى الدرة ومستشفى شهداء الأقصى ومستشفى أبو يوسف النجار وقد أغلقت بعض تلك المستشفيات لأيام طويلة قبل أن تعود للعمل بعد الحصول على ضمانات من الصليب الأحمر بعدم استهدافها مجددا.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».